بقراره مساء أول من أمس، فتح تحقيق دولي حول “انتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبت في الأراضي الفلسطينية المحتلة والكيا” خلال العدوان الأخير للاحتلال، يمنح مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، قضية فلسطين وشعبها زخما إضافيا بعد ذلك الذي تحصل من خلال متابعة العالم الفظائع الهائلة التي ارتكبتها آلة العدوان الصهيوني غير الملجومة في كل قطاع غزة والضفة الغربية والقدس والأراضي المحتلة في العام 1948.
قبل القرار، كانت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه تعلن أن عدوان الاحتلال على غزة “قد يشكل جرائم حرب”.
تغير المزاج العالمي تجاه القضية الفلسطينية، شهدته دول عديدة، تضامنت مع الفلسطينيين في أعقاب العدوان الهمجي الذي شنه الاحتلال، بعد احتجاجات شهدها حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، رفضا لقرار الاحتلال تهجير عائلات، والاستيلاء على بيوتها، وارتكاب فظائع عديدة خلال قمع الاحتلال لتلك الاحتجاجات، ما حدا بحركة المقاومة الإسلامية حماس إلى توجيه إنذار شديد اللهجة للاحتلال الذي واصل قمعه، فأنفذت حماس تهديدها، وقصفت المناطق المحتلة العام 1948، ومحيط قطاع غزة.
قبل الهيئة الأممية، كان البرلمان الإيرلندي يتبنى قرارا غير مسبوق بالنسبة لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي، أدان السياسات التي ينتهجها الاحتلال الصهيوني بحق الفلسطينيين وأراضيهم المحتلة.
وأعربت الأحزاب الموالية للحكومة والمعارضة الإيرلندية، على حد سواء، خلال تصويت جرى الأربعاء الماضي، عن دعمها للتشريع الجديد الذي ينص على “إدانة ضم الكيان الفعلي لأراض فلسطينية”، لتصبح إيرلندا أول دولة في الاتحاد الأوروبي تستخدم رسميا هذه العبارة بحق الاحتلال الصهيوني.
وخلال العدوان الذي استمر أسبوعين، كانت عشرات المدن الأوروبية تشهد مسيرات احتجاج ضخمة، تأييدا للحق الفلسطيني في الوجود وتقرير المصير، وإدانة للعدوان والاحتلال وسرقة الأراضي العربية، مطالبين حكومات بلادهم بالتدخل لوقف العدوان العسكري البشع.
الاحتلال الذي يدعي أن حماس هي من بدأ “العدوان”، يتناسى فظائعه تجاه الفلسطينيين من سكان الشيخ جراح والمتضامنين معهم، وأيضا، انتهاكاته العديدة، وتدنيسه للمسجد الأقصى، وتسهيل اقتحام المستوطنين له تحت حراسة شرطته مرات عديدة.
القرار الأممي، رحبت به السلطة الفلسطينية وحركة حماس، غير أنه أشعل غضب الاحتلال، فندد رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو به معتبرا أنه “قرار معيب”، و”يشجع الإرهابيين في العالم”.
غير أن الثابت أن ما اعتبر الاحتلال بأنه سيكون بمثابة “نزهة” له في القطاع المحاصر منذ أكثر من 15 عاما، جاء بعكس ذلك تماما، فقد أثبت أن الاحتلال لا يمتلك سلة أهداف حقيقية في غزة، بل لجأ إلى استهداف المدنيين من أجل الضغط على المقاومة للكف عن إطلاق الصواريخ تجاه مناطق الداخل المحتلة، كما أثبت فشله في ضرب قواعد إطلاق تلك الصواريخ وإسكاتها، فكشف عن وجهه اللاإنساني والعنصري البشع.
ومع توالي صور الفظائع وجرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال، خصوصا في غزة، بدأ ضمير العالم بالصحو، وبإدانة الجرائم، حتى أن بعض سياسيي العالم تذكروا فجأة أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم ارتكاب جرائم حرب وفظائع ضد الفلسطينيين، إذ إن التطهير العرقي الممنهج بحقهم يواصله الاحتلال منذ عقود طويلة.
اليوم، تعود قضية فلسطين وشعبها إلى الواجهة العالمية من جديد، ويصمم الفلسطينيون وبعض العرب ممن يهمهم هذا الصراع الممتد، على أن يستفيدوا من هذا الزخم، بعدما استطاعت المقاومة تصدير قضية شعبها إلى الواجهة.