* يطالب بصياغة سياسة اقتصادية طويلة المدى للأردن، تكون عابرة للحكومات والبرلمانات
* أزمة ثقة حقيقية بين المواطن الأردني وحكومته
* علينا فهم وتحديد الميزة التنافسية للأردن، حتى يكون الوجهة الاستثمارية الأولى في المجالات الصحيحة
* برامج جديدة تبنتها وزارة العمل للدمج بين القطاعين العام والخاص، والعمل على تعزيز المهارات الرقمية
مرايا – حددت الحكومة الأردنية الجديدة، التي شُكلت في تشرين الثاني الماضي برئاسة بشر الخصاونة، حلولًا للمشكلات الاقتصادية التي واجهت المملكة على مدار الأعوام السابقة، والتي تفاقمت أكثر خلال فترة الجائحة. فبلغ الدين عام نحو 45 مليار دولار، كما انكمش اقتصاد البلاد في الربع الثالث من العام الماضي بنسبة 2.2% مقارنة بـ3.6% للربع الثاني من العام. في حين شهدت الفترة نفسها من العام الماضي نموًا بنسبة 1.9%، وفقا لبيانات دائرة الإحصاءات العامة الأردنية.
في إطار ذلك، ناقشت الإعلامية شانتال سرور في لقاء خاص مع وزير العمل ووزير الدولة لشؤون الاستثمار الأردني، الدكتور معن القطامين، عبر برنامج “حوار مسؤول” الآليات التي ستتعامل معها الوزارة لجذب المستثمرين واستعادة المكانة الرائدة للأردن على الخريطة الاستثمارية، وكيفية الصمود أمام تحديات البطالة وتداعيات جائحة كورونا.
تقييم الأداء الحكومي في المملكة
أكد وزير العمل ووزير الدولة لشؤون الاستثمار الدكتور معن القطامين، أن تجربته التي انتقد فيها السياسات الحكومية قبل تعيينه وزيرًا، كانت بدافع وطني ولأجل أردن أفضل، ورأى أن ما قدّمه في تلك التجربة مثّل “نقدًا منهجيًا وعلميًا وبنّاء” مؤكدًا على أن هناك الكثير من القضايا والملفات التي تواجه الحكومة وتسعى بجدية للتعامل معها.
وأضاف: “إن بعض الحكومات السابقة، لم تكن موفقه في التعامل مع كثير من الملفات، منها على وجه الخصوص ملف البطالة، مع وجود نحو 400 ألف مواطن أردني يبحثون عن عمل، وارتفاع معدلات البطالة لنحو 23.9%، فضلًا عن قضايا أخرى لا بد من العمل عليها بجدية.
وردًا على سؤال: هل الأردن حكومة شخصيات لا مؤسسات، تغيب فيها المؤسساتية وترتبط بشخص الوزير؟ قال القطامين: “اتفق معك كمواطن وكوزير، هناك عمل مؤسسي في الأردن، وهناك مساحة للحكومات عند توليها مهماتها. لكن كل حكومة يكون لديها أجندة وأولويات وطريقة عمل مختلفة. ولهذا أدعو لتطبيق سياسة اقتصادية طويلة المدى، تكون عابرة للحكومات والبرلمانات. وهذا هو الضامن الوحيد لعدم تطبيق سياسة مختلفة “ثورية أو نسفية” لكل حكومة تتولى مهماتها.
البيئة الاستثمارية
أما عن التحدي الأكبر الذي تواجهه البيئة الاستثمارية في الأردن، والحوافز الاقتصادية، فأشار القطامين إلى تحدي جائحة كورونا، فهي مشكلة حقيقية في حد ذاتها. ومن جانب آخر ينشغل القطامين بدراسة الواقع الاستثماري في الأردن، ومراجعة التشريعات.
وأضاف أن الحكومة تحدد المبادئ العامة، وتتجه إلى تمكين القطاع الخاص المحلي أو الأجنبي. وعند الانتهاء منها والموافقة عليها، يمكن الخروج بمجموعة من التشريعات والبرامج التي تجذب المستثمرين.
وفي ظل هذه البيئة التنافسية التي تشهدها المنطقة، وكيف سيجذب الأردن المستثمر الأجنبي، قال الوزير: “نطمح أن تكون المملكة الوجهة الأولى للمستثمر. وأضاف: “الحكومة تعمل على التأكد ودراسة وتحديد الميزة التنافسية للأردن، وإعطاءها الأولوية التي قد تكون سياحية أو غير ذلك”.
كما أكد الوزير على ضرورة أن تستعيد الأردن مكانتها على الخريطة الاستثمارية، من خلال رؤية حقيقية وثاقبة للاستثمار وفهم المحيط الاستثماري.
وفي سياق إجابته عن الإحصائيات التي تستند عليها الحكومة لإعادة الأردن لمكانتها على الخريطة الاستثمارية، وما هي الرؤية الحكومية للملف الاستثماري؟ أوضح القطامين أن الحكومة تنظر إلى ملف الاستثمار نظرة وطنية متكاملة وليس حكومية فقط. فمن النقاط التي ركز عليها جلالة الملك عبد الله الثاني، إيجاد شراكة حقيقية مع القطاع الخاص .وأوضح الوزير:” بدأنا فعلًا بحوار مستفيض مع القطاع الخاص.
