د. أبو حمور: نحن بحاجة لسياسة مالية تحفيزية تقترن بالمصارحة والمكاشفة والوضوح والشفافية
مرايا – قال وزير المالية الأسبق الدكتور محمد أبو حمور إن هناك مبالغة في تقدير الإيرادات خلال السنوات الأخيرة بهدف اتاحة المجال امام الحكومة للإنفاق بشكل اكبر، وهذه المبالغة عادة ما تؤدي لتفاقم العجز ومزيد من تراكم المديونية.
وأشار ابو حمور خلال استضافته في برنامج المؤشر الاقتصادي الذي يبث عبر قناة “A one Tv” ويقدمه الزميل عصام قضماني، إلى ان البيانات المتوفرة عن اول سبعة اشهر، أوضحت ان العجز المالي كان ضعف العجز المتحقق لعام 2019 وضعف المقدر للعام الحالي 2020.
وبالرغم مما اتخذته الحكومة من إجراءات لتخفيض النفقات الا ان العجز المالي للعام الحالي 2020 تجاوز ملياري دينار، وهذا يعني حكماً زيادة الدين العام والفوائد التي تستنزف جزءا مهما من الإيرادات، وهنا لا بد من التذكير بان موازنة العام الحالي لم تتأثر بشكل كامل بالانكماش الاقتصادي، فعلى سبيل المثال إيرادات ضريبة الدخل تمثل نتائج اعمال السنة السابقة 2019 وكذلك جزء من ضريبة المبيعات.
وفيما يتعلق بإمكانية اعتبار عام 2020 سنة أساس لإعداد موازنة العام التالي أوضح د.أبو حمور ان تقديرات الموازنة تحتاج لسنة أساس بالرغم من كل الظروف، الا أنه يجب في هذه الاثناء التمييز بين الإيرادات المتكررة والاستثنائية، فمن المنطقي ان لا يتم تقدير الإيرادات بأعلى مما بلغته خلال عام 2020، فمن المعلوم ان جزء من الإيرادات كان نتيجة تسويات ضريبية وإجراءات مكافحة التهرب، كما انه بات واضحاً ان هناك تراجع واضح في أرباح الشركات الكبرى والتي تدفع حوالي 80% من حصيلة ضريبة الدخل، أضف لذلك الانكماش الاقتصادي وتراجع القوة الشرائية للمواطنين وتوقف بعض الأنشطة والتي سينعكس جزء منها على إيرادات عام 2021 من ضريبة المبيعات، طبعاً مع مراعاة إعادة تصنيف ضريبة المشتقات النفطية التي تمت قبل حوالي عام ونصف.
وأشار د. أبو حمور الى ان هناك وقائع ومعطيات على ارض الواقع لا بد من أخذها في الاعتبار وفي ظل احتمالية استمرار الانكماش الاقتصادي لفترة اطول وفي ضوء ما تعهدت به الحكومة سواء من حيث الكلف اللازمة لمواجهة الجائحة وصرف علاوات الجهازين المدني والعسكري وغيرها وفي ظل الظروف الاستثنائية التي نمر بها فنحن بحاجة لسياسة مالية تحفيزية تقترن بالمصارحة والمكاشفة والوضوح ، خاصة وان السياسة النقدية قامت بدور واضح عبر إجراءاتها النقدية كما قدمت مؤسسة الضمان الاجتماعي حزم تحفيزية للعاملين والاقتصاد بشكل عام.
ولا ننسى اننا بحاجة ماسة لأخذ موضوع البطالة والاثار المترتبة عليها بمحمل الجد خاصة في ضوء تراجع قدرة القطاع الخاص على توليد فرص العمل ما يعني الحاجة لمشاريع رأسمالية محفزة للنمو ومولدة لفرص العمل، بالرغم من ان الحيز المالي المتاح قد لا يساعد كثيراً في ذلك .
وفي أشارة الى التعديلات المطلوبة على برنامج التصحيح المعمول به مع صندوق النقد الدولي أكد أبو حمور انه يجب عدم زيادة أي أعباء على القطاعات الاقتصادية او فئة او شريحة اجتماعية، فنحن بحاجة لضخ سيولة في السوق للتعامل مع اثار الجائحة التي اثرت على مختلف دول العالم سيما ان معدلات التضخم منخفضة وتقترب من الصفر، الا انه وفي نفس الوقت يجب ان ندرك ان الإجراءات التي تم أو سيتم اتخاذها سوف يكون اثرها فقط في تقليص الاثار السلبية وتقليل عمق هذه الاثار ومداها الزمني ومدتها، وأكد ضرورة الاهتمام باتخاذ إجراءات فاعلة لتحسين عمل مختلف القطاعات الاقتصادية وتحفيزها، كما يمكن ايضاً النظر في إمكانية مراجعة ضريبة المبيعات بما ينعكس إيجابا على حياة المواطنين.
وبين د. أبو حمور أن مختلف دول العالم تركز جهودها حالياً لمساعدة مواطنيها والتغلب على الصعوبات التي تواجهها، لذلك فان المحافظة على حجم المساعدات التي يتلقاها الأردن يتطلب جهوداً إضافية من الحكومة ناهيك عن التفكير بزيادتها، ومن المؤمل ان تستمر المساعدات والمنح الامريكية والأوروبية على نفس الوتيرة، كما أننا منذ عام 2011 ومبلغ الخمس مليارات على مدى الخمس سنوات التي تلت ذلك العام لم نسمع عن مساعدات إضافية جديدة من الدول الشقيقة.
أما فيما يتعلق بالدين العام فأوضح د. أبو حمور انه عندما تتجاوز نسبة الدين العام 100% من الناتج المحلي الإجمالي يصبح الوضع مؤرقاً، خاصة اذا اخذنا في الاعتبار عدم تحقيق نمو اقتصادي فكيف اذا كنا نتحدث اليوم عن اكثر 107% من الناتج مع احتمالية بتجاوز هذه النسبة 110% مع نهاية العام، وفي هذا الاطار لا بد من النظر لحجم المدفوعات من الفوائد والتي تصل لحوالي مليار وربع وهذا مبلغ هائل.
واذا علمنا ان وضع المالية العامة يعكس الوضع الاقتصادي في الدولة بشكل عام فنحن باختصار بحاجة الى تحقيق نمو اقتصادي عبر تحفيز الاستثمار واستقرار التشريعات وبناء شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص.