مرايا – رغم أن الحملة الوطنيّة الأردنيّة لإسقاط اتفاقية الغاز مع الكيان الصهوني (غاز العدو احتلال) قد قامت بمخاطبة عدد كبير من النوّاب برسائل مباشرة، قبل جلسات الثقة بحكومة رئيس الوزراء الجديد بشر الخصاونة، تضع بين أيديهم كامل التفاصيل المتعلّقة بصفقة الغاز المسروق المستورد من الصهاينة، بما في ذلك حيثيّات عدم الحاجة إليها، وحرمانها لاقتصادنا من مليارات الدولارات التي ستذهب لدعم الإرهاب الصهيوني، ومساندة نتنياهو وبرنامجه سياسيًّا وماليًّا، إضافة إلى توضيح للبنود القانونية التي تمكّننا من إلغاء العمل بها دون اي تبعات أو شروط جزائيّة؛ ورغم أن الحملة قد قامت باعتصام أمام مجلس النوّاب أثناء جلسات الثقة (تمّ فضّه بالقوّة واعتقال بعض المشاركين فيه قبل إطلاق سراحهم لاحقًا)، للفت انتباه النوّاب إلى هذه القضيّة المصيريّة، إلا أن الحملة لم تجد في مجلس النوّاب، مؤسسة وأعضاءً، ما يؤشّر إلى اهتمامهم بهذا الموضوع المصيريّ، فلم يذكر موضوع اتفاقيّة الغاز مع العدو في كلماتهم سوى أقلّ من عشرة نوّاب. ورغم أن مجلسي النوّاب السّابقين، السابع عشر (بأغلبيّة كاسحة من أعضاءه)، والثامن عشر (بالإجماع)، قد اتّخذا قرارًا برفض هذه الاتفاقيّة، ورغم مباشرة المجلس الثامن عشر بإجراءات تشريع قانون يمنع استيراد الغاز من الصهاينة، إلا أن هذه القرارات –على ما يبدو- لم تجد من يتابعها في المجلس الجديد.
وعليه، قامت الحملة قبل أيام، بإرسال رسائل رسميّة، لرئيس مجلس النواب عبد المنعم العودات، ورئيس لجنة الطاقة في المجلس زيد العتوم، ورئيس اللجنة القانونية فيه محمد الهلالات، ورئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار خالد أبو حسان، ورئيس لجنة فلسطين محمد الظهراوي، طالبةً منهم تحديد موعد للاجتماع بممثّلين عن الحملة، معهم، ومع المكتب الدائم لمجلس النواب، ومع أعضاء اللجان المذكورة، لتضع الحملة بين أيديهم كامل التفاصيل المتوفرّة لديها عن الاتفاقيّة، وعدم جدواها وانعدام الحاجة إليها، وآثارها الكارثيّة على أمن ومستقبل واقتصاد الأردن، ودعمها المباشر للاستيطان الصهيوني ومشاريع نتنياهو التوسّعيّة.
وأوضحت الرسالة أن الأردن لا حاجة له بهذه الصفقة، إذ أنّ البلاد كانت وما تزال تنتج أكثر من حاجتها من الكهرباء التي كان الوزراء يبحثون لها عن أسواقٍ لتصديرها، كما أنّ الأردن يحقّق أكثر من احتياجاته من الطّاقة من خلال المصادر والبدائل الكثيرة الأخرى المتاحة له (الغاز المصري، الطاقة المتجددة، ميناء الغاز المُسال، الصخر الزيتي وغيرها من المصادر القائمة أو المحتملة، كأنبوب نفط العراق)، والتي تضمن تنوّع المصادر، والأجدر، بما أن البلد تمرّ في محنة اقتصاديّة كبيرة، ويعاني أبناؤها وبناتها من معدّلات بطالة هي الأعلى في تاريخها، أن تُستثمر أموال دافعي الضرائب الأردنيين في اقتصاد الأردن بدلًا من استثمارها في اقتصاد العدوّ، وفي مصادر طاقة الأردن السياديّة بدلًا من مصادر طاقة خاضعة للعدوّ، وفي مشاريع توفّر فرص عمل للمواطنين الأردنيين بدلًا من توفير فرص العمل للمستوطنين الصهاينة.
