مخرجات قمة “يوم الأرض”.. هل تشكل خريطة تحول في العمل المناخي؟
 

  يُذكر الاحتفال بيوم الأرض العالمي بأهمية “إعلان حالة الطوارئ المناخية عالميا ومحليا”، مع ضرورة سعي الأردن قدما في ملف التغير المناخي، وعبر تنفيذ برامج التكيف والتخفيف “دون تباطؤ”، وفق خبراء بالشأن البيئي.
وفي الوقت، الذي يشارك فيه الأردن دول العالم الاحتفال رقميا وللعام الثاني على التوالي بقمة الأرض اليوم، تنعقد قمة عالمية افتراضية بشأن التغير المناخي، كان دعا اليها الرئيس الأميركي جو بايدن نهاية آذار (مارس) الماضي، لعكس عودة واشطن الى خط المواجهة بمكافحة تغير المناخ عن التزاماتها في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
ويشكل هذان الحدثان “مفترق طرق مهما بالنسبة للأردن والعالم، باعتبار أن مخرجاتها ستشكل خريطة تحول في العمل المناخي، بعد توقعات بإعلان الدول المشاركة عن تعزيز طموحها، ودعم البلدان المتأثرة من هذه الظاهرة من بينها المملكة”.
ويذكر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش في يوم الأرض، في كلمة نشرها برنامج الأمم المتحدة للبيئة أمس، أن “أمنا الأرض، تبعث إلينا دعوة عاجلة للعمل، فالطبيعة تعاني، كما أن من العوامل التي يمكن أن تزيد احتمال انتقال الأمراض المعدية (مثل فيروس كورونا) من الحيوانات إلى البشر تغير المناخ، والتغيرات التي من صنع الإنسان على الطبيعة، والجرائم التي تعطل التنوع البيولوجي من مثل إزالة الغابات”.
وقالت الخبيرة في الشأن البيئي والمناخي صفاء الجيوسي لـ”الغد”، إن “انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من اتفاق باريس، أدى لإضاعة ما يسمى بالزخم السياسي للحد من درجة الحرارة الى 1.5 درجة مئوية”.
لذلك فإن “القمة التي دعا اليها بايدن تأتي للتذكير بأهمية، أن تعزز الدول المشاركة وعلى رأسها مجموعة العشرين، ومن بينها السعودية، الطموح بشأن العمل المناخي”، تبعا لها.
وتوقعت أن “تضع كلا من الصين والولايات المتحدة الأميركية، ودول متقدمة وصناعية مشاركة، التزامات طموحة على طاولة النقاش اليوم، ما سيدفع بالبلدان الأخرى لأن تحذو حذوها في هذا المجال”.
وبينت أن” انعكاسات تلك الخطوة على الأردن، ترتبط بالتمويل عبر تقديم الدعم لبرامجها المتعلقة بالعمل المناخي، سواء على صعيد التكيف أو التخفيف”.
وأعربت عن أملها بأن “يتبع الأردن تلك الدول بتعزيز الطموح بشأن عمله المناخي، وأن يكون على قائمة أولويات عمل الحكومة”، داعية بهذا الشأن “الحكومة ألا تغيب مسألة التأثيرات الفعلية للتغير المناخي على الأردن، كحدة الطقس، في ظل الاستجابة لوباء كورونا”.
وبينت أن “الخسائر المالية من تأثيرات التغير المناخي على الأردن، ستكون كبيرة، إذا لم يكن هنالك تحرك فعلي على أرض الواقع”.
وحول ارتفاع معدلات درجات الحرارة التي شهدتها المملكة اليومين الماضيين، أكدت الجيوسي أنه “لا يمكن ربط هذا الارتفاع في الحرارة بالتغير المناخي، الا في حال تكرار هذه الظاهرة خلال الأعوام المقبلة وفي الأوقات ذاتها”.
لكن لا يعني ذلك أن “الأردن لن يشهد قلة في هطل الأمطار وارتفاع بدرجات الحرارة، وازدياد في حدة الأمطار الومضية، فالسيناريوهات المناخية المستقبلية، أشارت الى ذلك في عدة تقارير علمية”.
وتوقعت مسودة الخطة الوطنية للتكيف وآثار التغير المناخي في الأردن 2021 أن “يكون مناخ الأردن مستقبلا أكثر دفئا في فصل الصيف، وجفافا في فصلي الخريف والشتاء، لتنخفض معها نسبة متوسط هطل الأمطار لـ35 % بين أعوام 2070 و2100”.
وتنبأت النتائج بأن “يشهد الأردن مزيدا من موجات الحرارة، بحيث تظهر التوقعات المتشائمة، ولكن المحتملة لشهر صيفي بأن يتجاوز متوسط درجة الحرارة القصوى للبلد بأكمله بين 42 و44 درجة مئوية”.
وبرأي رئيس مجلس إدارة جمعية إدامة للطاقة والمياه والبيئة دريد محاسنة فإن “أي مبادرة ذات علاقة بالتغير المناخي، إقليميا أم عالميا تعد إيجابية، لكن يجب على الدول وضع معايير للتعامل مع هذه الظاهرة”.
