المجتمع المدني يطالب بإشراكه في مراجعة القانون
أكدت مؤسسات مجتمع مدني ضرورة أن يشمل أي تعديل لقانون الجمعيات تذليل العقبات الموجودة في القانون الحالي والتي تعيق عمل مؤسسات المجتمع المدني كشريط أساسي في التنمية، مطالبة بضرورة اشراكها في مناقشات مسودة القانون الجديد.
وقال ممثلو مؤسسات مجتمع مدني، إن “اي تعديل على القانون يجب يضمن إيجاد قانون عادل ومتوازن يحقق الأهداف المرجوة من العمل التشاركي والتفاعلي للجمعيات في خدمة المجتمعات وتحقيق التنمية وأن يضمن استقلالية مؤسسات المجتمع المدني”، مستغربين من عدم إيجاد أي تمثيل لمؤسسات المجتمع المدني التنموية والحقوقية في اللجنة المشكلة لهذه الغاية.
وكان وزير التنمية الاجتماعية أيمن المفلح شكل نهاية الشهر الماضي لجنة لمراجعة قانون الجمعيات وتعديلاته ومسودات المشاريع التي تم العمل عليها سابقا للاعوام (2014 و2015 و2019) وتطويره من خلال اعداد مشروع له في خلال مدة اقصاها 3 أشهر.
وقال المفلح في تصريح صحفي سابق ان اللجنة جاءت ترسيخا للدستور الأردني بمادتيه 16 و128 اللتين تؤكدان على ضمان حق الأردنيين في تأسيس الجمعيات والانضمام اليها بموجب القانون الذي يجب ان لا يؤثر سلبا في هذا الحق أو يمس أساسه، معتبرا ان تشكيل اللجنة ياتي في سياق ضمان للاستدامة الجمعيات وتمكينها من القيام بدورها وتعزيزا لنزاهتها من خلال حمايتها من مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب والفساد وحوكمتها.
من جانبها قالت الخبيرة الدولية في حقوق الإنسان والمرأة ومؤسسة جمعية معهد تضامن النساء “تضامن”، اسمى خضر، إن “مطلب مؤسسات المجتمع المدني هو تذليل العقبات الموجودة في القانون الحالي أمام عمل مؤسسات المجتمع المدني”، مبينة “إذا كان التعديل في هذا الاتجاه نرحب به شريطة ان تكون مؤسسات المجتمع المدني جزءا حقيقيا من هذه المشاورات لأخذ رأيها في تعديلات القانون”.
ولفتت إلى ما تضمنته الأسباب الموجبة تحديد فترة 3 أشهر لمناقشة مسودة القانون واعدادها من قبل اللجنة المشكلة، معتبرة ان هذه الفترة ليست كافية لتحاور مع مؤسسات المجتمع المدني ويجب أن تكون أطول من ذلك.
وشددت خضر على أهمية ان تحقق أي مسودة جديدة للقانون انسجاما مع الدستور الأردني والاتفاقيات والمواثيق الدولية لجهة لضمان استقلالية وضمان استدامة مؤسسات المجتمع المدني، بما يتضمن ذلك من ضرورة العمل وفق الرقابة اللاحقة وليس الاستباقية.
اما مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض فقال “إن ارادت الحكومة فعليا ان تلعب الجمعيات دورا أساسيا في عملية التنمية والحماية الاجتماعية يجب اعطاؤها المزيد من الاستقلالية وذلك يتطلب الغاء النموذج الحالي المتمثل بالموافقات المسبقة وان تكون الرقابة بعدية كما يتم التعامل مع الشركات في حال وقوع مخالفة”.
ولفت عوض إلى الآليات الموجودة لدى البنك المركزي والتي يمكن الاعتماد عليها وهي تعتبر آليات مشددة لمكافحة الفساد وتبيض الأموال.
وفيما يخص بالتمويل الأجنبي، قال عوض بدلا من اشتراط الموافقة المسبقة، يمكن للحكومة تحديد الجهات الخارجية التي لا ترغب في الحصول منها على تمويل.