كما وضّحت الرسالة المخارج القانونيّة التي تمكّن الأردن من إلغاء هذه الصفقة دون أي تبعات أو شروط جزائيّة، بالاستناد إلى ظروف جائحة كورونا المستجدة التي تتيح إلغاء الاتفاقيّة بحسب الفقرة “و” من المادة 2.1.16 منها، والمتعلقة بظروف القوّة القاهرة التي تدخل الأوبئة في عدادها بحسب النصّ الصّريح للفقرة المذكورة. ويمكن أيضًا تجاوز الشّروط الجزائيّة بالاستناد إلى خروقات شركة “ديليك” (أكبر شريك في حقل ليفاياثان للغاز الذي يتم استيراد الغاز المسروق منه) للقانون الدولي، وارتكابها جرائم حرب، من خلال دعمها المباشر للاستيطان، بحسب القائمة التي أصدرها مكتب المفوّض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بهذا الخصوص في شهر شباط من العام الماضي، كما يمكن تجاوز الشرط الجزائي بالاستناد إلى المادة رقم 4.2.8 من اتفاقيّة استيراد الغاز من العدو والتي تمكّننا من إنهاء العمل بالاتفاقيّة في حال “وقوع البائع في إعسار يتوقع بشكل معقول أن يؤثر سلبًا وبشكل جوهري على أداء البائع لالتزاماته بموجب الاتفاقية”، وذلك بعد أن انهار سعر سهم شركة نوبل إنرجي (الشريك الكبير الثاني في حقل ليفاياثان للغاز)، وانهيار قيمة الشركة السوقيّة إثر انهيار أسعار النفط بسبب جائحة كورونا.
وأخيرًا، أشارت الرسالة إلى التناقض السّافر بين كلام أصحاب القرار وأفعالهم، إذ بينما يستمرّ الخطاب الرسميّ بالإدانة الكلاميّة لمشاريع نتنياهو التوسّعيّة باعتبارها تهديدات مباشرة لأمن الاردن، وللانتهاكات الصهيونيّة للقدس، وإدانة النشاط الاستيطانيّ الصهيونيّ المتسارع، نجد أن الفعل الرسميّ يسير باتجاه معاكس متناقض تمامًا، فكيف يستقيم أن يقوم أصحاب القرار في الأردن بتمويل ذات الجهة التي يدينونها ليل نهار؟ وكيف يستقيم أن يتفجّع أصحاب القرار على أمن الأردن وتهديده من قبل الصهاينة، في ذات الوقت الذي يرهنون به أمن طاقة الأردن بيد العدوّ الصهيوني؟ وكيف يستقيم أن يدين أصحاب القرار النشاط الاستيطاني الصهيوني في فلسطين المحتلة عام 1967 بينما، وفي نفس الوقت، يصبّون أرباحًا بالمليارات في جيب شركة تدعم هذا الاستيطان بشكل مباشر (هي “ديليك”)، وفي خزائن الكيان نفسه الذي يقوم بالاستيطان؟
إن مجلس النوّاب، المجلس المسؤول دستوريًّا عن الرّقابة والتشريع في البلاد، والمجلس الذي يفترض فيه أن يكون ممثّلًا لمصالح المواطنين، عليه مسؤوليّة تاريخيّة وعاجلة في إلزام أصحاب القرار بإلغاء صفقة استيراد الغاز من العدو، واستعادة مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب الأردنيين المهدورة على دعم الإرهاب الصهيونيّ، ومحاسبة كل من مهّد لهذه الصفقة، ووقّعها، ونفّذها؛ والحملة الوطنيّة الأردنيّة لإسقاط اتفاقيّة الغاز مع الكيان الصهيوني (غاز العدو احتلال)، والتي تتشكّل من ائتلاف عريض من أحزاب سياسيّة، ونقابات عماليّة ومهنيّة، ومجموعات وحراكات شعبيّة، ومتقاعدين عسكريّين، وفعاليّات نسائيّة، وشخصيّات وطنيّة، تدعو رئيس مجلس النواب الجديد، وأعضاء مكتبه الدائم، ورؤساء لجانه وأعضائها، إلى الاستجابة الفوريّة لطلب الحملة لقاءهم، لتضع بين أيديهم كامل التفاصيل والوثائق المتوفرّة لديها، كما تدعو الحملة المجلس ورئاسته إلى تفعيل وتسريع مسار تشريع قانون منع استيراد الغاز من العدو الصهيوني الذي باشر بإجراءات إقراره المجلس السابق (الثامن عشر)، وإلى العمل بشكلٍ جديّ وحقيقيّ لإبطال هذه الاتفاقيّة بشكل عاجل، بدلًا من المماطلة والتسويف اللذان وصلا حدّ التواطؤ، واللذان ميّزا عمل المجلسين السّابقين في تعاملهما مع هذا الموضوع الخطير.ن