مرايا – ينتظر قانون منع الاتجار بالبشر رقم 9 لسنة 2009، تعديلات عليه بعد انتقاله للمرحلة الدستورية الثَّانية وهي مجلس الأمة، باعتبار التَّسول في الأردن جريمة اتجار بالبشر، والتي لا تقل عقوبتها الجديدة عن سبع سنوات في الأشغال المؤقتة، وغرامة تصل الى 20 ألف دينار.
أرقام وزارة التنمية الاجتماعية لعام 2020، تشير إلى وجود أكثر من 12 شخصًا يسيطرون على أكثر من 80 بالغًا وبالغة في أعمال التَّسول المنظم، وينتشرون في عدَّة أماكن وينطبق عليهم معنى الاستغلال حسب قانون الاتجار بالبشر رقم 9 لسنة 2009.
وتشير مسودة مشروع القانون المعدل لقانون الاتجار بالبشر لسنة 2019، والتي اطَّلعت عليها وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إلى تعديل الفقرة “ب” من المادة 3 من القانون الأصلي ليصبح نصها على النحو التالي: “تعني كلمة الاستغلال، استغلال الأشخاص في العمل بالسُّخرة أو قسرًا أو الاسترقاق، أو الاستعباد، أو نزع الأعضاء أو في الدَّعارة أو في التَّسول، أو أيِّ شكل من أشكال الاستغلال الجنسي”.
ونصت المادة التاسعة من مشروع القانون، على أنَّه يُعاقب بالأشغال المؤقتة مدة لا تقل عن 7 سنوات وغرامة لا تقل عن 5 آلاف دينار ولا تزيد عن 20 ألف دينار كلَّ من باع شخصًا لم يُكمل الـ 18من العمر أو عرضه للبيع أو اشتراه أو وعد بذلك، وارتكب إحدى جرائم الاتجار بالبشر والتي من بينها التَّسول.
الخبير القانوني الدكتور سيف الجنيدي قال لــ (بترا)، إنَّ المعالجة التشريعيّة للتسّول في المنظومة القانونيّة الوطنيّة الأردنيّة تنحصر بتجريم التّسول بموجب القواعد الجزائيّة العامّة؛ حيث يُعتبر التسوّل جريمة يُعاقب عليها بمقتضى المادة 389 من قانون العقوبات الأردنيّ وتعديلاته رقم 16 لسنة 1960، وتقتصر عقوبة هذا الفعل بالحبس لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر أو إحالة مرتكب الفعل بأمر قضائيّ إلى مؤسسة معنية بتقديم الرعاية لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات، وقد تصل العقوبة في حدها الأقصى إلى الحبس لمدة من أربعة أشهر إلى سنة في حال تكرار الفعل لثلاث مرات فأكثر، ويعاقب من استغل الآخرين لارتكاب أفعال التّسول بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات.
وأضاف أنّ القانون الأردني وفر الحماية والرّعاية للحدث المُتسوّل؛ انطلاقاً من النّظرة الحقوقيّة للأطفال وحماية مصلحتهم الفُضلى، واعتبر قانون الأحداث ساري المفعول رقم (32) لسنة 2014 الحدث المتسوّل محتاجاً للحماية والرّعاية، وأقرّ أسس الحماية بموجب القانون ذاته.
وبين أنَّه وفي تطوّر تشريعيّ مُحرز جاء ثمرةً لمخرجات عمل اللجنة الوطنيّة لمكافحة الاتّجار بالبشر واللّجان الفنيّة المُنبثقة عنها، أدرج مشروع القانون المُعدّل لقانون الاتجار بالبشر لعام 2019 التسوّل ضمن مفهوم جريمة الاتّجار بالبشر المُعاقب عليها بعقوبات جنائيّة مشدّدة في حال ارتكابها بشكّل منظم بحقّ من هم دون الــ 18، بالإضافة إلى شمولية تجريم العمل بالسّخرة أو العمل الجبريّ وأوجه الاستغلال كافةً، وأحيل مشروع القانون إلى مجلس النّواب بتاريخ 12 تشرين الأول 2019، ويؤمل الإسراع في استكمال الإجراءات الدستوريّة اللّاحقة لسنّه.
وأكد أنَّ الإشكالية التشريعيّة القائمة في مكافحة جريمة التّسول أردنيّاً تكمن بخروج الأنماط المُستحدثة والمنتشرة للتّسول عن نطاق التّجريم؛ فمرتكب فعل التّسول المُستتر بعرض السّلع زهيدة الثّمن، أو مقدّم الخدمة الشكليّة، كمسح زجاج السّيارات على الإشارات الضوئيّة لا يعتبر مرتكباً لجريمة التّسول نظراً لقصور صور التّجريم التي تقتصر على الصّور النمطيّة للتّسول؛ كطلب الصّدقة من النّاس بالتّذرع بعرض الجروح أو الإعاقات، وجمع التبرعات الخيريّة بالاستناد إلى إدعاءٍ كاذب، وهو ما تنبّهت إليه مسودّة مشروع قانون الأحداث لسنة 2020 والتي أخذت بشمولية مفهوم التّسول المُستتر بأيّ وسيلةٍ كانت، التسول المستتر ببيع الأشياء الزهيدة أو تقديم الخدمة الشكليّة.
ولفت إلى خطورة عدم تبني عقوبات رادعة لجريمة التّسول بموجب قانون العقوبات، واستمرارية مثل هذه الأنماط المستحدثة والمستترة للتّسول وخروجها عن نطاق التّجريم، فتشكّل ممارسةً للابتزاز المُبطّن أو الخفيّ بالنّسبة للمُواطنين، كما تُسهم في إنماء شعور الاستقواء لدى مُمارسيها، هذا الشّعور الذي ربّما أسهم في اعتياد ارتكابه في ظهور بعض الأنماط الدّخيلة والآنيّة على مجتمعنا الأردنيّ كفرض الإتاوات.
