دعوة لتعديل النصوص القانونية المتعلقة بالأهلية وإعادة النظر بوصف الإعاقة
أكدت ورقة قانونية صادرة عن مركز العدل للمساعدة القانونية، أن “الإشكالية الرئيسية التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة، هي ما يتعرضون له من تمييز وإقصاء، وما يترتب عليه من الحد أو التقييد من ممارسة الحقوق والحريات على نحو متساوٍ مع الآخرين”.
وحملت الورقة عنوان “حقوق مع وقف التنفيذ: تحديات حق الأشخاص ذوي الإعاقة بالمساواة أمام القانون في مجالات الصحة والتعليم والوصول إلى العدالة”.
وبينت إنه برغم مصادقة الأردن على التشريعات الوطنية والاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، المتضمنة تمتعهم بحقوقهم وحرياتهم كما الآخرين، لكن إشكاليات تشريعية أو إجرائية، تعترض الاعتراف الكامل بهذا المبدأ.
وتحدثت الورقة عن الأهلية القانونية، وحددتها بـ3 تصنيفات: كامل الأهلية، ناقص الأهلية أو فاقد الأهلية، معتبرة أن أهلية الفرد، هي المدخل الأساسي لاستقلاليته القانونية بممارسة حقوقه ومعاملاته الحياتية.
وعبر الدراسة، تبين أن الإعمال الكامل للحق في المساواة أمام القانون للأشخاص ذوي الإعاقة، يحتاج للعمل لضمان ممارستهم لحقوقهم، ووقف أي تمييز أو استبعاد أو إقصاء في الصحة أو التعليم في الوصول للعدالة، وبناء عليه، نضع هذه التوصيات بين يدي المعنيين وصانعي القرار لتسهم بتعزيز حقوقهم.
وشددت على تعديل النصوص القانونية المتعلقة بالأهلية، وإعادة النظر في المصطلحات التي تصف الإعاقة على نحو دقيق، وفقا لأنواع الإعاقة المنصوص عليها في القانون.
ولفتت إلى أن القانون المدني، استخدم مصطلحات “العته والجنون” ليصف من هو غير مؤهل لمباشرة حقوقه المدنية، باعتباره فاقد الأهلية القانونية، واعتبر من بلغ سن الرشد وكان “سفيها أو ذا غفلة” بأنه ناقص الأهلية، في حين استخدم قانون أصول المحاكمات الجزائية مصطلح “العاهة العقلية”، واستخدم قانون الأحوال الشخصية مصطلحات: من به جنون أو عته، وإعاقة عقلية، وهذا التضارب في المصطلحات وعدم توحيدها يؤدي لتضارب التطبيق نتيجة لاختلاف معايير التشخيص لتحديد الشخص المقصود بالنص.
وأوصت الدراسة بضمان تفعيل القانون، ما يدعو العمل بالمتطلبات الرئيسية الواردة في القانون، والتي ما تزال تعتبر الإشكاليات، الأهم التي تعوق التمتع الكامل بالحقوق والوصول للخدمات وفقا لمبدأ المساواة، ما يتطلب تفعيل التشخيص للإعاقات حسب نوعها وشدتها؛ إذ لم تصدر لغاية إعداد هذه الورقة، تعليمات تشخيص الإعاقات ونوعها وشدتها، إذ تؤثر في تمتعهم بالمساواة أمام القانون.
وأوصت بإصدار بطاقة تعريفية لبيان طبيعة الإعاقة ودرجتها، والتي تعد المتطلب الرئيسي لممارسة الحقوق الأساسية المنصوص عليها في القانون، مع التوصية بإعادة النظر في متطلبات الحصول على البطاقة، باشتراط تمتع مقدم الطلب بـ”الجنسية الأردنية”، إذ ستؤدي لإخراج فئات من دائرة الحماية وبخاصة أبناء الأردنيات.
ودعت لتفعيل تعليمات إصدار تقارير اللجان الطبية لذوي الإعاقة وأسسها ومعاييرها، عبر تدريب الكوادر التي ستكلّف بمهمة التشخيص بموجب هذه الأسس والأسلوب الأمثل لتطبيقها، وسرعة تحديد وزير الصحة للجان، وإصدار النموذج الذي سيحول بموجبه الشخص ذي الإعاقة إلى جهتين من الجهات الثلاث التالية: وزارة الصحة، والخدمات الطبية الملكية، والمستشفيات الجامعية الرسمية.
