مرايا – كتب الدكتور المؤرخ بكر خازر المجالي حقائق عن معركة الكرامة وفند بعض المعلومات المزيفة المنتشرة حولها.

وتالياً ما كتبه المجالي:

تبلغ مساحة معركة الكرامة حوالي 1300كلمتر مربع من جسر الامير محمد شمالا الى راس البحر الميت بطول حوالي 60 كلم ثم من الطرف الجنوبي للبحر الميت الى نهاية غور فيفا في الجنوب بطول حوالي 30 كلم ، اي بطول كلي هو 90 كلم وبعمق يتراوح بين 15 الى 20 كلم، وفي المتوسط فان مساحة ميدان المعركة نقدره على الاقل بـ 1300 كلم مربع.

وهذه المساحة كان يوجد فيها اكثر من 15 الف جندي معادي في ثلاثة الوية وكتائب مدرعة والية وهندسة ومظليين، تواجههم قوات الفرقة الاولى الاردنية المسندة ويقدر عددها ايضا بحوالي 15 الف جندي.

هذه من حقائق المعركة ولا نتجاهل وجود حوالي 220 فدائي بلا قيادة في منطقة شرق بلدة الكرامة وفي مساحة لا تزيد عن 2 كلم مربع.

وأقول بلا قيادة لان قادة الفدائيين جميعا تركوا الميدان مع بدء الهجوم وقابلهم العقيد غازي عربيات مدير الاستخبارات العسكرية عند عين حزير في اخر وادي شعيب ونقلهم الى عمان، لكن صلاح خلف “ابو اياد ” يقول في كتابه ” فلسطيني يبحث عن هوية ” في الصفحة 13 انه اخذ اغفاءة خلف صخرة في ميدان المعركة وكان معه مسدسه وفيه بضع طلقات وحسب قوله ” قد ادخرتها لنفسي اذا ما وقعت بيد العدو ” ، وفي العودة الى حلقات شاهد على العصر في الحلقتين مع احمد جبريل ونايف حواتمة فقد ذكرا انهما لم يطلقا طلقة واحدة في المعركة، ثم التساؤل في هذه المعركة الشرسة لم نسمع عن قيادي قد قتل او جرح.

ولكن من المقولات التي نكررها ونحن لا ندرك ابعادها اننا دائما نردد وعلى لسان العدو “ان العدو يقول انه خسر في معركة الكرامة ثلاثة اضعاف خسائره في حرب حزيران ” وحين نقف عند هذه المقولة نعتقد اننا ننساق وراء عبارة تخدم العدو نفسه ، وبالارقام معنى ثلاثة اضعاف خسائره في حزيران : نعرف انه خسر 250 قتيلا في الكرامة ، وهذا يعني انه خسر فقط 83 قتيلا في حرب حزيران على الثلاث جبهات ؟؟؟ وحين نقول خسر 450 جريحا فيعني انه خسر 150 جريحا في حزيران ؟؟ وعندما نقول انه تم تدمير 18 ناقلة له يعني انه خسر على الجبهات الثلاث في حزيران 6 ناقلات اي بمعدل ناقلتين على كل جبهة ؟؟؟ واسقطنا سبع طائرات ، اي خسائره في حرب حزيران بين 2 – 3 طائرات فقط ، وانه خسر 47 دبابة اي انه خسر في حزيران 16 دبابة فقط وخسر 88 الية في معركة الكرامة بمعنى انهم خسروا في حزيران 29 الية فقط ،بمعنى ان العرب لم يقاتلوا مطلقا او انهم من الضعف بمكان في اسلحتهم وقتالهم.

وهنا نقول اين المنطق في ترديد مقولة ان العدو خسر ثلاثة اضعاف خسائره في حزيران، اذا كان العدو قد قال ذلك فهذه خدعة اعلامية استخبارية وقعنا نحن فيها ، واذا كنا نحن قد اخترعناها فهذا غياب لفهم المغزى السلبي منها وتفاخر في غير محله للأسف. وهذا يعني ان العدو حقق انتصاراته على الجيوش العربية بخسائر قد يفقدها في مناورة للتدليل على ضعف الجيوش العربية وتعظيم اسطورة الجيش الذي لا يقهر.