وأكد أن اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها الأردن واستكمل المراحل الدستوريّة اللازمة بعرضها على مجلس الأمة ونشرت في الجريدة الرسمية وأصبحت جزءاً من المنظومة التشريعية الوطنية، وضعت التزامات على الدولة بتعديل تشريعاتها بما يتلاءم وبنود الاتفاقية، فقد وضعت مرتكزات جوهرية ومبادئ يجب أن تراعيها التشريعات والإجراءات المتخذة من قبل الدولة وفي مقدمتها مبدأ مصلحة الطفل الفضلى الذي يجب مراعاته في الإجراءات جميعها المتعلقة بالأطفال سواء قامت بها السلطات التشريعية او الإدارية او السلطة القضائية او مؤسسات الرعاية الاجتماعية.
وأشار إلى أنَّ من أبرز البنود الواردة في الاتفاقية هي المادة 32 والتي اوجبت على الدول الأطراف في الاتفاقية حمايته من الاستغلال الاقتصادي الذي يشكل إعاقة لتعليم الطفل ويكون ضارا بصحته ونموه البدني او العقلي او الروحي او المعنوي او الاجتماعي، والزمت الدول باتخاذ العقوبات والجزاءات المناسبة لضمان منع الاستغلال الاقتصادي.
وبين مؤسس مبادرة سفراء القانون المحامي أحمد قطيشات أنَّ قانون العقوبات جرّم التسول واعتبره فعلا يعاقب عليه قانوناً بالحبس أو الغرامة أو بكلتا العقوبتين، وذلك من خلال ما نصت عليه المادة رقم 389 والتي بينت عقوبة كل من وُجِدَ متسولاً وذلك بحبسه مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر، و للمحكمة الصلاحية أن تقرر إحالة المشتكى عليه إلى أي مؤسسة معينة من قبل وزارة التنمية الاجتماعية وذلك للعناية بالمتسولين وتقديم الرعاية الصحية والإصلاحية له وذلك لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن ثلاث سنوات .
وأضاف أنَّ القانون أعطى الصَّلاحية لوزير التنمية الاجتماعية بأن يُصدر قراراً بالإفراج عن أي شخص تقرر المحكمة إيداعه إلى أي مؤسسة من أجل رعايته ووفقا للشروط التي يراها مناسبة، كما يجوز للوزير أن يقرر إعادة الشخص المتسول إلى المؤسسة المذكورة مرة أخرى.
وأكد أنَّه لا يجوز للوزير أن يقوم بالإفراج عن الشخص المتسول إلا بعد أن يكون قد أمضى مدة ثلث العقوبة المحكوم بها وعادة ما يقوم الوزير بالإحالة للحاكم الإداري لاتخاذ اللازم.
وأشار إلى أنَّ القانون شدَّد العقوبة في حال قام الشَّخص المتسول بتكرار فعله للمرة الثانية، بحيث تصبح العقوبة التي تحكم بها المحكمة الحبس للشخص المتسول لمدة من ثلاثة أشهر إلى سنة، وفي حال كرر المتسول جرم التسول للمرة الثالثة أو أكثر من ذلك تقوم المحكمة بحبسه مدة أربعة أشهر إلى سنة.
ونوه إلى أنَّ جميع العقوبات التي ذكرت غير رادعة، حيث إنَّه وفي الغالب يقوم الشخص المتسول والذي يصدر ضدَّه الحكم بتقديم طلب إلى المحكمة لاستبدال عقوبة الحبس بغرامة مالية مستفيداً من القانون الذي أجاز للمحكوم عليه التقدم بمثل هذا الطلب للمحكمة إذا صدر بحقه حكم لا يزيد عن ثلاثة أشهر.
المحامية أمل العمري أكدت أنَّ المتسولين لا يقومون بتوكيل محامين عند القاء القبض عليهم ووقوفهم أمام القضاء، ويعتمدون على الشكوى وكسب تعاطف الآخرين، وهما نوعان، متسولون أحداث، وبالغون، وفي الأغلب يخرج الأحداث عدم مسؤولية، ولا ينالون أي عقوبة، لكن قد تقرر المحكمة تحويلهم كمحتاجين للحماية والرِّعاية، وهي تحت اهتمام وزارة التنمية الاجتماعية.
وبينت أن إحدى قضايا التسول التي واجهتها، كان هناك علم لدى المتسولين بوقت الحملات على المتسولين بهذه الأماكن، وهذا دليل أولي أن هؤلاء المتسولين تدعمهم جهات أو أشخاص لديهم علاقات واسعة ومتينة.
ولفتت إلى أن العقوبة التي تقع على المتسولين البالغين يتم استبدالها بغرامة، وفي حالة التكرار تصبح العقوبة أشد، وعند تكوين مجموعة من المتسولين ويصبحون تحت سيطرته، يحصل على عقوبة تصل الى 3 سنوات، وإن أقرت تعديلات قانون الاتجار بالبشر للعام 2019، فإنَّ هذه الجريمة ستعتبر جريمة اتجار بالبشر وتشتد عقوبتها.
وبينت ان المحكمة إن ثبت لديها أن الأموال التي حصل عليها المتسول هي من أموال التسول تؤول هذه الأموال الى وزارة التنمية الاجتماعية، قائلة “لكن في مختصر القول ان العقوبات التي تقع على ظاهرة التسول هي غير رادعة لذلك تستمر وتزدهر وتصبح كسبا سريعا للعاملين بها”.- (بترا- بركات الزِّيود)