اما في مجال الحق بالصحة، فأوصت الورقة بإصدار بطاقة تأمين صحي، تعتمد على إصدار البطاقة التعريفية التي تأخر صدورها أيضا، وإصدار التعليمات الخاصة بإصدار بطاقة التأمين الصحي لذوي الإعاقة.
كما أوصت بتعديل نظام التأمين الصحي المدني، بما يتوافق مع أحكام القانون لضمان انسجام التشريعات وعدم وجود تضارب بينها، لضمان الوصول إلى الحق في الصحة والاستفادة من الخدمات الصحية المجانية، وفقاً لما ينص عليه القانون، وإلى حين ذلك، لا بد من إيجاد حلول بديلة مؤقتة، تمكّن ذوي الإعاقة من نيل حقهم في الصحة دون تكبّد كلفة العلاج والمرور بإجراءات طويلة ومرهقة لهم، لحين إصدار البطاقة التعريفية وبطاقة تأمينهم الصحي الخاصة.
وقالت الورقة إن ضمان إعمال مبدأ الموافقة الحرة المستنيرة، يتطلّب مراجعة قانون الصحة العامة، ليكون متوائما مع القانون، بشأن إجبارية العلاج لذوي الإعاقات النفسية.
كما دعت لتعديل قانون المسؤولية الطبية والصحية بشأن إجراء البحوث والتجارب الطبية والدوائية والعملية؛ اذ تحظر إجراءها على ذوي الإعاقة وعدم الأخذ بموافقة الولي أو الوصي أو متولي الرعاية في هذه الحالات، وتشديد العقوبات في حال مخالفة النص، واعتبار إجرائها عليهم من الظروف المشددة للجريمة والتي لا يجوز فيها إسقاط الحق الشخصي.
وفي مجال التعليم، دعت الورقة لتعديل تشريعات التربية والتعليم، بالنص على حظر استبعاد ذوي الإعاقة من أي مؤسسة تعليمية على أساس الإعاقة أو بسببها، وتضمين تشريعات وزارة التربية والتعليم نصوصا، تلزم بقبول الأطفال ذوي الإعاقة في المدارس وترتب الجزاءات المناسبة على مخالفة ذلك.
كما دعت إلى تعديل نظام تأسيس وترخيص المؤسسات التعليمية الخاصة والأجنبية لعام 2015، اذ تتضمن شروطا خاصة بقبول تسجيل ذوي الإعاقة، وتشترط تهيئة بيئة المدارس لاستقبال الطلبة ذوي الإعاقة، بما يتوافق مع كودة البناء الخاص بهم، والقانون.
ودعت لاعتماد آلية موحّدة للتقييم النفسي والتربوي الفردي لكل ذي إعاقة، وتدريب الكوادر التعليمية، بما يلبي متطلبات التعليم الدامج، وتطوير المناهج وأدوات وأساليب التعليم بما يتناسب مع متطلبات التعليم الدامج، لضمان جودة التعليم المقدّم لهذه الفئة على قدم المساواة مع الآخرين، على أن يشمل ذلك إدخال طرق التواصل الفعال مع ذوي الإعاقة ضمن المناهج والخطط الدراسية، بما فيها تعليم لغة الإشارة، وتوفير الكتب المدرسية والأدلة والمواد المرئية والمسموعة بأشكال ميسرة.
واوصت الورقة بتوفير البيئة والترتيبات التيسيرية في المدارس الحكومية؛ ما يمكنها من قبول الطلاب ذوي الإعاقة فيها، وإجراء تعديلات ذات كلف متوسطة، كوضع المنحدرات والمصاعد وإجراءات أخرى ذات كلف قليلة، كنقل بعض صفوف المدارس إلى الطوابق السفلية، وتوفير وسائل نقل مدرسية آمنة ومهيأة ومنخفضة الكلفة، تضمن تمتعهم بوصول آمن لمدارسهم.
