قال المركز الوطني لحقوق الإنسان، إن الدستور يخلو من الضوابط الدستورية التي تكفل الحقوق والحريات العامة عند اللجوء لحالات الطوارئ، بتطبيق قانون الدفاع أو الأحكام العرفية.
وأكد أن الممارسات الفضلى في هذه الحالات، تستدعي طلب استشارة البرلمان أو المحكمة الدستورية، عدا عن ضرورة مراجعة أوامر الدفاع، وإلغاء النصوص المقيدة منها.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده أمس، رئيس مجلس أمناء المركز ارحيل الغرايبة والمفوض العام للمركز علاء العرموطي، وميسرة مفوضية الحماية نهلا المومني، لإشهار تقرير خاص حول أثر جائحة كورونا وقانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992 على الحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية، في ضوء الدستور والمعايير الدولية لحقوق الانسان.
وأعلن المركز تلقيه 57 شكوى بشأن الحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية خلال الجائحة، ضمن 6 محاور، تتعلق بالمبادئ الدستورية لإعلان حالة الطوارئ، وأثر قانون الدفاع على حق التنقل والإقامة والمحاكمة العادلة وحقوق النزلاء في مراكز الإصلاح والتأهيل، وحرية التعبير والحق في الخصوصية.
وتمحور التقرير حول فترة الحظر الشامل والتي امتدت من الثامن عشر من آذار (مارس) 2020 حتى العاشر أيار (مايو) 2020، وفيها تلقى المركز 57 شكوى، بينها 38 بشأن الحقوق السياسية والمدنية، و6 بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، مقابل 13 من الفئات الأكثر حاجة للحماية، كما تلقى 18 طلب مساعدة ذات علاقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية في الفترة ذاتها.
العرموطي قال، إن تحليل الوضع القانوني لفترة تطبيق قانون الدفاع، بخاصة الحظر الشامل، أظهر أن اللجوء إلى تطبيقه يعتبر “تحررا مؤقتا” من التقيّد الحرفي بأحكام مبدأ المشروعية، بالقدر الذي يمكّن السلطات العامة من القضاء على المخاطر الاستثنائية، لضمان ديمومة النظام الاجتماعي، شريطة خضوع أعمالها وتصرفاتها للرقابة القضائية.
وبين أن الدستور في ضوء ذلك “خلا بالمطلق من إحاطة اللجوء لتطبيق قانون الدفاع وإعلان حال الأحكام العرفية بضوابط دستورية، تكفل حماية الحقوق والحريات العامة، إبان مواجهة الحالات الاستثنائية، على غرار الأصول المعيارية الواردة في الدساتير المقارنة التي أقرت عدة ضوابط للجوء إلى حالات الطوارئ، واختبار مدى استمراريتها.
وفي السياق ذاته، قالت المومني ردا على استفسار صحفية حول البدائل لمعالجة النقص في الضوابط الدستورية للتعامل مع حالات الطوارئ حقوقيا، إن النظر لهذه الضوابط في حالات الطوارئ، يراعي فيها المديين القصير والبعيد، بحيث تتطلب المعالجة على المدى البعيد تعديلا دستوريا، موضحا أن هذا الأمر يتطلب وقتا، لكننا اليوم أمام حالة واقعية وآنية.
ونوهت المومني، إلى أن الممارسات الفضلى والتشريعات المقارنة، تتطلب استشارة البرلمان والمحكمة الدستورية وعدم حظر البرلمان خلال فترة الطوارئ، وقالت “في الممارسات الفضلى تدرس الدول مدى الحاجة في استمرار العمل بقانون الدفاع بإحالة الموضوع إلى المحكمة الدستورية”.
كما أشارت المومني إلى ممارسات فضلى موازية، بينها ضرورة مراجعة أوامر الدفاع، بخاصة في حالات التوقيف المتعلقة بحرية الرأي والتعبير، التي كشفت أنه لم يجر توقيف أي حالة فيها، استنادا على أوامر الدفاع، بل على التشريعات النافذة.
وأكد الغرايبة، أن المركز لم يتوان عن إصدار عدة بيانات تفصيلية في فترة الجائحة، بما في ذلك الموقف من التجاوزات المتعلقة بتوقيف الأحداث في خلال الحظر الشامل، والموقف من عودة التعليم الوجاهي في المدارس.
