مرايا – أكد متخصصون رفض الدين والعقل والمنطق والعلم لأي سلوك يوقع به الشخص ضررا على الآخرين بقصد او بدونه، فقاعدة “تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين”، تبرز أكثر في سياق التجمعات التي تأتي في زمن جائحة كورونا، كبيئة خصبة تسهم في تسارع ارتفاع وتيرة المنحنى الوبائي، ما يبدد كل الجهود المبذولة في سبيل حماية الفرد والمجتمع من وباء حصد ملايين الوفيات على مستوى العالم.
وتتجلى أروع صور التعاضد المجتمعي بحسب المتخصصين، في مشاركة الناس أفراحهم وأتراحهم ضمن سياق الحفاظ على الصحة العامة من خلال الالتزام بالتدابير الوقائية، والاكتفاء بمقاسمة من حولنا مشاعرهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة، وعدم الانجرار إلى اي نوع من انواع التجمعات مهما كان سببها.
استشاري الوبائيات وعضو اللجنة الوطنية للأوبئة الدكتور بسام حجاوي يقول إن أوامر الدفاع شددت على عدم تجاوز التجمعات للأعداد المسموحة وضمن اشتراطات وتدابير صحية ملزمة، لأن التجمعات من عوامل الخطر التي تنقل عدوى فيروس كورونا بين الناس.
واعتبر حجاوي أن التباعد الجسدي، وارتداء الكمامة، واستخدام المعقمات والتهوية الجيدة من أهم عوامل الوقاية من الفيروس.
واشار إلى صعوبة مراقبة التجمعات كافة وهو ما دعا الحكومة لإقرار الإجراءات الصحية اللازمة، موضحا أن العادات والتقاليد المجتمعية التي كانت سائدة بصورتها السابقة والقائمة على التجمع لا تتماشى مع كيفية انتقال الجائحة وتأثيرها على الجهاز التنفسي، ففتح بيوت العزاء أو الأفراح بطريقة لا تراعي التباعد الصحي، تشكل بؤر انتشار للوباء.
وحذر حجاوي من خطر التهاون في ارتداء الكمامة لأنها السبيل الواقي حاليا من الفيروس بموازاة تلقي المواطنين للمطاعيم تباعا.
واوضح أن عدم تلقي الكثيرين للمطاعيم حتى الآن، يؤثر سلبا على المنحنى الوبائي والجهود العالمية في إيقاف انتشار الفيروس وجهود التعايش معه.
من جهته، دعا استشاري الطب النفسي الدكتور زهير الدباغ، المواطنين لتدريب أنفسهم على عدم الاختلاط من خلال رفض قبول أية دعوات للتجمع والمخالطة، والاعتذار عن التجمعات بأشكالها كافة، وكذلك المناسبات التي تجمع عشرات الاشخاص معا، ما يعكس الوعي والادراك من الضرر الناشئ عنها.
بدورها، قالت المعالجة واختصاصية الصحة النفسية رانيا عطا الله إن بعض الأشخاص الذين يعلمون إصابتهم بفيروس كورونا ويتنقلون بين الناس دون اية مسؤولية، يمتلكون عقلية الإنكار التي تجعل الشخص غير مصدق لإصابته وغير مدرك لحجم الضرر الناجمة عن سلوكه.
ودعت الاخصائية النفسية إلى عدم الانجراف وراء العاطفة، وتحكيم العقل لتجنب العواقب الناجمة عن الاختلاط، وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الفردية، وصولا لمجتمع خال من الفيروس.
ولفتت إلى أن السبيل الأمثل لتوعية هذه الفئة يكمن في تقديم النصح وعرض الحقائق وطرح أمثلة واقعية لأشخاص يعانون من تبعات إصابتهم بالفيروس.
وفي سياق متصل، دعا الخبير الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي إلى “التكافل الصحي” الذي يعبر عن تضامن الفرد مع مجتمعه من خلال اتباع وسائل الوقاية الصحية بغية عدم إلحاق الأذى والمعاناة بالآخرين، وكذلك أرباب الأسر بأن يكونوا مرشدين ومتابعين لأبنائهم لتحقيق التكافل الصحي الاجتماعي.
واكد الخزاعي ضرورة أن يوجه أفراد المجتمع رسائل النصح بفاعلية بين بعضهم البعض، وتوعيتهم بسلبيات التجمع غير المسؤول في حال خططوا لذلك، مبينا ان طبيعة المجتمع الأردني الجديدة في زمن الجائحة “مرنة وواقعية” في التعامل مع الأزمات.
من جانبه، قال عضو رابطة اتحاد علماء المسلمين الدكتور سلطان الجبور، إن الخروج عن أوامر الدفاع لا يجوز شرعا لأنه خروج عن طاعة ولي الأمر التي تعد واجبا شرعيا، واستشهد بنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخروج من الأرض التي وقع بها الطاعون أو الدخول فيها، لأن في ذلك احتمالات كبيرة للتعرض للبلاء، حيث ان الالتزام بعدم المخالطة والابتعاد عن التجمعات يسهمان إلى حد كبير بحصر المرض في دائرة محددة ومنع انتشاره.
وأضاف ان تنقل المصاب أو حامل الفيروس بين الناس غير المصابين يخالف القاعدة الشرعية “درء المفاسد أولى من جلب المصالح”، وأن اصابة أحدهم وموته بسبب ناقل العدوى له، تجعل الاخير قاتلا في نظر الشرع.
ودعا رئيس مركز التعايش الديني نبيل حداد، للمحافظة على صحة الجميع. وقال إن المشاركة في التجمعات أيا كانت دوافعها، ضارة بصحة الأفراد والمجتمع وكفيلة بزيادة خطر الفيروس، وأن طاعة الله تنطلق أيضا من المحافظة على الصحة، ومخالفة ذلك هو رفض لأوامر وتعاليم الدين المسيحي، طالبا أيضا بالامتناع عن التجمع حفاظا على مجد الوطن وخير ابنائه.