هيكلة القطاع الحكومي
وفي ظل حالة عدم الرضا لدى الشارع الأردني عن تغيير الحكومات، وهل هناك خطط لإعادة هيكلة القطاع الحكومي لإقناع الأردنيين بجدية التغيير، قال القطامين: “ورد في كتاب التكليف السامي لجلالة الملك، ضرورة وضع آليات لإعادة هيكلة القطاع العام. وقد تم تشكيل لجنة وزارية للنظر بعملية إعادة الهيكلة. كما سيقدم تقرير بتوصيات لإعادة الهيكلة خلال 100 يوم من تشكيل الحكومة، مما يعني أنه خلال 30 يومًا لا بد من وضع أفكار حقيقية لإعادة الهيكلة وتقديمها. ومن جانب آخر يجب تطوير القطاع، فهناك أزمة ثقة حقيقية بين المواطن والحكومة”.
وأضاف أن المواطن الأردني واجه مصاعب اقتصادية، أدت إلى تراجع ثقته بالحكومة. حيث يرى أنها تعتمد على فرض الضرائب، وتثقله بالأعباء المالية. لكن لإعادة بناء هذه الثقة، ينبغي تعزيز الخدمات المقدمة للمواطن الأردني، ليشعر بأهمية وجدوى فرض الضريبة.
وأضاف القطامين: “لا ننكر أن المملكة كباقي الدول تمر بتحديات صعبة، لكنها ستتغلب عليها في النهاية لتمنحها مقومات القوة.
مواجهة ارتفاع نسب البطالة وآليات خفضها
أوضح القطامين أن البطالة تفاقمت في ضوء الجائحة. وقد عملت الحكومة الأردنية الجديدة، على خطة ارتكزت على تجنب الحظر الشامل، من خلال زيادة القدرة الاستيعابية للمستشفيات ومضاعفتها، والعمل على زيادة الوعي بشأن الفيروس، مما أدى لانخفاض المنحنى الوبائي لضمان استمرار سوق العمل والمصالح الاقتصادية.
في هذا الإطار يقول الوزير: “أطلقنا من خلال هيئة المهارات فرص تشغيل وريادة لنحو 150 شابًا وشابة، لعمل مشاريع رقمية بقيمة 5 آلاف دولار، وهو تمويل حسن بدون فائدة، ويتمتع بفترة سماح حتى 6 شهور و7 أعوام للسداد، بواقع 50 دولارًا شهريًا. وإذا نجحت أفكارهم سيتم العمل على تطوير مشروعاتهم بشكل أكبر”.
وكشف عن برنامج الوزارة الجديد الذي سيطلق قريبًا في البرمجة المتقدمة، حيث تم توفير 15 إلى 18 ألف فرصة عمل، نتيجة تغيير بعض السياسات الخاصة بالعمالة الوافدة.
كما أطلقت الوزارة 500 فرصة عمل في سوق الخضار المركزي، لأن العمالة الوافدة غير المرخصة كانت تستحوذ على تلك السوق.
ويؤكد الوزير على أن الحكومة تسعى لإيجاد 712 فرصة عمل، بالتعاون مع القطاع الخاص. وأهم برنامج هو”استدامة” ، بدعم من القطاع الخاص بقيمة 200 مليون دينار، أي نحو 300 مليون دولار. ويهدف لدعم القطاعات المغلقة والأشد تضررًا في الأردن من الجائحة، حيث عملت الحكومة على خفض الأجور لنسبة 50% ودفع كامل الرواتب عن الموظف في كافة القطاعات، وخفض رواتب الأشخاص الأكثر تضررًا بنسبة 75% ودفع 50% منها مباشرة.
الكفاءات الأردنية والجاهزية للعمل عن بعد
قال القطامين:” إن العالم يسير باتجاه الرقمنة. ومن أهم استراتيجيات وزارة العمل الأردنية، زيادة القدرات الرقمية للشباب الأردني. وهناك عدد من البرامج لتعزيز ذلك، بينها برنامج مشترك مع البنك الدولي. كما نعمل على برنامج الوظائف الرقمية، وهو للفتيات بشكل خاص، نظرًا لتميز المملكة بمهارات وخبرات رقمية يمكن الاستفادة منها.
وأضاف: “طرحنا عددًا من فرص التدريب. وهناك نحو 26 سيدة كنَّ عاطلات عن العمل، وعقب انتهائهن من دورات البرمجة الرقمية خلال 6 شهور، حصلن على راتب قدره 1000 دولار. اليوم تضع الحد الأدنى للأجور لكنك ترفع الكفاءة.”
ويتوقع القطامين أن يصبح الأردن من الدول المتميزة في المنطقة مع مطلع العام 2021، من الناحية التشريعية، ومن حيث تكوين المهارات الرقمية.
وختم الوزير اللقاء بقوله: “يستقبل الأردن المئوية الثانية بتفاؤل، حيث تنتظرنا نهضة قوية ستحدث تغييرًا حقيقيًا على الساحة الأردنية. وسنعمل بأقصى جهدنا مدفوعين بحب الوطن”.
Forbes Middle East