أشارت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أن توتر علاقات رئيس الوزراء الحالي، بنيامين نتانياهو، مع اثنين من الحلفاء العرب المهمين، أضعف تلك الصورة في الفترة التي سبقت الانتخابات الصهيونية .
وقالت الصحيفة إن جزء من شعبية نتانياهو اعتمدت على تقديم نفسه – خلال حملته الانتخابية – على أنه زعيم عالمي يمكنه الحفاظ على أمن الكيان وتعزيز مصالحها دوليا.
وخلال الفترة الماضية، سعى نتانياهو إلى استغلال شراكته الجديدة مع الإمارات في حملته للبقاء في السلطة، لكن أبوظبي فضلت الصمت إزاء تصريحات نتانياهو بجلبه المليارات للكيان من استثمارات إماراتية تجارية، ثم جهر وزير الدولة للشؤون الخارجية السابق في الإمارات، بتغريدة عبر فيها عن رفض بلاده “المشاركة في أي عملية انتخابية داخلية في الكيان “.
وجاءت التغريدة قبل يوم من نشر موقع “أكسيوس” تقريرا نقل فيه عن مصادر أميركية قولها إن الإمارات علقت خططا لعقد قمة في أبوظبي مع الكيان والولايات المتحدة ودول عربية، احتجاجا على محاولات نتانياهو استخدام الزيارة لدعم حظوظه في الفوز بالانتخابات.
وتشير “نيويورك تايمز” إلى أن حديث نتانياهو علنا عن استثمار الإمارات لمبلغ ضخم قدره 10 مليارات دولار في مشاريع مختلفة في الكيان ، زاد الطين بله” بعد أن تسببت “علاقته الفاترة” مع الملك الأردني، عبدالله ابن الحسين، في إلغاء رحلته الأخيرة إلى أبوظبي. فإلى أي مدى أثرت هذه التوترات على فرص نتانياهو الانتخابية؟
“شأن داخلي”
استغرب الخبير في الشؤون الاستراتيجية العميد متقاعد، خلفان الكعبي، الزج بدولة الإمارات في الانتخابات الصهيونية ، مؤكدا أن بلاده “ليست طرفا” في القضية.
وقال الكعبي، في تصريحه لموقع “الحرة”، إن الإمارات لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى، موضحا أن أبوظبي “تتعامل مع دولة ومؤسسات ولا تتعامل مع أشخاص”.
وعن الربط بين علاقة الكيان بالإمارات وتأثيرها على شعبيته، كان كلام الكعبي مماثلا لرأي قرقاش، موضحا: “الانتخابات الصهيونية شأن داخلي واستحقاق انتخابي اعتيادي. الإمارات ليس لها علاقة في الأمر، وإذا كان نتانياهو يرى بأن علاقته مع دولة محورية وأساسية في المنطقة يساعده في الانتخابات فهذا شأنه”.
وأشار الكعبي إلى أن الإمارات لها مصلحة في إقامة علاقات مع الكيان ، لكنها لا تهتم بكيفية تفكير الأحزاب الداخلية في البلاد، قائلا: “الأشخاص متغيرون والإمارات تتعامل مع دول ومؤسسات”.
نتانياهو كان يرغب في زيارة الإمارات “قبل الانتخابات” الصهيونية
ودلل الكعبي على سياسة بلاده، مشيرا إلى سير معاهدة إبراهيم، مردفا: “رحل ترامب الذي له دور في الصفقة والاتفاقية باقية. لا أعتقد أن بقاء نتانياهو أو رحيله له تأثير في اتفاق بين الدول”، مشيرا إلى أنه لا يتوقع أن يكون هناك تأثير لنتائج الانتخابات الصهيونية على سير اتفاقيات السلام مع البحرين والسودان والمغرب.
“مواقف معادية”
وعلق نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق، جواد العناني، على ما وصفه بأنه “إعادة الإمارات النظر في زيارة رئيس الوزراء الصهيوني”، واصفا قرار الدولة الخليجية بـ “الصائب والحكيم”.
وكانت رحلة نتانياهو إلى الإمارات تأجلت أربع مرات لأسباب مختلفة.
وقال العناني، في تصريحه لموقع “الحرة”، إن “الرجل (نتانياهو) معارض لصفقة الأسلحة الأميركية الإماراتية ويسعى للتشويش عليها (الإمارات) في الكونغرس، إضافة إلى محاولة استغلاله هذه الرحلة لتعزيز موقعه الانتخابي وهذا ربما يؤثر على علاقة الإمارات مع أي حكومة أخرى لا تتبع حزب الليكود، فضلا عن احتمالية تأثر العلاقات الإماراتية الأميركية”.
