مرايا – أكد تقرير التنمية المستدامة لعام 2019 الصادر عن الأمم المتحدة، بأن العالم لا يسير على المسار الصحيح الذي يمكنه من إنهاء الفقر بحلول عام 2030، وأن 55% من سكان العالم لا يحصلون على الحماية الاجتماعية، وأكثر من 90% من الوفيات الناجمة عن الكوارث تحدث في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل. وعلى الرغم من تراجع الفقر المدقع إلا أن وتيرة التراجع أخذت بالتباطؤ، حيث يتركز الفقر المدقع في المناطق الريفية ويؤثر عليهم بشكل كبير فمعدل الفقر المدقع في المناطق الريفية أعلى بأكثر من 3 أضعاف منه في المناطق الحضرية، كما يتزايد في ظل النزاعات وتغير المناخ.

وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” بأن النساء الريفيات في الأردن يعانين من الفقر على الرغم من عمل العديد منها في الأعمال الزراعية، ويقدمن إسهامات كبيرة في الإنتاج الزراعي، وإتاحة الأمن الغذائي وإدارة الأراضي والموارد الغذائية، الى جانب إسهاماتهن في بناء القدرات على التكيف مع المناخ.

6133 امرأة لديها حيازة زراعية و 21 ألف امرأة يعملن في مجالي الإنتاج الحيواني والنباتي

هذا وأظهرت النتائج الرئيسية للتعداد الزراعي لعام 2017 والمنفذ من قبل دائرة الإحصاءات العامة، بأن عدد الحائزين المستغلين الذين يحوزون حيازة زراعية وأحدة أو أكثر بلغ 101995 حائزاً منهم 6133 امرأة حائزة وبنسبة 6%.

وتشير “تضامن” الى أنه وعلى الرغم من النسبة المتدنية للنساء الحائزات مقارنة مع الذكور الحائزين، إلا أن عدد الحائزات إرتفع بما نسبته 73% مقارنة مع عام 2007، وبنسبة 126% مقارنة مع عام 1997.

وتعتقد “تضامن” بأن عدد النساء الحائزات لا زال متواضعاً مقارنة مع الرجال الحائزين في ظل مشاركتهن الاقتصادية الضعيفة، الأمر الذي يدعونا الى تكثيف الجهود من أجل تمكين النساء وتشجيعهن وتسهيل الإجراءات وإزالة العقبات التي تحول دون تمكنهن من حيازة الأراضي وإستغلالها، وتمكينهن من تنمية مواردهن الاقتصادية والمساهمة في دفع عملية التنمية الاقتصادية الى الأمام.

وتربط “تضامن” ما بين تدني مستوى ملكية النساء الأردنيات لأصول الأسرة من أراضي وشقق وماشية وأدوات وآلات، وبين حرمانهن من الميراث، وهو ما يؤدي الى نتائج سلبية كبيرة وهامة على الأمن الغذائي وعلى إمكانية خروجهن من دائرة الفقر والجوع. وإن التعامل مع النساء على أنهن شريكات في عملية التنمية المستدامة لا ضحايا لها سيعود بالفائدة على الجميع وسيؤدي الى إنتعاش سريع لإنتاج الأغذية والقضاء على الفقر والجوع.

كما بينت المسوحات الزراعية التي تقوم بها دائرة الإحصاءات العامة بأن عدد العاملين ذكوراً وإناثاً، أردنيين وغير أردنيين في مجال الإنتاج الحيواني بلغ 57550 شخصاً، فيما بلغ عدد العاملين في مجال الإنتاج النباتي 46206 أشخاص خلال عام 2015.

تشكل الإناث الأردنيات وغير الأردنيات ما نسبته 18.2% من العاملين في مجال الإنتاج النباتي وبعدد 8455 إمرأة، فيما شكلت الإناث ما نسبته 23% من العاملين في مجال الإنتاج الحيواني وبعدد 13280 إمرأة.

394 ألف امرأة أردنية يعشن في المناطق الريفية

وتضيف “تضامن” بأنه ووفقاً للتعداد العام للسكان والمساكن 2015، فقد بلغ عدد السكان الذين يعيشون في المناطق الريفية 920389 شخصاً ويشكلون 9.6% من سكان الأردن البالغ عددهم 9531712 شخصاً. فيما شكلت النساء اللاتي يعشن في المناطق الريفية 47.3% من مجمل سكان الريف (435509 إناث).

هذا وقد بلغ عدد النساء الأردنيات اللاتي يعشن في المناطق الريفية 394649 امرأة وتشكلن حوالي 49.1% من الأردنيين الذين يعيشون في المناطق الريفية وعددهم 803192 شخصاً، وهم يشكلون 12.2% من مجموع الأردنيين والأردنيات. وبلغ عدد السكان غير الأردنيين الذين يعيشون في المناطق الريفية 115459 شخصاً منهم 40525 امرأة غير أردنية وبنسبة 35%.

