مرايا – يواجه مجلس النواب التاسع عشر تحديات متراكمة على رأسها استعادة ثقة المواطن، وتحصين مؤسسة البرلمان، باعتبارها مركز السلطة والتشريع والصورة المعلنة والدالة على واقع الوطن، وهو ما يحتاج الى نمط جديد من العمل البرلماني.
وشكل حديث الملك عبدالله الثاني لدى لقائه رئيسي مجلسي الأعيان والنواب وأعضاء المكتبين الدائمين، الثلاثاء الماضي، عن مدونة السلوك البرلماني وتعزيز الثقة بالبرلمان، رسالة واضحة لتطوير مدونة السلوك لأعضاء مجلسي النواب والأعيان، بما يرسخ ثقافة سياسية تعتمد معايير النزاهة والشفافية، ويحمي عمل مجلس الأمة من التوظيف لذوي المصالح المتعارضة مع المصلحة العامة. وباتت مسألة الأخلاقيات البرلمانية مؤخراً، موضع اهتمام كبير على الصعيد الدولي، كضرورة لمعالجة مستويات الثقة المتدنية بمؤسسات الدول، وتشكيك الرأي العام بنزاهة أعضاء البرلمان ومصداقيتهم.
وفي الأردن، حذا مجلس الأمة بغرفتيه النواب والأعيان، حذو الدول المتقدمة في هذا المجال، حيث اقر مجلس النواب منتصف 2015 مدونة سلوك نيابية، وسبق ذلك اقرار مدونة سلوك لأعضاء مجلس الاعيان نهاية 2014.
ورغم تضمين مدونتي السلوك، مبادئ واخلاقيات عامة يمكن اعتبارها متقدمة، غير ان بنودهما لم تتعامل مع مفهوم “تضارب المصالح”، وفق آليات حقيقية للإفصاح العلني، وآليات إنفاذ، تحد من السلوكيات التي تشوه صورة المجلس وتطمس إنجازاته، وكذلك بالنسبة لأي فعل يمثل إهانة للنواب، أو اعتداء على حرمتهم، أو سمعتهم، وذلك لقطع الطريق أمام محاولات اضعاف المجلس او حتى استغلاله واعضائه، كغطاء تسلل الى فضاءات القرار والفعل السياسي.
ولا شك ان الأداء الضعيف لبعض اعضاء المجلس في الفترات السابقة، أضر كثيراً بمصداقيتهم وبصورة المجلس بشكل عام، كما ساهمت وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي في تضخيم صدى السلوك السلبي، ما يجعل ايجاد آليات متاحة للمواطن للحكم على اداء العين والنائب ضرورة لتعزيز الثقة، وتغيير الصورة الانطباعية التي مفادها ان عمل عضو المجلس ليس لخدمة المواطنين والوطن، وإنما لمصالحه الخاصة، الى جانب تعزيز الوعي بدور وصلاحيات كل من المجلس وعضو المجلس.
ان نجاح مجلس النواب الجديد في تطوير مدونة السلوك الخاصة بأعضائه وإنفاذها، من شأنه ايضاً المساهمة في وضع ميثاق عام للأخلاق السياسية يرسخ سلوكيات لائقة ومقبولة في الساحة السياسية، على اعتاب المئوية الثانية للدولة الأردنية، لتنقية الأجواء، واستعادة الثقة، وحماية المسيرة الديموقراطية، ومحاصرة خطاب الكراهية.