وأوضح عوض أن المركز وجه رسالة الأسبوع الماضي، الى وزير التنمية الاجتماعية أيمن المفلح، أكد ضرورة تعزيز استقلالية الجمعيات، وحمايتها من حلها بحسب أحكام القانون، حيث تتنافى بعض مواده مع أحكام الدستور والمعايير الدولية المتعلقة بالحق في التنظيم.
وكان وزير التنمية الاجتماعية، قرر الشهر الماضي، تشكيل لجنة خاصة لمراجعة قانون الجمعيات النافذ رقم 51 لعام 2008 وتعديلاته، بهدف ترسيخ الدستور الأردني بمادتيه 16 و128 اللتين تؤكدان على “ضمان حق الأردنيين في تأسيس الجمعيات والانضمام اليها بموجب القانون الذي يجب ان لا يؤثر سلبا في هذا الحق او يمس أساسه”.
إلى ذلك، طالب المركز بأنّ يكون القضاء الجهة الوحيدة التي تبت في تأسيس أو حل الجمعيات وعدم حصرها بموظفي الوزارة، لافتا إلى أنّ إعطاء الصلاحية للوزير وفق المادة 19، فيما يخص تعيين هيئات إدارية للجمعيات، “ليس بالأمر المنصف”.
وأكد أهمية تطبيق مبدأ تسجيل الجمعية دون الحصول على موافقات مسبقة من الحكومية، ما يتطلب تعديل نص الفقرة أ من المادة 11 من القانون، والذهاب نحو تقصير المدة القانونية للتسجيل من تاريخ تقديم الطلب لتصبح اقل من 60 يوما، مقترحا أن يتم اعتماد التسجيل الإلكتروني للجمعيات.
كما انتقد المركز المادة 14 من القانون، والتي تمنع تحقيق الاستقلالية والحرية بتنفيذ اجتماعات الهيئات العامة للجمعيات، حيث تشترط لتنفيذها إشعار الوزير أو أمين السجل قبل أسبوعين من انعقادها، وفي حال لم يتم هذا الإشعار فلا يعتبر الاجتماع قانونياً.
وفيما يتعلق بالمادة 17 من القانون، أشار المركز الى أهمية إلغاء الموافقات المسبقة على عمليات التمويل الأجنبي من مجلس الوزراء والاكتفاء بالرقابة البعدية من قبل المؤسسات الرسمية ذات العلاقة، بخاصة وأنّ البنك المركزي يطبق أعلى معايير الضبط المالي لمحاربة غسيل الأموال.
ورأى المركز تعديل المادة 20 من القانون، التي تعتبر الجمعية منحلة حكماً في حال لم تباشر أعمالها أو توقفت لمدة عام، مقترحا إعطاء الصلاحية للقضاء في البت بهذا الأمر، وذلك لأنّ عمل الجمعيات قد يتوقف لأسباب خارجة عن إرادتها كوقف التمويل أو انتهاء المشاريع ما قد يعلق عمل الجمعية لمدة أكثر من عام.
اما المديرة التنفيذية لجمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الانسان، لندا كلش، فبينت أنه “من سنوات كان تعديل القانون مطروح لكن من مدة الى اخرى يتم الحديث عن الموضوع ويتوقف، مؤخرا سمعنا ان هناك نية لتعديل القانون وكونت لجنة لمراجعة التعديل”.
لكن كلش قالت إن اللجنة لم تكن شاملة لجميع القطاعات المعنية فشملت المؤسسات شبه الحكومية وممثلين عن جمعيات خيرية فقط، ونحن نعلم مؤسسات المجتمع المدني في الأردن تختلف ما بين جمعيات خيرية، جمعيات تنموية وأخرى حقوقية، “لكن للأسف اللجنة استثني من تشكيلها تمثيل للجمعيات الحقوقية والتنموية”.
