مع قرار السلطة الفلسطينية تأجيل الانتخابات التشريعية، بسبب رفض الاحتلال السماح بإجرائها في مدينة القدس المحتلة، ساق ممثلون عن الجانبين الأول السلطة الفلسطينية والفعاليات المنضوية تحت لوائها وحركة حماس وعدد من الفصائل الفلسطينية المنادية بإجرائها المبررات الداعمة لرأي كل منهما.
وشهد اليومان الماضيان كما كبيرا من التصريحات من مسؤولين في الجانبين حول الموضوع الذي يشغل الفلسطينيين مؤخرا، بالاضافة للاعتداءات المتكررة من قبل المستوطنين المتطرفين على الفلسطينيين وبيوتهم وممتلكاتهم في القدس الشرقية تحت سمع وبصر الاحتلال الإسرائيلي.
وتقول حماس إن مراقبين كثر يؤكدون أن عدم إجراء الانتخابات يختزل الشوط الكبير الذي قطعته مختلف أطراف العملية الانتخابية، وأن ذلك يمثل “قنبلة موقوتة قد تفجر الأوضاع الداخلية وتكون له انعكاسات خطيرة على وحدة الشعب ومستقبل قضيته”.
ووصف الخبير القانوني والمرشح على قائمة الكل الفلسطيني الدكتور بسام القواسمي أن تأجيل الانتخابات بـ”المؤامرة على الشعب الفلسطيني، معتبرا أن من يسعى للتأجيل إنما يريد الإضرار بالشعب الفلسطيني”.
وأكد أن التأجيل سيلحق الضرر الكبير بالشرعية الفلسطينية والتمثيل الفلسطيني محليا ودوليا، وسيوجه طعنة في خاصرة الشعب وشرعية تمثيله، مضيفا أن عدم إجراء الانتخابات سيؤدي إلى فراغ سياسي وقانوني نتيجة عدم وجود سلطات منتخبة، وكل السلطات القائمة إما منتهية أو منهارة أو غير موجودة.
وأكد أن الانتخابات هي قارب النجاة للشعب الفلسطيني، والمستفيد الوحيد من تأجيلها هو الاحتلال.
من جانب السلطة الفلسطينية وحركة فتح يؤكد الناطق باسم الرئاسة نبيل
أبو ردينة، إن قرار القيادة تأجيل الانتخابات “يمثل حفاظا على الثوابت الوطنية، وعلى رأسها القدس”. وأضاف أمس أن إجراء الانتخابات دون القدس هو تنفيذ لـ”صفقة القرن”، وهو أمر مرفوض، مشددا على أن القرار الوطني المستقل هو مفتاح السلام والأمن في المنطقة، وان المعركة التي قادتها منظمة التحرير منذ قيامها كانت من أجل الحفاظ على الثوابت الوطنية.
وأكد أبو ردينة أن القدس عاصمة فلسطين، والقضية ليست انتخابات، داعيا كل من لديه ملاحظة على قرار تأجيل الانتخابات الى فهم اللعبة الأميركية والإسرائيلية وبعض التواطؤ الإقليمي، لإقامة كيان هزيل لا يمكن أن يتم السماح به.
وبين أن القيادة حاولت بكل السبل اجراء الانتخابات في القدس من خلال دول كثيرة، على رأسها الصين، وروسيا والرباعية الدولية، والاتحاد الأوروبي، وتم التأكيد على أن الانتخابات ستجرى مباشرة حال حصلت هذه الأطراف على الحق الفلسطيني بإجرائها في القدس.
من جانبه قال أمين سر المجلس الوطني الفلسطيني محمد صبيح، إن قرار القيادة تأجيل الانتخابات لعدم سماح الاحتلال بإجرائها في القدس المحتلة “قرار حكيم”.
