أعلن وزير الصحة الأسبق الدكتور سعد الخرابشة استقالته من لجنة الأوبئة وكافة اللجان المنبثقة عنها.
وتالياً نص استقالة الخرابشة:
قبل حوالي شهر ونصف هاتفني معالي وزير الصحة السابق يطلب مني التخفيف من الظهور الإعلامي وتجنب انتقاد إجراءات الحكومة وبناء على توجيه من دولة الرئيس، وللأمانة فقد كان أسلوبه لطيف جدا وشعرت بأنه كان مضطرا لإجراء هذه المكالمة معي فأخبرته أنني عندما أتحدث عبر وسائل الإعلام أعي ما أقول وأتكلم بأمور علمية تصب في مصلحة الوطن وإيضاح الحقائق العلمية للمواطنين وتقييمي للوضع الوبائي كما أراه ولم أقصد أبدا إحراج الوزارة أو الحكومة. في نفس اليوم وتحديدا في 2 /3 تقدمت لمعالي الوزير برسالة أطلب فيها إعفائي عن الاستمرار بعضوية اللجنة الوطنية للأوبئة بعد مرور 4 شهور على مشاركتي بها وذلك حتى لا أعرضه للإحراج.
وفي نفس الليلة وبعد اطلاعه على رسالتي بعث لي رسالة يرجو بها عدولي عن الاستقالة ويذكر بها عبارات طيبة عن أدائي في أعمال اللجنة وضرورة بقائي فيها شجعتني، بل وأجبرتني على التراجع عن الاستقالة والإستمراربالعمل الطوعي خدمة للمصلحة العامة.
قبل بداية شهر رمضان بيوم دعا الوزير الحالي لاجتماع طارئ للجنة الأوبئة وظننا أن هنالك أمرا مهما سيتم بحثه من قبل اللجنة لنتفاجأ بان معظم وقت الاجتماع قد خصص لإلقاء تعليمات من معاليه لأعضاء اللجنة بكيفية التحدث عبر وسائل الإعلام، ماهو المرغوب وما هو الممنوع وعلى جميع أعضاء اللجنة التقيد بذلك وأن عضو اللجنة غير مسموح له بالتعبير عن رأيه العلمي الذي يراه يصب في مصلحة الوطن والمواطنين فأدركت عندها ومعي بعض الزملاء أن هذا الطرح لا يليق بأشخاص خبراء قضوا عقودا عديدة في العمل العام ويدركون أهمية التوازن في ما يجب أن يقال وما لا يجب أن يقال. وأخبرت الوزير بأن طرحه لا يليق بنا وأنني أرغب بالإنسحاب من عضوية اللجنة في ضوء هذه المحددات التي يطرحها.
يذكر أنني ومعي بعض الزملاء قد انتهينا مؤخرا من إجراء دراسة علمية حول أثر حظر يوم الجمعة على سير الوباء في الأردن وتبين لنا بأن لا أثر إيجابي لذلك الحظر، بل وكان عدم الحظر أقل خطورة من الحظر، وقد قمت بإرسال تقرير الدراسة للوزير منذ ما يزيد على أسبوعين عبر بريده الإلكتروني وسلمته نسخة ورقية إضافية يوم اجتماع اللجنة الأخير وأبديت له الاستعداد بأن نعرض نتائج هذه الدراسة في الوزارة في الوقت الذي يحدده. فوافق على ذلك ولم يتم تحديد ذلك الموعد حتى تاريخه، والتزمنا بعدم الإفصاح عن نتائج الدراسة عبر وسائل الإعلام لحين مناقشتها في الموعد الذي لم يحدد. يبدو أن هذه الدراسة لم ترق لمعاليه أو لجهات أخرى كون نتائجها تتعارض مع بعض قرارات الحكومة.
لقد عملت وزملائي وبكل فخر وراحة ضمير منذ انضمامي للجنة وترأسي للجنة تقييم الوضع الوبائي منذ ستة شهور بالعمل المضني والجاد والطوعي على تحسين قاعدة البيانات العلمية الوبائية والإحصائية لوباء كورونا وأصدرنا ولأول مرة ستة أعداد لنشرة وبائية شهرية تحتوي على العديد من المؤشرات الوبائية التي تشخص حالة الوباء وتحوي العديد من المقالات العلمية والتي كانت تعمم على كل المهتمين ولاقت إعجابا واستحسانا كبيرا من قبل جميع من اطلع عليها وتم وضعها على موقع الوزارة الرسمي لمزيد من تعميم الفائدة علما أن المعلومات الوبائية التي كانت متوفرة في الوزارة قبل ذلك كانت متواضعة جدا وغير متيسرة لمعظم المهتمين والمتابعين. كما وساهمت بكل ما بوسعي بتقديم النصح والتوصيات العلمية للوزارة التي من شأنها الإسهام في تحسين عملية ترصد الوباء ومكافحته.
وخلاصة الأمر أصبح واضحا لي أن المطلوب في هذه المرحلة هو الاستماع للأصوات الخافتة فقط وأن الأصوات العالية للمخلصين والمحروقين على سلامة الوطن غير مرغوب بها ولذلك أعلن للجميع بأنني اعتبارا من هذا التاريخ لم أعد عضوا في اللجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة أو أي من اللجان المنبثقة عنها.
حمى الله بلدنا العزيز وأهله المخلصين وحفظ القيادة الهاشمية