وأعربت عن أملها “أن لا يكون في تعديل القانون تضييق على الجمعيات، لان الاصل ان تعمل الجمعيات بحرية”، داعية إلى ضرورة وضع تصنيف للجمعيات، فحتى الآن تدرج تحت تصنيف واحد.
وطالبت كلش بضرورة وجود مرجعية واحدة للجمعيات.
من جانبها اتفقت المديرة التنفيذية لمنظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية سمر محارب مع باقي ممثلي مؤسسات المجتمع المدني بشأن غياب التمثيل للمؤسسات التنموية والحقوقية في اللجنة المشكلة لمراجعى القانون، معتبرة ان التعديل حاليا مقلق لجهة التوقيت وعدم إشراك جميع الأطراف المعنية في اللجنة.
واضافت “لا بد من تحقيق العديد من الإجراءات التي تتضمن الخروج بقانون مثالي يضمن إعطاء المساحة والحرية الكافية والتي كفلها الدستور والعهود الدولية لمنظمات المجتمع المدني كي تصبح شريكا حقيقيا في التنمية، لا مجرد أداة لها، وتتمكن من ممارسة عملها دون أي مضايقة أو تقييد سواء أكان مباشرا أو غير مباشر”.
وفي الجزئية المتعلقة بالموافقات على التمويل، بينت محارب يجب مراجعة آليات الحصول على التمويل، ووضع آلية تعريف بالمانحين واعتماد تصنيفات لهم، لتستجيب آليات الموافقة والمراقبة لكل جهة حسب معايير تصنيفها وتوحيد آليات الموافقة على التمويل وتبسيطها، ومركزتها في جهة واحدة وتقليل المُدد ومأسستها وخاصةً فيما يخص جانب العمل الإغاثي والطارئ والمستعجل ووضع بنود في موافقات التمويل تُخصص لبناء قدرات الجمعيات لا لتنفيذ المشاريع فقط والنص على ميزانيات محددة من الموازنة العامة تصرف لأنشطة وبرامج بعينها لتنفذ عن طريق الجمعيات ومراعاة العدالة والشفافية في طرق الرقابة والموافقة على التمويل وإدارة ملف التمويل من قبل متخصصين بالجهات الحكومية من ذوي المعرفة والخبرة في هذا المجال واستحداث آليات للعمل الإغاثي تدعم التخصص في هذا الجانب ليختلف عن التمويل التنموي والخيري.
اما ما يخص مرجعية الجمعيات، فدعت محارب الى ضرورة توحيد الجهات والمرجعيات، والمركزية في اتخاذ القرارات لجهة داخل الوزارة وسجل الجمعيات، دون الحاجة لتعدد الجهات لمنح الموافقات والمتابعة والإشراف وإدخال تصنيفات للجمعيات حسب تخصصاتها وطبيعة عملها، وهذا يتطلب تغيير المسمى القانوني وطرح مسميات تتوافق مع تصنيفات الجمعيات الأجنبية خارج الأردن مثل منظمات اتحاد خيري أو منظمة خيرية.
ودعت الى إيجاد النصوص القانونية التي تسهل إنشاء التحالفات بين الجمعيات المختلفة والهيئات، ودعم توجه الاندماج والاتحاد بين الجمعيات الصغيرة والكبيرة، والمحلية والأجنبية، ووضع أنظمة واضحة لآليات العمل ومراجعة الأنظمة الداخلية ونظام التأسيس، وإصدار الوثائق الرسمية للتحالفات والتي تسمح لها بالقيام بالمشاريع المشتركة باسم التحالف، وفتح الحسابات البنكية وطريقة الإدارة، وأن ينص صراحة على استقلاليتها القانونية وشخصيتها الاعتبارية.
واقترحت تحديد تاريخ انتهاء شهادة التسجيل للجمعيات (المحلية والأجنبية) مع طلب تجديد التسجيل بشكل سنوي، مشيرة إلى أنه يحق للوزارة طلب وثائق للتأكد من استمرارية سير عمل الجمعية.”الغد”