وبين الغرايبة أن المركز تلقى شكاوى متعلقة بالتعليم عن بعد، وبتوقيف أحداث، وأن هناك مساع مستمرة للتواصل مع الجهات الرسمية، للدفع باتجاه عودة العملية التربوية إلى التعليم الوجاهي الفترة المقبلة، قائلا إن المسؤولين في اللقاءات مع المركز وعدوا بالعودة إلى التعليم الوجاهي.
وخلص التقرير لتوصيات أبرزها، اقتصار التوقيف بسبب مخالفة أوامر الدفاع على السلطة القضائية، ومراعاة عدم الاكتظاظ في مراكز التوقيف المؤقت، برغم حزمة الإجراءات الايجابية للمجلس القضائي ومحكمة أمن الدولة للحد من انتشار فيروس كورونا، وديمومة عمل مرفق العدالة، حيث أشار المركز إلى تلقيه شكاوى تتعلق بالحق في محاكمة عادلة خلال الفترة التي يغطيها التقرير، أبرزها، عدم تمكن بعض الافراد من الاستعانة بمحام، وعدم تمكن المحامين من الوصول للموقوفين للحصول على الوكالات اللازمة.
وأكد التقرير ضرورة التوسع بإجراء المحاكمات عن بعد، والاستمرار بتفعيل استراتيجية تعامل قطاع العدالة مع أزمة انتشار كورونا، والتي توصي بالتوسع في تطبيق بدائل التوقيف والعقوبات المجتمعية، والتدابير غير السالبة لحرية الأحداث، واللجوء لبرنامج المساعدة القانونية، وإجراء تعديلات جذرية على نظام المساعدة القانونية، وفق توصيات المركز ضمن تقريره السنوي للعام 2019.
أما بشأن الحق في الإقامة والتنقل، فرصد المركز تبايناً جليّاً، بحسب التقرير، في مدى مراقبة تنفيذ حظر التجول في العديد من المحافظات، والمناطق المختلفة داخل المحافظات ذاتها.
ورصد المركز توقيف أفراد على خلفية التعبير عن آرائهم بشأن الوباء وغيره خلال الحظر الشامل، كتوقيف مدير عام قناة تلفزيونية ومدير أخبارها، لنشر مادة تتعلق بعمال المياومة، وتعرض مصور في صحيفة يومية للضرب والإساءة اثناء تصويره عودة أردنيين في مطار الملكة علياء الدولي من العالقين خارجيا، وتوقيف صحفي من الجنسية البنغالية في مركز اصلاح وتأهيل البلقاء على خلفية إعداده تقريرا حول معاناة البنغاليين، أثناء الحجر الصحي، تمهيداً لتنفيذ قرار الإبعاد الصادر بحقه.
وفي هذا الإطار، أوصى التقرير بتعديل أمر الدفاع (8) بإلغاء البند المتضمن نشر أو إعادة نشر أو تداول أي أخبار حول الوباء تروع الناس أو تثير هلعهم، عبر وسائل الإعلام أو الاتصال أو وسائل التواصل اﻻجتماعي، ذلك أن التشريعات القائمة كافية، ومن شأن هذا النص، توسيع نطاق الملاحقة الجزائية، على نحو يمس بحرية التعبير والحريات الصحفية.
ورصد التقرير انتهاكات للحق في الخصوصية، بالتزامن مع تسجيل الإصابة الأولى بكورونا، إذ نشرت بيانات شخصية لمرضى، وصور لأفراد مصابين أو صور لعائلاتهم، أو نشر لمقاطع فيديو تدخل في إطار الحياة الخاصة للأفراد، بالإضافة لنشر وثائق رسمية خاصة بالمصابين.
وأوصى التقرير، بحماية الحق في الخصوصية للأفراد، بخاصة بياناتهم الشخصية وتعديل التشريعات، بما يحقق حماية متكاملة لهم وعدم الاكتفاء بأمر الدفاع رقم 8، واتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من يخترق الحياة الخاصة للأفراد سواء من السلطات الرسمية، أو الأفراد العاديين.”الغد”