مرايا – عقد منتدى الاستراتيجيات الأردني جلسة حوارية بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، لإطلاق ورقة سياسات حول “الاستجابة الوطنية للحماية الاجتماعية في الأردن خلال جائحة كورونا”، حيث ضمت الجلسة ممثلين عن القطاع العام وأعضاء المنتدى من القطاع الخاص بالإضافة إلى ممثلين عن المنظمات الدولية.

وأشار مدير الأبحاث والدراسات في المنتدى غسان أومت، الى أن المنتدى على مدى السنوات الماضية قام بإصدار عدد من الدراسات والتقارير التي تتناول القطاع غير الرسمي وأثره على الاقتصاد الأردني، وواقع التحديات التي تواجه العاملين في هذا القطاع، نظراً لأهمية هذا القطاع اقتصادياً واجتماعياً.

وفي هذا السياق، تمت الاشارة إلى أن العمالة غير المنظمة أو القطاع غير الرسمي يعد جزءاً مهماً في اقتصاد الدولة، وذلك لما يوفره من فرص وظيفية ومساهمة في توليد الدخل والإنتاج، كما يعتبر عاملاً رئيسياً في ديناميكيات سوق العمل.

وأضاف أومت إلى أن الورقة التي تم إطلاقها جاءت إيماناً من المنتدى ومنظمة اليونيسف بضرورة تسليط الضوء ودراسة أثر جائحة كورونا المترتب على ذوي الدخل المحدود وعمال المياومة في الأردن، ودراسة خطة الاستجابة الوطنية للحماية الاجتماعية فيما يخص القطاع غير الرسمي الأردني.

وأشار إلى أنه ومع تطور أزمة جائحة كورونا وانتشار فيروس كوفيد-19 عالمياً، برزت العديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية البنيوية التي كان يعاني منها الاقتصاد الأردني وصعدت إلى الواجهة، لا سيما مع اعلان الحكومة لحظر تجول شامل في منتصف شهر آذار من العام 2020، حيث برزت قضية عمال المياومة والعاملين في القطاع غير الرسمي نظراً لطبيعة عمل هذه الفئات والتي تعتمد بشكل رئيسي على دخلها اليومي دون التمتع بتأمين صحي أو ضمان اجتماعي أو الانتساب إلى أي من شبكات الأمان الاجتماعي؛ والذي يستدعي تطوير آليات مدعمة للاستقرار الاقتصادي تساهم في التخفيف من التداعيات الاقتصادية السلبية لأزمة كورونا على هذه الفئة.

وبين أومت أن ورقة السياسات هذه تهدف إلى تسليط الضوء على أداء قطاع الحماية الاجتماعية في الأردن خلال جائحة كورونا والمؤسسات الفاعلة التي شاركت في خطة الاستجابة الوطنية للحماية الاجتماعية والوصول إلى الفئات الأكثر عرضة لتداعيات كورونا، بالإضافة إلى الدروس المستفادة والتوصيات المستقبلية للمضي قدماً في مختلف محاور الحماية الاجتماعية.

وأكدت ممثلة يونيسف في الأردن، تانيا شابويسات على ضرورة مواصلة الجهود من اجل تخفيف الآثار الاجتماعية والاقتصادية السلبية للأزمة في ظل وجود معدلات بطالة مرتفعة بخاصة بين الشباب و النساء بالإضافة الى التحديات المرتبطة بالعمالة غير المنظمة والقطاع غير الرسمي, كما شددت على أهمية: “إضفاء الطابع المؤسسي على الدروس المستفادة من استجابة الحماية الاجتماعية لـكوفيد -19 كوسيلة لتحسين استعداد النظام للاستجابة للصدمات بما في ذلك الأزمات المستقبلية المحتملة ،والبناء على الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية لتعزيز اليات التنسيق وتطوير نظام حماية مستجيب للصدمات على المدى المتوسط وطويل الامد”.

وحول المنهجية وأبرز النتائج التي خرجت بها الدراسة، بينت التحليلات نجاح الأردن في اتخاذ عدة تدابير وإجراءات أدت إلى تخفيض الآثار السلبية الاجتماعية والاقتصادية لجائحة كورونا على الفئات الأكثر عرضة للتهديد، كما أشارت إلى أن الأردن بحسب عدد من التقارير الدولية، من بين الدول التي نفذت عدداً كبيراً من برامج الحماية الاجتماعية بالمقارنة مع باقي الدول العربية.

وبينت الدراسة أن الأردن قد تمكّن من تقديم الاستجابة السريعة للحماية الاجتماعية بسبب عدة تطورات هيكلية شهدها قطاع الحماية الاجتماعية في السنوات الأخيرة وكان من أهمها التوسع في أعداد المنتفعين من صندوق المعونة الوطنية، وإطلاق استراتيجية الحماية الاجتماعية والتي ساهمت في إنضاج نظام الحماية الاجتماعية وتمكينه من الاستجابة السريعة للصدمات، واعتماد السجل الوطني الموحد، بالإضافة إلى تطوير نظام استهداف وطني جديد لتقديم الدعم الحكومي يستند إلى مؤشرات الفقر متعدد الأبعاد.

وأوضحت أن لجنة الحماية الاجتماعية التي شكلتها الحكومة في بداية الأزمة قد ساهمت بشكل كبير في تنسيق استجابة مختلف المؤسسات ومتابعة الانجاز الكلي من أجل توسعة نطاق التغطية لشريحة أكبر من الأسر التي تأثرت بالجائحة.

وأشارت الدراسة إلى أن معظم جهود الأردن قد تركزت في الحماية الاجتماعية على قطاع التأمين الاجتماعي. حيث باشرت الحكومة بتطوير العديد من البرامج من أجل الموازنة ما بين مصلحة أصحاب العمل والعمال أنفسهم. وجاءت العديد من تلك البرامج بهدف حماية العاملين ومنع فصلهم من العمل حتى نهاية سريان أوامر الدفاع.

وأشارت إلى أن العديد من البرامج التي تم تطويرها وفرت سيولة مادية لأصحاب العمل والعمال سواء المشمولين أو غير المشمولين في صندوق الضمان الاجتماعي. وقد شملت هذه الإجراءات تخفيض اشتراكات الضمان الاجتماعي، وتقديم بدل التعطل عن العمل لفترة مؤقتة، وصرف دفعات من أجور المؤمن عليهم. مبينة أن مؤسسة الضمان الاجتماعي قد استطاعت من خلال هذه البرامج الوصول إلى أكثر من 960 ألف عامل أثناء الأزمة.

وبينت الدراسة أن سياسات الحكومة ساهمت في تشجيع الاشتراك بالمؤسسة بأثر رجعي، فقد توسع الأردن في نطاق تغطية شبكة الحماية الاجتماعية من خلال شمول ما يزيد عن 14,500 منشأة في الضمان الاجتماعي لم تكن مسجلة سابقا. إلا أن استحداث العديد من البرامج قد شكل إرباكا وإحساسا بعدم اليقين لدى الكثير من العمال، حيث كان من الصعب على العامل فهم هذه البرامج وتقدير مدى أهليته للاستفادة منها أو انطباق الشروط اللازمة عليه.

وحول توصيات الدراسة في هذا الجانب أوصت الدراسة بضرورة استمرار مؤسسة الضمان الاجتماعي بتشجيع الاشتراك فيها، والنظر بخفض نسب الاشتراك وتبسيط الاجراءات، خاصة بأن الاشتراك في صندوق الضمان الاجتماعي هو المظلة الطبيعية للحماية الاجتماعية.