مرايا – وضحت دائرة الافتاء الأردنية معنى عبارة (إلا رسول الله) المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتاليا جواب الافتاء:
انتشرت كلمة (إلا رسول الله) على لسان المدافعين عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي تظهر الحب العميق الذي يستشعره المسلمون تجاه نبيهم صلى الله عليه وسلم، ومدى حرقتهم في الدفاع عنه، والذبّ عن جنابه الشريف، فصارت هذه الكلمة شعاراً يوحّد المسلمين على اختلاف مذاهبهم وآرائهم وأجناسهم على هدف عظيم، وهو الدفاع عن النبيّ صلى الله عليه وسلم الذي هو رمز الإسلام والرسالات السماوية، والمبعوث من الله تعالى للخلق كافة حجة عليهم وهادياً لهم إلى أقوم طريق.
وأمّا هذا الشعار من الناحية اللغوية؛ فلا إشكال فيه؛ فكلمة (إلا رسول الله) حُذف منها المستثنى منه وعامله اختصاراً، وهذا ما يُسمى في علم النحو بالاستثناء المُفرغ؛ وهو الاستثناء الذي حُذف منه المستثنى منه، ولا يكون إلا في النفي وشبهه عند النحاة، جاء في [أوضح المسالك 2/ 222]: “فإذا استثني بـ “إلا”، وكان الكلام غير تامّ، وهو الذي لم يذكر فيه المستثنى منه، فلا عمل لـ “إلا”، بل يكون الحكم عند وجودها مثله عند فقدها، ويسمى استثناءً مفرغاً، وشرطه: كون الكلام غير إيجاب، وهو: النفي نحو: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ}”، وإذا قدر الكلام موجباً لا منفياً فلها توجيه آخر، لكن مقصودنا هنا أنّ لها وجهاً لغوياً صحيحاً في الجملة.
وتقدير الكلام المحذوف على هذا الوجه: “ما لنا إلا رسول الله”، والمعنى المقصود بهذا الاستثناء تعظيم حرمة النبي صلى الله عليه وسلم والدفاع عنه، وإثبات توليه بالمحبة والتعظيم والتشريف والتكريم، وليس المراد أننا لا نتولى أحداً مطلقاً غير الرسول صلى الله عليه وسلم، بل نحن نتولى الله ورسوله والمؤمنين وكلّ من له حقّ، فينبغي أن يُحمل الكلام المُقدر السابق على المعنى المجازي، ويسمى ذلك عند علماء البلاغة بالقصر الادعائي أو المجازي، كقولهم: “لا سيف إلا ذو الفقار”.
ولا يجوز أن يقوم بعض الظاهريين الحرفيين بحمل العبارة على معناها الظاهر؛ لأنّ ذلك قصور عن اتساع اللغة العربية وأساليبها الفنية والبلاغية، فلا يصحّ أن يزعم زاعم أنّ قائل هذه الكلمة لا يتولى الله تعالى أو القرآن الكريم أو الإسلام مثلاً؛ لأنّ هذا مما لا يخطر بعقل مسلم أبداً، ولأنّ هذه الكلمة جاءت في سياق معين، وهي تكرار الإساءة للنبيّ صلى الله عليه وسلم في بعض الصحف الغربية، وبناء على هذا التوجيه وهذه القرائن تعيّن حمل الكلام على معناه المجازي للقرينة الحالية.
وعليه؛ فالأصل أن تُحمل مثل هذه الكلمات على محمل حسن يُراعى فيه مقصد قائلها، والسياق الذي وردت فيه، وقد وردت كلمة (إلا رسول الله) في سياق الإساءات المتكررة للنبيّ صلى الله عليه وسلم، ومقصد قائليها تعظيم حرمة النبيّ صلى الله عليه وسلم والدفاع عنه، وليس ثمة إشكال شرعيّ ولا لغويّ في هذه الكلمة، ونوصي المسلمين بنبذ الفرقة والخلاف، والاتحاد على ما يحبه الله ويرضاه من صالح الاعتقاد والعمل. والله تعالى أعلم.