ومن ثم نردد في موقع اخر ان قواتنا اشتبكت بالسلاح الابيض مع العدو، وقد قابلت العديد ممن قاتلوا في المعركة ولم اجد اي واحد قد اتى على ذكر السلاح الابيض مطلقا، فلم يكن هناك مشاة للعدو على الارض مطلقا فهم في الدبابات او الاليات المدرعة وما نزلوا منها، وكان المظليون الاسرائيليون قد احاطوا بقواعد ثلاثة للفدائيين ( شرق بلدة الكرامة عن موتورات التبريد وفي منطقة بصة الفرس ومنطقة بصة لاحم في حمرة عيرا ويرقا ” وما قام به العدو هو اعدام ميداني للفدائيين في مواقعهم وملاحقة عدد دخلوا الى مسجد الكرامة ودمره العدو ) وبالتالي لم يحصل اي اشتباك بالسلاح الابيض مطلقا.

وأمر اخر مهم :هو ترديد مقولة ان الجيش الاردني لم يتدخل في المعركة حتى الساعة 11 صباحا، وهنا القصد منها مصادرة نصر الجيش العربي الاردني والتشكيك بقادته ، ومعروف ان القصف المدفعي والاشتباك مع العدو بدأ منذ اللحظة الاولى وحال القصف الشديد دون تحقيق اختراق العدو على محور جسر دامية وجسر الامير عبدالله “سويمة “، ولكن ترك الجيش الاردني بلدة الكرامة التي احتلها العدو بالانزال المظلي مع فجر المعركة الى ان تمكن من السيطرة على كامل الجبهة فوجه قصفه للعدو في بلدة الكرامة فجمعوا انفسهم وهربوا من البلدة فورا لانهم ادركوا ان وصول القصف اليهم هو بسبب فشل قواتهم على امتداد الجبهة.

ومقولة اخرى تتردد حول قائد الفرقة الاولى العميد الركن مشهور حديثة انه قد تمرد على اوامر القيادة وقام بقصف العدو ، وهذا القول المؤسف يردده اولئك الذين يتصيدون في الماء العكر ومحاولة التشكيك وغير ذلك خاصة عندما يتناولون قائدا اردنيا مجبولا على الوفاء والاخلاص والشجاعة ، وهناك الاوامر بضرب العدو اينما تشاهدوه ، ولا ينتظر حامل الروكت لانشر امرا لتدمير دبابة العدو وهو على بعد خمسين مترا منها ، ولا ينتظر قائد اللواء امرا بكيفية توجيه نيران قواته وهكذا ، فالمعركة هي معركة جيش محترف يعرف كيف يدير معركته وما هي سلسلة الاوامر والتعليمات لديه فخسئ كل من يحاول التشكيك والتقليل من نصر الجيش العربي الاردني الذي صنعه اشاوس الجيش بصمودهم ومعنوياتهم وثباتهم، ويمتاز ضباط جيشنا العربي بلا استثناء بالضبط والربط العسكري الشديد واتباع الاوامر والتعليمات وهم على يقين بثقتهم المطلقة بقائدهم الاعلى الذي كان هو القائد لمعركة الكرامة جلالة الحسين رحمه الله.

وحقيقة اخرى ان قواتنا المقاتلة كانت تخوض معركتها بحزم وتصميم على ان العدو لن ينفذ الى التلال الشرقية وهناك جندي اردني على قيد الحياة ، فهي معركة مصير وبقاء ووجود ، ومن مقابلة العديد من القادة والجنود الاردنيين وسؤالهم اين كان الفدائيون ؟؟ والجواب منهم جميعا لا نعلم ولا نعرف اين كانوا ولم نشاهدهم حتى بعد المعركة.

يجب ان لا نغرس رؤوسنا في الرمل ونحن نسمع مثل هذه الاقاويل التي يرددها البعض للاسف، وتنتشر على وسائل التواصل الى الحد التي يتم ترويجها كحقيقة يلتقطها من يناصبون الاردن العداء والحقد.

نحن مع الحقيقة وليس غير الحقيقة التي يدركها الجندي الاردني الذي كان يقدم الدعم والاسناد لاخيه الفدائي لاجتياز نهر الاردن لتنفيذ عمليات خلف خطوط العدو ، ويدرك ايضا ان ما تم في الكرامة وبعد الكرامة هو ضمن اطار مخطط معاد لمكانة الاردن ومواقفه القومية الصادقة من قضية فلسطين التي هي محور رئيسي في قلب السياسة الاردنية برعاية القيادة الهاشمية.