مرايا – ارتبط يوم 14 شباط في لبنان بذكرى حادثة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في 2005 مع 21 شخصا و226 جريحا، والذي يتزامن مع بدء مرحلة استئناف حكم صادر في قضية اغتياله برأ ثلاثة متهمين ودان واحدا.

وبعد ست سنوات، قضت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في 18 آب 2020 بالسجن مدى الحياة بحق سليم عياش، الذي يشتبه بانتمائه إلى حزب الله ودين بالمشاركة في اغتيال رفيق الحريري، وبرأت ثلاثة متهمين آخرين ينتمون الى حزب الله وكانوا يحاكمون غيابيا.

وأشار مكتب المدعي إلى أنه سيستأنف الحكم زاعمًا تضمُّن حكم غرفة الدرجة الأولى الصادر “أخطاء في القانون وفي الوقائع”، موضحا أن “هذا النوع من الأخطاء يبطل الحكم ويحول دون إحقاق العدالة” بدون إعطاء تفاصيل حول الأخطاء المعنية.

وأعلنت المحكمة الخاصة بلبنان التي مقرها في لايدشندام قرب لاهاي ، لاحقًا أن دفاع عياش وكذلك الممثل القانوني للضحايا، قد استأنفا الحكم أيضا، موضحة في بيان “أن ايداع إشعار الإستئناف يمثل بدء مرحلة الإستئناف في القضية”.

وأوضحت أن “الدفاع طعن في كل الإدانات التي اصدرتها ضد السيد عياش غرفة الدرجة الأولى في الحكم، ودعا إلى إلغاء جميع الإدانات” مشيرة إلى أن المحامين طعنوا بالعقوبة المفروضة على موكلهم.

من هو رفيق الحريري؟

شغل الحريري منصب رئيس وزراء لبنان خمس مرات في أعقاب الحرب الأهلية (1975-1990). وهو ملياردير كون ثروته من العمل بقطاع الإنشاءات في السعودية وكان السياسي السني المهيمن في النظام الطائفي في لبنان.

وكانت أول مرة أصبح فيها رئيسا للوزراء في 1992 في حالة نادرة لزعيم لبناني لم يشارك في الحرب. وقاد جهود إعمار بيروت خاصة منطقة وسط العاصمة اللبنانية.

وكان الحريري صديقا مقربا للرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك واشتهر بصلاته الدولية.

الاغتيال

في 14 فبراير/شباط 2005، ركب الحريري مركبته بعد أن زار مقهى كافيه إيتوال بجوار مجلس النواب الذي كان عضوا فيه. وبينما كان موكبه يمر على الكورنيش انفجرت شاحنة ملغومة في سيارته وخلفت حفرة هائلة ودمرت واجهات المباني المحيطة بالمنطقة.

ولقي 21 شخصا بخلاف الحريري حتفهم في الانفجار الذي وقع خارج فندق سان جورج. وكان من بين الضحايا حراس الحريري وبعض المارة ووزير الاقتصاد السابق باسل فليحان.

توتر قبل الاغتيال

في العام الذي سبق الاغتيال كان الحريري طرفا في خلاف حول تمديد فترة الرئيس المؤيد لسوريا إميل لحود. وتحت ضغط سوري تم تعديل الدستور للسماح بتمديد فترته ثلاث سنوات. وعارض الحريري هذه الخطوة لكنه وقع على التعديل في نهاية المطاف.

وفي أيلول/ سبتمبر 2004، فرض قرار أصدره مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ضغطا على سوريا بسبب دورها في لبنان. ودعا القرار إلى إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة وانسحاب القوات الأجنبية كلها وإلى تسريح الجماعات المسلحة في البلاد والتي كان من بينها حزب الله المؤيد لدمشق.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر استقال الحريري من رئاسة الوزراء. وتزامن اضطراب الوضع في لبنان مع اضطرابات في المنطقة حيث انقلب ميزان القوى رأسا على عقب بالاجتياح الذي قادته الولايات المتحدة للعراق.

وهيأ ذلك الساحة لتصاعد المنافسة بين إيران وحلفائها في جانب بمن فيهم سوريا وبين دول الخليج المتحالفة مع الولايات المتحدة في الجانب الآخر.

التداعيات

أشعل اغتيال الحريري “ثورة الأرز” ونُظمت احتجاجات شعبية على الوجود السوري في لبنان. وتحت ضغط دولي متزايد سحبت سوريا قواتها في ابريل نيسان.

وتغير شكل لبنان.

قاد سعد نجل الحريري ائتلافا من الأحزاب المناهضة لسوريا عرف باسم “14 آذار” ودعمته دول غربية والسعودية. وتجمع حلفاء سوريا اللبنانيون ومنهم حزب الله في تحالف منافس أطلق عليه اسم “8 آذار”.

ورجع زعيما الطائفة المسيحية المارونية الرئيسيان في لبنان ميشال عون وسمير جعجع إلى الحياة السياسية. عاد عون من المنفى بينما خرج جعجع من السجن.

وفاز تحالف “14 آذار” بأغلبية برلمانية في حزيران/ يونيو.

وتلا ذلك صراع سياسي استمر عدة سنوات بين التكتلين تركز جانب كبير منه على قضية سلاح حزب الله. وكانت المحكمة التي تشكلت لنظر قضية اغتيال الحريري نقطة خلاف أيضا.

وبلغ التوتر ذروته في تفجر قصير للصراع الأهلي في 2008 سيطر خلاله حزب الله على بيروت.

التحقيق

بدأ التحقيق الدولي في حزيران/ يونيو 2005 وتولى رئاسته في البداية المدعي الألماني ديتليف ميليس. وبحلول أكتوبر/تشرين الأول أصدر تقريرا يورط مسؤولين سوريين ولبنانيين كبارا. ودأبت سوريا على نفي أي دور لها في عملية الاغتيال.

وفي آب/ أغسطس قُبض على أربعة من كبار القيادات العسكرية في لبنان وذلك بناء على طلب ميليس.

وأُفرج عنهم بعد أربع سنوات دون توجيه اتهام لهم بعد أن قالت المحكمة إنه لا توجد أدلة كافية لتوجيه الاتهام إليهم. ودأب الأربعة على نفي أي دور لهم.

وتم تغيير ميليس في أوائل 2006 وسار التحقيق ببطء.

وسحب سعد الحريري اتهامه لسوريا بأنها وراء مقتل والده في 2010.

وفي 2011 أعلنت المحكمة أسماء أربعة من أعضاء حزب الله مطلوبين في عملية الاغتيال. وربطت عريضة الاتهام بينهم وبين الهجوم بأدلة ظرفية إلى حد كبير مستقاة من سجلات هاتفية. وتم توجيه الاتهام إلى عضو خامس في حزب الله في 2012.

ورفض حزب الله الاتهامات وقال إنها لا تتضمن أي دليل ووصف الاتهامات بأنها ملفقة.

وقتل واحد من المتهمين الأربعة الأصليين هو مصطفى بدر الدين، وهو من القيادات الكبرى في حزب الله، في سوريا عام 2016.

رويترز