وبين أن “هذه القمة التي دعا اليها بايدن، وكذلك الأمر بالنسبة لقمة المناخ، التي ستعقد في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، ستضع أسسا للتعامل مع الدول كافة، على أساس نسب العمل المناخي، والتخفيف من الغازات الدفيئة”.
ولفت إلى أن “الأردن ليس بمعزل عن العالم الخارجي بشأن التعامل مع التغير المناخي، فمثلا لا بد من أن يكون هنالك خطة مستقبلية يظهر عبرها، وخلال أعوام حجم نسب التناقص في الانبعاثات، وبعد تطبيق الإجراءات المطلوبة لذلك”.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، بحسبه، “بل لا بد أن يكون لدينا خطة مستقبلية، تحدد نسب التناقص في حجم الطاقة التقليدية لحساب المتجددة”، معربا عن “أسفه من عدم وجود خطط حكومية متكاملة، وترابط بين البيئة والطاقة والمياه كوزارات، وفي برامج العمل بينها، بحيث تفتقد جميعها للإدارة المتكاملة والمراقبة والمتابعة والتخطيط بشأن العمل المناخي والبيئي”.
وحول خطة التكيف المناخي للوزارة مؤخرا، أكد المحاسنة أنها “تخلو من وجود تكامل بين وزارات البيئة والطاقة والمياه والنقل وغيرها في العمل، ووجود مقياس واضح عن كمية ما ستحققه البرامج من تخفيض في نسب الانبعاثات، أو أهداف واضحة، فإنها لا يمكن النظر اليها على أنها خطة مجدية وستكون حبرا على ورق”.
وتشير التوقعات المستقبلية، التي رصدتها الخطة “تعرض المملكة لمزيد من موجات الجفاف، إذ سيزداد الحد الأقصى لعدد أيامه في النموذج المرجعي لأكثر من 30 يوما للفترة بين 2070 إلى 2100”.
واعتبر رئيس اتحاد الجمعيات البيئية (اتحاد نوعي)، عمر الشوشان أن “القمة الافتراضية، انطلاقة لجهود الإدارة الأميركية الدبلوماسية الجديدة في العمل المناخي، والتي أعلنت عنها منذ أول أيامها في البيت الأبيض”.
وأكد على أن “للقمة أهمية عالمية في حشد الدول الأكثر مساهمة بزيادة الانبعاثات، وتبلغ 80 % من النسبة العالمية، ومسؤولة عنها 17 دولة صناعية ونفطية جرت دعوتها، الى جانب بلدان أكثر هشاشة وضعف بمواجهة آثار التغير المناخي”.
“وما يميز هذه القمة”، بحد قوله، “الأجندة الواضحة والمباشرة، التي ترتكز على التحول في قطاع الطاقة العالمي إلى آخر نظيف من الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، مع الحرص على تحقيق فرص اقتصادية، الى جانب دور الشراكة بين القطاعين الخاص والعام في الانتقال إلى طاقة المستقبل”.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل إن “مخرجات القمة ستسهم بدعم الدول النامية وزيادة منعتها، وصمودها في مواجهة تبعات التغير المناخي، والمشاركة بتحقيق الطموح في 2030، والوصول إلى الحياد الكربوني في العام 2050”.
وشدد على أن “الأردن عليه نقل ملف التغير المناخي من مستوى التخطيط إلى التنفيذ، بخاصة بعد إعداد خطط مميزة في جانب التكيف والنمو الأخضر، التي وفرت قاعدة معلومات مهمة، وتوجهات استراتيجية واضحة، يمكن البناء عليها من جانب صنّاع القرار الوطني في المياه والزراعة الأكثر تأثراً من المناخ”.
وفي يوم الأرض، يستطيع الافراد والمنظمات وغيرهم في العالم، الانضمام، عبر الموقع الشبكي (earthday.org) للمناقشات المباشرة والأحداث والإجراءات التي اتخذت للاحتفال بيوم الأرض، رقميا.
واحتفل بيوم الأرض لأول مرة في العام 1970، فقد خرج 20 مليون شخص للشوارع غاضبين من انسكابات النفط، والضباب الدخاني، والأنهار الملوثة احتجاجا على ما اعتبروه أزمة بيئية.
وكان أكبر حدث مدني على كوكب الأرض في ذلك الوقت، والذي أجبر الحكومات على اتخاذ إجراءات ملموسة، بما في ذلك إصدار قوانين بيئية وإنشاء وكالات بيئية، والذي أظهر مدى ما يمكن تحقيقه عندما يجتمع الناس ويطالبون باتخاذ إجراء.
وما يزال يحمل يوم الأرض أهمية كبيرة، ففي العام 2009، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يعترف رسمياً باليوم الدولي للأرض الأم، وفي 22 نيسان (ابريل) 2016، اعتمدت الأمم المتحدة رسمياً اتفاق باريس، الذي يوضح التزام الدول بالحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى دون درجتين مئويتين فوق مستويات قبل العصر الصناعي، وتعزيز قدرة البلدان على التخفيف من الآثار السلبية لتغير المناخ.