مرايا – أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية أن حركته ملتزمة بتشكيل حكومة توافق وطني، حتى وإن سجّلت فوزًا في الانتخابات التشريعية المقبلة، المقررة في مايو.
وقال هنية خلال حوارٍ مع وكالة “الأناضول” التركية يوم الخميس: ” حماس تشارك في الانتخابات على قاعدة الشراكة وليس على قاعدة المغالبة، ولا تريد أن تسيطر على النظام السياسي الفلسطيني”.
وأضاف: “حماس، حتى وإن سجلت فوزًا في هذه الانتخابات، فهي ملتزمة بتشكيل حكومة توافق مع كل الفلسطينيين، لكي نتحمل جميعًا المسؤولية في مرحلة هي الأخطر من مراحل الصراع مع الاحتلال”.
ورأى هنية أن الانتخابات المقبلة مهمة وقد تُشكّل رافعة للأوضاع الفلسطينية الحالية، مشيرًا إلى أنها مدخل لإنهاء الانقسام الذي مضي عليه نحو 15 سنة.
وأشار إلى أن الانتخابات تهدف إلى “إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على قاعدة الشراكة بين الجميع”.
وأكمل: “نعتقد أننا أمام مرحلة مهمة، ومحطة في حال استثمارها بشكل جيد، ستنقل الوضع الفلسطيني من الحالة التي عليها الآن، إلى حالة أفضل لترتيب البيت الفلسطيني”.
وحول القائمة التي تقدمت بها الحركة يوم الإثنين الماضي لخوض الانتخابات، قال هنية إنها تحتوي على “رسائل ورموز مهمة”، خاصة بشأن “القدس والشهداء والأسرى”.
وقال هنية: “اخترنا اسم (القدس موعدنا)، بعناية دقيقة، لنؤكد بأن القدس عنواننا وبوصلتنا وعاصمتنا وشرفنا”.
وأكمل: “تضمنت القائمة أركان مهمة، منها رمزية الشهداء، وعلى رأس القائمة (القيادي بالحركة) خليل الحية، وهو منبت الشهداء، له أكثر من 15 شهيدًا من عائلته”.
وفيما يخص الحديث عن احتمال تأجيل الانتخابات جراء الضغوط الخارجية، أعرب هنية عن ثقته “العالية” في أن الانتخابات “ستمضي وفق ما تم الاتفاق عليه”.
وقال: “نحن متمسكون بالانتخابات، وكل المواقف الرسمية بما في ذلك في حركة فتح والسلطة الفلسطينية كذلك تقول إنهم مصممون بالمضي قدمًا حتى النهاية بالانتخابات”.
وزاد: “أدرك أن هناك تحديات وضغوطات من أطراف، ومحاولات للعبث بالانتخابات، وخاصة من الكيان الصهيوني “.
لكن هنية أضاف مستدركًا: “هذا أحد التحديات التي أمامنا، ولكن نحن متمسكون بالانتخابات كوسيلة لترتيب بيتنا الفلسطيني”.
وحول رد فعل حماس، في حال تأجيل الانتخابات أو إلغائها، قال هنية “إذا حدثت تطورات على اتجاهات معاكسة أو سلبية، سندرسها في حينه وسنتخذ القرار اللازم بخصوصها.
والأسبوع الماضي، أقرّ أمين سر اللجنة المركزية لحركة “فتح” جبريل الرجوب في لقاء عبر تلفزيون فلسطين، بوجود ضغوط صهيونية “وحتى إقليمية وعربية”، لإلغاء الانتخابات، وقال إن الرئيس محمود عباس رفضها.
وذكر هنية أن “الاحتلال يعيش حاليًا في مأزق، جراء عدم قدرة الأحزاب على تشكيل حكومة، وإجراء أربع جولات انتخابية خلال عامين، وقد يتم إجراء جولة خامسة”.
وأشار إلى أن “هناك مأزق حقيقي في داخل الاحتلال ونحن نتابعه، ويتمثل بعدم قدرة الاحزاب على تشكيل حكومات مستقرة وثابتة”.
وزاد: “الكيان الصهيوني لم يعد بهذه القوة والمناعة الداخلية، وهناك تغيرات حقيقية تجري، وهي مؤشرات تقول لنا ألا مستقبل له على الارض الفلسطينية”.
وبين أن نتائج الانتخابات تشير إلى أن الصهاينة ينحون باتجاه “اليمينية والتطرف”، ويكاد “اليسار” يندثر، مضيفًا: “كل المكونات الصهيونية لا تعترف بالشعب الفلسطيني وبحقوقه، ولا حتى بالحدود الدنيا للحق الفلسطيني”.
