مضت 13 يوما من دخول الأردن مئويته الثّانية، والتي استهلها جلالة الملك عبد الله الثَّاني بتوجيه الجهات المختصة بالإفراج عن غالبية المتهمين بزعزعة استقرار المملكة والبالغ عددهم 16 شخصًا، بَيد أنَّ هذا الإفراج لا يعني إقفال القضية وعدم سيادة القانون.

واكد عددًا من المسؤولين السَّابقين والقانونيين أنَّ جلالة الملك انتقى مفرداته بدقة وحرص كبير تؤكد سيادة القانون، وتكرس نهجا من التَّسامح سار عليه الأردن طيلة السَّنوات الماضية والذي منع كلَّ يد حاولت خرق السفينة وإغراقها بالفوضى. وقالت النَّائب السَّابق والمحامية وفاء بني مصطفى التي حضرت اللقاء الملكي الأخير، إن حديث الملك جاء متوازنا بين الحرص على الإفراج عمَّن أخطأ أو غُرِّر به لجرِّ البلاد إلى المجهول والفوضى، وبين الحرص على سيادة القانون.

وأكدت أنَّ الملك بخطوته هذه في بداية المئوية الثَّانية يرسخ نهجًا هاشميًا سار عليه أجداده والملك الباني الحسين بن طلال- طيب الله ثراه- وليس ذلك أمرا غريبا، بل متوقعا عند كل الأردنيين الذين يعرفون جلالة الملك والعائلة الهاشمية طيلة قرن من الزَّمان.

وبينت أنَّ الرغبة الملكية بالإفراج عن الموقوفين كانت حرصا من جلالته على شملهم مع عائلاتهم ضمن إجراءات قانونية ما يعني أن القضية لم تغلق كما تحدث البعض، بل ستكون المحاكمة مستمرة أمام محكمة أمن الدَّولة، وترك القضاء يأخذ مجراه.

وأشارت إلى أنَّ الأردن عبر تاريخه الطَّويل تعرض لأزمات كبيرة، لكنه يخرج منها أقوى بفضل سياسته القائمة على احترام الإنسان وسيادة القانون، وأنَّ دلالات الصَّفح والتَّسامح الملكي جعلت الثِّقة مطلقة بالقيادة الهاشمية التي تؤكد أن هناك مراجعة دائمة لمسيرة الإصلاح.

رئيس محكمة أمن الدَّولة السَّابق ومحامي بعض الموقوفين المفرَج عنهم الدكتور سميح المجالي قال إن جلاله الملك -وكما هي عادة الهاشميين- سيقوم بطي ملف هذه القضية المتعلق ببعض الأشخاص الذين اتُهموا فيها ولم يكن لهم دور كبير بها.

وأضاف أنَّ جلالته تعامل مع الموضوع كأب يحنو على رعيته ويحرص على المصلحة العليا للبلاد مع إعطاء الدروس والعبر للجميع من هذه الواقعة التي كادت تخرق النَّسيج الاجتماعي وتهدد الأمن والاستقرار في البلد.

وقال عضو مجلس الأعيان الدكتور أحمد العبادي إنَّ توجيه جلالة الملك بإخلاء سبيل الموقوفين على ذمة قضية زعزعة استقرار المملكة هو نهج هاشمي امتد لأكثر من مئة عام، ولم يكن جديدًا، وهذا كله يصب في اتجاه أن تأخذ العدالة مجراها وتوفير الحماية للسَّفينة الأردنية وكف اليد التي تحاول خرقها بين حين وآخر.

وأضاف أنَّ هذا التوجيه قرار مقدَّر على المستويات كافة، وهو ما اعتاد عليه الأردنيون طيلة الحكم الملكي الهاشمي، ومع بداية المئوية الثَّانية يقدِّم الملك عبد الله الثَّاني دليلا جديدا على أنَّ الحكم يقوم على الاعتدال والوسطية والتَّسامح وسيادة القانون، ومراعاة ظروف السكان، ويوجه أجهزة الدَّولة كافة أن يكون عملها وفق القانون.

وأكد أنَّ الأردن عصي على المؤامرات والمخططات التي تُحاك ضدَّه، وهو يعيش منذ زمن بعيد في إقليم ملتهب ومضطرب، واستقبل على أرضه ملايين الفارين من البطش والدمار والخراب والفوضى التي حلَّت ببلادهم، ووجدوا دولة ساكنة يسودها العدل والأمن بقيادة ملكية هاشمية مستقرة منذ مئة عام. (بترا)