الأسرة الريفية وتداعيات جائحة كورونا

وحسب وزارة الزراعة فإن الاستراتيجية الوطنية للتنمية الزراعية 2020-2025 تأخذ بعين الاعتبار تداعيات جائحة فيروس كورونا وأهمية الأسر الريفية وخاصة النساء الريفيات، نظراً لمساهمتهن الكبيرة في تسهيل مرور المواد الغذائية من المناطق الريفية والزراعية الى المدن. وقد تم إدخال الكثير من الأنشطة والمشاريع التي ستساهم برفد وتطوير مهارات الأسر الريفية وخاصة النساء ومنها برنامج “تعزيز دحول صغار المزارعين للزراعة” والذي يتضمن برامج إقراضية وتمويلية لمشاريع ريفية من خلال مؤسسة الإقراض الزراعي بمبالغ مالية طائلة موجهة للمناطق الريفية ومناطق الأطراف، بحيث تضمن مساعدة الناس بما فيهم النساء وتطوير المنتجات الريفية من حيث السلامة الصحية.

وتماشيا مع الإشارات الملكية السامية بأن يكون الأردن متقدما بالأمن الغذائي وان يكون مركزا إقليما بالمجال الزراعي، فقد ركزت الاستراتيجية على الاستخدامات التكنولوجية ورقمنة القطاع الزراعي بإدخال برامج التكنولوجيا الحديثة بالزراعة ومنها: الزراعة المائية والتصنيع الغذائي بجودة عالية، وقد أخذت الأسر الريفية والمناطق الريفية جزء كبير وسيكون قائما على ارض الواقع خلال الأشهر القادمة، وذلك وفقا للعمل المؤسسي وبالتعاون مع الجمعيات والمؤسسات المجتمعية الزراعية والنسائية بالمناطق الريفية والبعيدة بتأهيل مجموعات كبيرة بالمناطق النائية والأطراف، وخاصة النساء لتكون المرأة الريفية قادرة على إنتاج الألبان والأجبان والمخللات وبمستوى جيد.

ومع ذلك لا زالت هنالك تحديات تواجه النساء الريفيات ومنها التسويق الزراعي، ولذلك تحاول وزارة الزراعة إيجاد الحلول والتدخلات مثل إقامة معرض الزيتون السنوي في حدائق الحسين بعمان وعلى مدار 3 أيام بالسنة والذي كان له الأثر بتسويق المنتوجات الريفية للنساء بسبب وجود القوى الشرائية بالعاصمة عمان. وهنالك توجه بتحويل المعرض من مؤقت الى دائم وذلك على قطعة ارض تابعة للوزارة في العاصمة عمان ليكون بنائه حلقة تسويقية مستدامة”.

ومن التحديات التي تواجه المرأة وخاصة الريفية في قطاع الزراعة، عدم احتساب انتاج النساء الريفيات بالاقتصاد الإجمالي والدخل القومي بالأردن، وسبب ذلك هو ان المساحات التي تعمل بها المرأة الريفية في النطاق الضيق وفي محيط الأسرة.

إضافة الى موضوع الهجرة من الريف الى المدن والتمدن والحضارة، والذي أدى الى ضعف دور المرأة الريفية بالإنتاج الزراعي. حيث أن المقيمين بالريف يشكلون ما نسبته 10% من عدد السكان وبعدد يصل الى مليون شخص وتبلغ نسبة معدل النشاط الاقتصادي المنقح للريفيات 17% الا ان نسبة المشتغلات حوال 11% والبطالة لدى الريفيات تتجاوز نسبة 31%، إضافة الى تحديات تتعلق بالتغيير المناخي والتسويق والضرائب وعدم افساح المجال لبيع منتوجات الريف خارج السوق المركزي.

وتقترح “تضامن” ايلاء النساء الريفيات اولوية في السياسات والتشريعات الحكومية وصياغة السياسات العامة الزراعية بحيث تلامس خصوصية المناطق وطبيعتها الجغرافية والمناخية والسكانية، واستهداف النساء الريفيات بالتدريب على تقنيات التكنولوجيات الحديثة بالزراعة والتسويق، وعلى التحول الالكتروني لتسهيل وصولهن الى الأدوات والموارد، والتنوع في برامج الدعم والتمويل والإقراض والتدريب للمشاريع الزراعية وخاصة التي تديرها النساء، وتوعية النساء الريفيات بالحقوق العمالية والاقتصادية والقانونية لحمايتهن .