وحول موقف حركته من نتائج الانتخابات الأخيرة، أجاب: “نحن لا نعوّل كثيرًا على الحكومات الصهونية ونتائج الانتخابات، العلاقة هي علاقة مواجهة وصراع ومقاومة، وبالتالي هذا الشأن الداخلي ليس له تأثيراته على القرارات السياسية أو على توجهاتنا الاستراتيجية، أو على مواقفنا التكتيكية في الداخل”.
وينظر القيادي في حماس بإيجابية إلى التطورات الحاصلة في المنطقة، خاصة بعد رحيل إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب.
ورغم عدم “تعويل” حماس على إدارة الرئيس الحالي جو بايدن، إلا إنه يقول “التوحش السياسي الذي ميز سياسة ترمب، قد لا يستمر مع سياسة بايدن”.
وحول أسباب تفاؤله بالتطورات في الإقليم، يقول “هناك الكثير من المعطيات، ومن التسويات في المنطقة؛ المصالحة الخليجية، التقارب التركي المصري، وحل مشكلة ليبيا، والحديث عن حل مشكلة اليمن؛ أعتقد أن كل ذلك يفتح صفحات من الأمل والشعور بأن القادم أفضل لشعبنا وللمنطقة”.
وأشاد رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” بالدور التركي الداعم للشعب الفلسطيني، وقال: “نُقدّره عاليًا، خاصة في دعم القضية الفلسطينية وبالوقوف إلى جانب غزة في مواجهة الحصار، وتبني واحتضان القدس عاصمة فلسطين”.
وأضاف: “سجلنا باعتزاز، المواقف السياسية للرئيس رجب طيب أردوغان وللبرلمان والحكومة في المحافل الإقليمية والدولية، ونرى أن قضية فلسطين هي قضية إجماع تركي”.
وتابع “قد يكون لديه (الشعب التركي) ملفاته الخاصة وتباينات بالنقاشات؛ ولكن عند الحديث عن قضية فلسطين، تجد أنها قاسم مشترك بين كل الأحزاب والمكونات”.
وجدد هنية التحذير من خطورة “التطبيع” بين الدول العربية و”الكيان”.
وقال: “خطورته لا يمكن أن تخفى على أحد، هي ضمن (خطة إدارة ترمب السابقة) صفقة القرن، التي نصت في أحد مساراتها على بناء تحالفات عسكرية أمنية بين الكيان وبعض الدول في المنطقة؛ وهي فيها خطر على المنطقة والقضية”.
وأكمل: “هناك محاولة لاستخدام سياسة التطبيع لتطويع سياسات هذه الدول، ثم الضغط على الفلسطينيين للقبول بالحلول التي تضرب بالحقوق الثابتة”.
واستدرك القيادي بحماس أن حركته ورغم رفضها الكامل للتطبيع، إلا أنها لا “تريد تحويل الصراع من صراع فلسطيني صهيوني ، إلى صراع فلسطيني مع هذه الدول”.
وأضاف: “البوصلة ستبقى محددة، بأن الصراع مع الاحتلال، وأن الأشقاء (نواجهم) بالحوار السياسي، وبإعلاء شأن المصالح المشتركة (..) نستطيع التوصل لتفاهم مشترك للتعامل مع هذه القضية”.
وتطرق هنية في حديثه إلى لحصار الصهيوني المفروض على غزة، موضحًا أنه “الأطول الذي يتعرض له شعب تحت الاحتلال”.
كما أشاد باستمرار فتح مصر لمعبر رفح، مضيفًا: “منذ فترة العلاقة مع الأشقاء في مصر جيدة، وفي معبر رفح هناك حركة تجارية ومحاولة تخفيف عن أهلنا عبر هذه البوابة الوحيدة”.
كما رحّب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بالتقارب التركي المصري، مؤكدا أنه يصب “في مصلحة” فلسطين، فيما “ينعكس سلبًا أي صراع” بين الدول العربية والإسلامية على القضية الفلسطينية.
وفي معرض تعليقه على التقارب بين أنقرة والقاهرة، قال هنية: “نُرحّب بالتقارب التركي المصري، ونعتقد أن مزيدًا من التفاهمات بينهما، وبين الدول العربية والإسلامية ستنعكس إيجابًا علينا في فلسطين، وعلى الدول العربية”.
وأضاف “هناك دول مركزية بالمنطقة معروفة تاريخيًا، وتلعب دورًا استراتيجيًا، دول بحجم مصر وبحجم تركيا وإيران والسعودية؛ كلما كان هناك تفاهم وتقارب بينها يكون في مصلحة شعوب المنطقة، والقضية الفلسطينية”.
وتابع هنية قائلًا: “أي صراع بين الدول العربية والإسلامية، ينعكس سلًبا على مقدرات الأمة، ومستقبل الشعوب، والقضية الفلسطينية، ويعتبر وضعًا إقليميًا ذهبيًا للكيان الصهيوني، لتنفيذ مشاريعه ومخططاته في الاستيطان والتهويد والضم”.