المحامي عبد الكريم الكيلاني
 
في استقالته المدوية من اللجنة الفنية  العليا المشكلة للنظر في قضايا الاخطاء الطبية  ، قدم الطبيب  الخبير مؤمن الحديدي أهم نص استقالة من لجنة حكومية ،  فالاستقالة عرضت بمنتهى الوضوح ،المعيقات  و الحلول وتضمنت عتبا  على ادارة المؤسسة الطبية ، في ملف (الاخطاء الطبية ) .

 
بمبضع الجراح كشف الدكتور الحديدي اسباب مشكلة مزمنة ، ذلك ان  الاخطاء الطبية لا بد ان تستند الى معيار موضوعي ، فالمريض  يجب ان يكون مطمئنا الى عدم  حصول اي انحراف في الممارسة   الطبية والى سلامة النظام العلاجي  الذي يخضع له ، و الطبيب  كذلك لا يمكن ان يعمل بيد ترتعش خوفا ، فسيف   المساءلة ليس مسلطا دونما ضوابط تراعي مفهوم الخطأ الطبي و البيئة العلاجية و البروتوكولات  الطبية  المطبقة عالميا .

وقد استقر القضاء الاردني في اغلب تطبيقاته ان الخطا  المنسوب الى الطبيب في اجراء  طبي يحتاج خبرة فنية ، و القاضي بالنتيجة هو (خبير الخبراء )حيث يطبق قواعد المسؤولية ، التي تضمن عدالة الحكم من حيث تحقق عناصر المسؤولية كافة  و ارتباط الخطا بالضرر .

وقد جاء قانون المسؤولية الطبية في  عام ٢٠١٨ ليؤسس  للمشتغلين بهذا الفن من اطباء و قضاة ومحامين معايير واضحة ومعقولة  ذات مرجعية في قانون المساءلة وما يتفرع عنه من  قواعد و ولوائح احكام .

فالقانون لم يصدر لوجود فراغ قانوني يمنع المتضررين من اللجوء الى المحاكم  ، ولكنه  هدف الى تطوير بيئة علاجية تعزز  الاداء الطبي بحيث تكون معايير المساءلة ذات مرجعية تشريعية ، وبما يتيح ان يصل الاردن الى مصاف الدول المتقدمة في معايير الممارسة الطبية .

الاستقالة تعبر بكل وضوح ، ان الطبيب الاردني  خبير بحق وجريء عندما يتطلب الحق  ، وان كانت  تكشف عن اخطاء في ادارة الملف فهي لاتعبر عن اخفاق المؤسسات ،لانها دعوة  الى المراجعة ،على اخطاء يمكن تداركها  و  هي شفافية مؤسسية مطلوبة ، و اعتقد ان استكمال الشوط الطويل في الوصول الى الهدف يحتاج الى مزيد من الصبر و وطول النفس والاستقالة المدوية  ضمن هذا الزخم ، قد ترد  الامور  الى عكسها و هو ما لا يرجوه احد من المشتغلين بهذا المجال .

وسيبقى مبضع الجراح يعالج الالم و لا يشكوه .

ما تضافرت الجهود و اتسعت الصدور .