سجلت المملكة خلال الأسابيع القليلة الماضية عددا كبيرا من جرائم القتل والإيذاء، إلا أن عدد الجرائم التي وقعت باستخدام أسلحة بيضاء، أثار الانتباه والتساؤلات عن أسباب استخدام تلك الأسلحة المؤذية جسديا ونفسيا وفق مختصين.

فمنذ أيام قليلة شهدت مدينة العقبة حادثي طعن باستخدام أسلحة بيضاء، أصيب في الأولى ثلاثيني إثر تعرضه للطعن بأداة حادة في منطقة البطن، بسبب خلافات سابقة مع شخص آخر، في حين شهدت العقبة مشاجرة جماعية، نتج عنها مقتل فتى حدث يبلغ من العمر 16 عاما.
وسجلت مدينة إربد خلال الأيام الماضية عددا من قضايا استخدام السلاح الأبيض داخل الأسرة، كان أبرزها، قيام أحد الأشخاص بطعن ابنه العشريني عدة طعنات بأداة حادة، ما أدى لوفاته فورا.
المحامي يزن العناقرة، وهو مختص بالقضايا الجنائية، رأى ان غالبية من يستخدمون السلاح الأبيض، يعلمون كما يعلم رجال القانون، تفاصيل العقوبات القضائية لاستخدام هذا السلاح، أو عقوبة الأذى الذي تتسبب به هذه الأسلحة، وهذا ما يشجعهم على استخدامها أثناء المشاجرات.
وبين العناقرة، أن التباين الكبير في حجم العقوبة بين حمل السلاح الأبيض والسلاح الناري، سبب مهم لتفضيل استخدام السلاح الأبيض، خاصة من الفئات الجرمية، وأصحاب الأسبقيات لأن تكرار جرائمهم، أكسبهم خبرة تمكنهم من معرفة العقوبة حتى قبل ارتكاب الجريمة، بل يقومون بتنفيذ اعتداءاتهم بطريقة تضمن عدم تعرضهم لعقوبة شديدة، مشيرا إلى أن من أمن العقاب أساء الأدب.
وأشار إلى أن قانون العقوبات، لا يتضمن مواد عقابية رادعة لحاملي السلاح الأبيض، بينما تعاقب المادة 156 من قانون العقوبات، كل من يحمل الأسلحة النارية دون إجازة، بالحبس لمدة قد تصل إلى نصف عام، مؤكدا أن هذه العقوبة تصبح مغلظة في حال استخدام السلاح الناري.
من جانبه بين المحامي محمد النسور أن استخدام السلاح الابيض في المشاجرات “أصبح أمرا لا يستهان به حيث أصبح استخدامها يطغى على استخدام السلاح الناري خلال الفترات الأخيرة”، مشيرا إلى أن مشكلة حمل الأسلحة البيضاء والمشاجرات هي مسؤولية مجتمعية قبل أن تكون مسؤولية تقتصر على الأجهزة الأمنية.
وأكد أن على كل شخص أن يبدأ من بيته فمدرسته ثم الجامعات، مشيرا أيضا إلى أهمية دور وسائل الإعلام في التوعية بمخاطر هذه المشاجرات والتصرفات غير اللائقة.
وأكد أن الدور الأساسي يكون على عاتق الأسرة بكيفية تربية أبنائها وعدم مرافقتهم أصدقاء السوء، حيث تغبيب مراقبة الأهل لأولادهم ومعرفة من يصادقون ما إذا كانوا أصدقاء سوء يتعلمون منهم سلوكيات ضارة كالتدخين والتعاطي وحمل السلاح الأبيض، وهو ما يتطلب تشديد الإجراءات القانونية مع هذه الجرائم لتجنيب المجمتع مخاطرها.
“مستخدم السلاح الأبيض لا يهدف إلى قتل المعتدى عليه، بل يبحث عن مشاهدته وهو يتعذب ويتألم جسديا ونفسيا”، هكذا وصف استاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي، نفسيات وطريقة تفكير مرتكبي الجرائم باستخدام الأسلحة البيضاء.
وبين الخزاعي، أن الخطير في جرائم استخدام الأسلحة البيضاء، هو في تحولها إلى ظاهرة واسعة الانتشار لدى بعض الأوساط المجتمعية، ولدى أصحاب الأسبقيات الذين امتهنوا إيذاء الآخرين، بقلب بارد ودون أدنى اهتمام بالشقين الإنساني أو العقابي.
وأشار الخزاعي إلى أن الفكر الجنائي لدى مرتكب الجريمة من جهة، والأدوات المتوفرة له من جهة أخرى، هو ما يحدد نوع السلاح الذي سيستخدمه، بمعنى أن استعمال السلاح الأبيض قد يكون أسهل من الأسلحة النارية أو الأسلحة الأوتوماتيكية، خاصة وأن اقتناءها وحيازتها وحتى استخدامها أسهل بكثير من الأسلحة النارية.
الخزاعي بين أن المسؤولية للتخلص من هذه الظاهرة تقع على عاتق الأسرة والبيئة في المقام الأول، والأجهزة الأمنية ثانيا، خاصة وأن البؤر التي يكثر فيها استخدام هذه الأنواع من الأسلحة باتت معلومة لدى الأجهزة المختصة، ويمكن أن يكون لتدخلها تأثير كبير على الحد من تلك الظاهرة المقلقة. الغد