وأكد العناني أن بلاده تتابع الانتخابات الصهيونية بدقة، باعتبار أن هذا الاستحقاق من الممكن أن يسفر عن تشكيل حكومة جديدة.
وقال السياسي البارز الذي سبق له أن تولى أكثر من حقيبة وزارية، بما فيها الخارجية، إن مرحلة نتانياهو اتسمت بسوء العلاقات بين البلدين، مرجحا أن تتحسن علاقة الأردن مع الكيان حال وصول حكومة جديدة إلى السلطة.
وأضاف: “مواقف نتانياهو معادية للأردن (…)، حيث لم يلتزم بالاتفاقيات وخالف معاهدة السلام الأردنية الصهيونية من خلال محاولة ضم أراضي الغور، على الرغم من أن الاتفاقية بين البلدين تنص على ترسيم حدود أراضي 67 يكون مع الجانب الفلسطيني”.
واستدل العناني أيضا بحادثة “إلغاء زيارة ولي عهد الأردن إلى المسجد الأقصى (…) بعد تصميم الكيان على عدم السماح بدخول الحرص الخاص بالأمير الحسين ابن عبدالله وهذا ما دفع الأردن إلى منع طائرة نتانياهو بالتحليق في أجواءه”.
وتابع: “الأردن دولة ربط بري وجوي وبحري مهمة الحتلال (…) وهناك أسباب استراتيجية تجعل كثير من الصهاينة الواعين يصفون معاملة نتانياهو للأردن بـ (الخطأ الاستراتيجي) والمعارضة تستغل هذا الشيء ضد في الانتخابات”.
“لا أزمة ولا يحزنون”
أما الباحث والمحلل السياسي الصهيوني ، إيدي كوهين، فيؤكد في حديثه لموقع “الحرة” أن “نتانياهو يملك فرصا أكبر للنجاح من الانتخابات السابقة” دون أن يستبعد حصوله على الأغلبية (60+1) التي تمكنه من تشكيل حكومة ائتلافية.
وينفي كوهين وجود توتر في العلاقات بين الإمارات والكيان ، قائلا: “لا أزمة ولا هم يحزنون (…). هناك من يحاول تصوير ذلك وهم من أعداء نتانياهو”، على حد قوله.
واتفق كوهين مع الكعبي على أن صفقات التطبيع بين الكيان والدول العربية لن تتأثر فيما لو رحل نتانياهو عن السلطة، مشيرا إلى أن ذلك سيؤثر على الصفقات المستقبلية فقط.
وأوضح أن رحيل نتانياهو، إن حدث، سيؤثر على انضمام دول جديدة للاتفاق الإبراهيمي مثل السعودية وقطر وعمان، مشيرا إلى أن اليسار الصهيوني يتفق في الرؤية مع الرئيس الأميركي جو بايدن والذي يميل إلى العودة للاتفاق النووي الإيراني أكثر من إبرام صفقات تطبيع بين دول عربية والكيان ، وفقا لكوهين.
ويقول كوهين إن “ضعف الأحزاب العربية بعد انقسام القائمة المشتركة وضعف اليسار يعطي نتانياهو فرصة كبيرة في هذه الانتخابات”، مبينا أن “كل الاستطلاعات تشير إلى فوز الليكود بأكثر من 30 مقعدا”.
ويؤكد أن كل المؤشرات تفيد بأن شعبية نتانياهو لم تهتز، على حد قوله، ويضيف أن هناك أسبابا معقولة تدعو أنصار نتانياهو للتفاؤل بفوزه في هذه الانتخابات منها استجابة حكومته لوباء كورونا وإخراج البلاد من هذه الأزمة من خلال أسرع حملة تطعيم في العالم، بالإضافة إلى اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية.
وقال كوهين: “لا يوجد منافس لنتانياهو حتى من داخل اليمين”، مردفا: “وفقا للاستطلاعات فإن أفضل حزب يميني آخر ربما يحصل على 9 مقاعد وهذه ليست منافسة مقارنة بـ 30 مقعدا لليكود”.
ويعتمد النظام الانتخابي المعقد في الكيان على دور مجلس النواب المكون من 120 عضوا، حيث يعتمد تشكيل الحكومة على البرلمان الذي لا يمكن لأي حزب دخوله إذا لم يحقق نسبة أصوات معينة.
وسيواجه رئيس الوزراء المقبل صعوبة من تشكيل حكومة ائتلافية في حال عدم حصول حزب معين على الأغلبية داخل الكنيست والتي تبلغ 61 مقعدا.
ويأمل الصهاينة في إنهاء حالة الركود السياسي التي تمر فيها البلاد من خلال هذه الانتخابات التي تقام للمرة الرابعة خلال عامين، ويقول كوهين إن “الشعب الصهيوني سئم ومل من الانتخابات بعد ذهابه المتكرر لصناديق الاقتراع”.