وأضاف أمس أن القيادة درست موضوع الانتخابات من كل الجوانب، وبذلت جهدا في تكثيف الاتصالات مع الدول الفاعلة في العالم، للضغط على اسرائيل بالسماح بعقدها في القدس المحتلة بحسب اتفاقية أوسلو. وأوضح صبيح ان القرارات الأممية تؤكد أن القدس الشرقية جزء من الاراضي الفلسطينية المحتلة، وان الانتخابات يجب أن تجرى فيها، مشيرا إلى أن أغلبية الفصائل “تدعم وتؤيد الرئيس محمود عباس في قراراته وهو يقود معركة مع الاحتلال”.
واستشهدت حماس بعدد من المحللين السياسين والصحفيين للتدليل على أهمية اجراء الانتخابات في موعدها ومن بين الصحفي والباحث والمحلل السياسي عماد أبو عواد مدير المركز الفلسطينيّ لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجيّة) مسارات (والمرشح على قائمة “الحرية” هاني المصري، ومدير مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية “شمس” الدكتور عمر رحال الذي حذروا من “الخطورة الكبيرة على الوضع الفلسطيني في حال تأجيل هذه الانتخابات”، الذي سيؤدي إلى غياب الشرعيات، ويزيد من تدهور الأوضاع الفلسطينية بسبب انعدام الثقة بالرئاسة والحكومة وكل المؤسسات القائمة.
وأكدوا أن التأجيل سيظهر السلطة بمظهر السلطة غير الشرعية والمتغولة على شعبها، وسيقود إلى مزيد من الاحتكاك بين الشارع والسلطة.
وحذروا من أن غياب الشرعيات سيعطي مبررا للاحتلال ولكثير من الدول لاعتبار السلطة غير شرعية، وهذا سيمنح الاحتلال الفرصة للسيطرة على المزيد من الأراضي الفلسطينية وعدم التعاطي مع الحق الفلسطيني.
وقالوا إن أخطر ما في التأجيل هو الانتقال من الانقسام بين الضفة وغزة، إلى الانفصال التام”.
وقالوا إن غزة التي تنتظر منذ 15 سنة تغيير الواقع ورفع الحصار، قد تجد نفسها مضطرة لعقد تفاهمات أحادية مع الاحتلال، واستلام مقاصتها وحدها، دون وجود أي ارتباط سياسي مع الضفة، وأن تذهب نحو انتخابات داخلية لوحدها، الأمر الذي سيقود إلى الانفصال الكامل.
وحذروا من إمكانية أن تعرض السلم الأهلي للخطر، وأن تكون للتأجيل ارتدادات اجتماعية وسياسية تقود إلى مربع الفوضى والاقتتال الداخلي.
وأكدوا أن صورة الشعب الفلسطيني ستهتز على المستوى الإقليمي والدولي، وقد تستخدم دولة الاحتلال ذلك ورقة تتذرع بها أمام المجتمع الدولي بأن الفلسطينيين غير جديرين بحق تقرير المصير أو الدولة لأنهم غير قادرين على إدارة شؤونهم الداخلية.
أدان البرلمان العربي رفض سلطات الاحتلال الإسرائيلي، مشاركة أهالي مدينة القدس المحتلة في الانتخابات الفلسطينية، وهو السبب الرئيسي لقرار الرئيس محمود عباس تأجيلها لحين ضمان مشاركة المقدسيين، باعتبارهم جزءا لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني.
وأكد البرلمان العربي في بيان له، أمس السبت، أن الموقف المتعنت لسلطات الاحتلال، يمثل انتهاكا صارخا للاتفاقيات الموقعة مع دولة فلسطين في هذا الشأن، كما يمثل تحديا لإرادة المجتمع الدولي المُرحبة والداعمة بقوة لإجراء هذه الانتخابات في كافة المحافظات والمدن الفلسطينية، وفي مقدمتها مدينة القدس المحتلة.
وجدد مطالبته المجتمع الدولي بالتدخل والضغط على القوة القائمة بالاحتلال (إسرائيل) لإلزامها بالسماح لأهالي مدينة القدس المحتلة، بممارسة حقهم الطبيعي والقانوني والدستوري في المشاركة في الانتخابات، وتذليل كافة العقبات التي تواجههم في هذا الشأن.