وطالبت الورقة بتوفير فرص التعلم والتعليم للمتسربين منهم على أساس العدالة والمساواة مع نظرائهم من الطلبة غير المنتظمين في المدارس، ومواءمة برامج التعليم عن النظامي في وزارة التربية لتلبي متطلبات دمجهم فيها، ورصد مخصصات مالية للتعليم الدامج في المؤسسات التعليمية الحكومية والخاصة.
ودعت لتفعيل دور الإعلام وتكثيف برامج التوعية لتعزيز الاتجاهات الإيجابية في المجتمع نحو الأشخاص والطلبة ذوي الإعاقة، ونشر ثقافة الحق بالتعليم الدامج باعتبارهم جزءًا من نسيج المجتمع، وتغيير المعتقدات وأنماط التفكير السلبية لدى الأسرة التي تحول دون إلحاق أطفالها بالتعليم، أو لدى المجتمع بالنسبة للمعتقد السائد بالتأثير السلبي للطفل ذي الإعاقة على الأطفال الآخرين في بيئة المدرسة.
أما في مجال الحق بالحماية والوصول للعدالة، فدعت الورقة لإصدار نظام حماية المبلغين والشهود، وفقا لقانوني الحماية من العنف الأسري وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة للتشجيع، والكشف عن حالات العنف، بما يعزز من توفير الحماية.
كما دعت لتبني الجهات المعنية سياسة خاصة، للتبليغ والتعامل مع حالات العنف التي يتعرض لها ذوي الإعاقة، تراعي مبادئ السرية والخصوصية، وتضع إجراءات واضحة لاستقبال الشكاوى وآليات التعامل معها، وتحدد الجهات المسؤولة عن استقبالها، ومراعاة تدرّج المسؤوليات للمبلغين، للتشجيع على الكشف والتبليغ عن حالات العنف.
ودعت لتأهيل وتدريب الكوادر الطبية والتعليمية والاجتماعية، للتعامل مع حالات العنف التي يتعرض لها ذوي الإعاقة بخاصة الأطفال.
واقترحت توفير معلومات قضائية، يتاح لذوي الإعاقة الاطلاع عليها، واعتماد معايير وشروط في الخبراء المعتمدين بالمحاكم للتعامل مع ذوي الإعاقة؛ وفقا لما نص عليه القانون، وإصدار تعليمات لاعتماد هذه الفئة من الخبراء.
وطالبت بتفعيل استخدام التقنية الحديثة والمحاكمات عن بعد، لتيسير وصول ذوي الإعاقة للعدالة وعدم اقتصارها على الإجراءات الجزائية، لتشمل الإجراءات في المحاكم النظامية والمحاكم الشرعية، وتعديل قانوني أصول المحاكمات المدنية وأصول المحاكمات الشرعية، بإيجاد نصوص تسمح باستخدام هذه التقنية وإجراء المحاكمات عن بعد.
واوصت بإفراد أحكام خاصة في القانون، لضمان نيل المساعدة القانونية وعدم اقتصارها على القضايا الجزائية، لتشمل القضايا الحقوقية والشرعية.
ودعت لتبني برامج تدريبية متخصصة ومستدامة، لتعزيز ورفع القدرات للمهنيين العاملين في قطاع العدالة والعاملين في الصحة والتعليم والاجتماع، بمن فيهم مراقبو السلوك والمتخصصون والمرشدون الاجتماعيون، لرفع كفاءتهم وقدرتهم على التعامل مع ذوي الإعاقة.
واوصت بتوفير أدلة إجرائية وإرشادية موجهة لهم، حول إجراءات المحاكم وتنفيذ برامج التوعية القانونية الموجهة لذوي الإعاقة، لتعريفهم بحقوقهم والوسائل والآليات والإجراءات والمؤسسات التي يمكن اللجوء إليها، وتطوير البنية التحتية المؤسسية للمرافق في قطاعات الصحة والتعليم والعدل، بما يتوافق مع كودة البناء الخاصة بذوي الإعاقة، وتوفير الترتيبات في أماكن احتجاز ذوي الإعاقة، في المراكز الأمنية وأقسام شرطة الأحداث ومراكز الإصلاح والتأهيل ودور الأحداث.الغد