وصف اقتصاديون وخبراء فكرة إنشاء أسطول نقل وطني للحاويات والبضائع السائبة بالجيدة إلا أنها ستواجه صعوبات في تطبيقها.
وأكدوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن القطاع الخاص هو الأكفأ والأقدر على استثمار وإدارة هكذا مشاريع، نظرا لحاجتها لرأسمال كبير، مبينين أن إنشاء هذا المشروع يحتاج لدعم وتكامل اقتصادي عربي. وأشاروا إلى أن فكرة إنشاء ناقل وطني تستغرق سنوات عديدة لتنفيذها، لكنها على المدى البعيد ضرورية للانفتاح على الاقتصاد العالمي، ودعم وتحسين الاقتصاد الوطني.
ويبلغ عدد الحاويات التي ترد الى الاردن سنويا نحو 500 الف حاوية متكافئة، مقابل 120 الف حاوية متكافئة صادرة محملة بالبضائع.
وارتفع حجم المناولة في موانئ العقبة خلال الأشهر الخمسة الماضية من العام الحالي إلى 9 بالمئة، ليبلغ 8ر5 مليون طن مقارنة مع 3ر5 مليون طن للفترة نفسها من العام 2020.
كما زاد عدد البواخر التي أمت ميناء العقبة خلال الاشهر الخمسة الماضية من العام الحالي إلى 717 باخرة، مقابل 674 باخرة خلال نفس الفترة من العام الماضي.
وقال نائب رئيس تجارة عمان نبيل الخطيب، إن فكرة إنشاء أسطول نقل وطني للحاويات والبضائع السائبة جاءت في ظل الظروف الحالية المتمثلة في نقص عدد الحاويات المتوفرة بالعالم وارتفاع أجور الشحن.
وأضاف أن الفكرة من المشروع ان يكون لدينا ناقل وطني إقليمي يخدم الدول والشركاء العرب مثل موانئ البحر الأحمر وشمال إفريقيا كالمغرب وتونس وليبيا، مبينا أن هذه الدول مهمة للأردن وصادراتها.
وتابع، أن هذه الخطوة تحتاج لدعم وتكامل اقتصادي عربي، مما يتطلب وجود شركاء إقليميين لتحقيق النجاح المرجو منها، مؤكدا أن هذه الشركة بحاجة لرأسمال حكومي وخاص، نظرا لعدم قدرة القطاع الخاص وحده على الاستثمار في هذا المجال. ولفت إلى أن فكرة إنشاء ناقل وطني ستستغرق سنوات عديدة للتنفيذ، لكنها على المدى البعيد ضرورية للانفتاح على الاقتصاد العالمي، وستسهم بتحسين الاقتصاد، موضحا ان تطبيق الفكرة على أرض الواقع يحتاج لاجتماعات إقليمية بالدرجة الأولى، واجراء دراسات وأبحاث من شركات متخصصة.
وبين الخطيب أن المشروع له عدة فوائد من حيث سهولة إيصال البضائع التي تعود إلى الأردن، والفائدة الاقتصادية، وتشغيل الكوادر الفنية، إضافة إلى رفد خزينة الدولة من العملات الصعبة.
واوضح ان شركة الخطوط البحرية الوطنية الأردنية، بحاجة لإعادة التأهيل ويمكن أن تسهل وتخفف الإجراءات التي تطيل المدة المسموحة بها لإنشاء الشركة، بالإضافة لامتلاكها الخبرة والكوادر الفنية التي تمكنها من تولي المشروع، من حيث التوسع في رأسمال والخدمات، والعمل على استقطاب شركاء إقليميين جدد.
وأكد أن إنشاء هذه الفكرة في المرحلة والظرف الحالي سيكون غير مناسب للاستثمار، في ظل ارتفاع أسعار البواخر والحاويات، اضافة إلى عدم توفر البواخر في العالم، “لكن علينا أن نخطط لها في الفترة المقبلة خاصة بعد توفر البواخر والحاويات وانخفاض أسعارها”. وأوضح الخطيب أن على الحكومة اعطاء البواخر التي تحمل العلم الأردني امتيازات تشجيعية كالامتيازات الممنوحة للبواخر الأجنبية، وعمل شريحة خاصة للضرائب أو العوائد التي تترتب عليها وتوفير اعفاءات ضريبية لمدة 20 عاما ومنح الكوادر الفنية العاملة بالشركة حوافز متعددة.
بدوره، قال الخبير البحري الكابتن محمد الدلابيح، إن فكرة إنشاء أسطول نقل وطني للحاويات والبضائع السائبة ممتازة، إلا أنها ستواجه صعوبة في تنفيذها على أرض الواقع، مبينا أن هناك صعوبات ستواجه الفكرة من حيث بواخر الحاويات لأنها عبارة عن شركات كبيرة تحتاج إلى رأسمال كبير غير متوفر في القطاعين، فيما يمكن انشاء شركة وطنية لنقل البضائع العامة ” النقل السائب”.
ودعا إلى ضرورة وجود مشروع وطني لتملك بواخر وطنية تحمل العلم الأردني وتعطى الامتيازات اللازمة، بحيث يكون للحكومة جزء من هذا المشروع، مشيرا إلى أن القطاع الخاص غير قادر على تبني هكذا مشروعات.
وبين الكابتن الدلابيح أن كل دولة في العالم تمتلك بواخر وطنية، تظهر الحاجة لهذه البواخر في أوقات الازمات أو عندما تتحكم شركات الملاحة العالمية في الأسعار، مؤكدا أنه يمكن الاستفادة من هذه البواخر من خلال قيامها بتدريب الكوادر البحرية التي تتخرج من أكاديميات البحرية المتواجدة في الأردن، إضافة إلى الاستفادة من هذه الطواقم في المستقبل بأعمال الملاحة والموانئ والارشاد وغيرها.
من جهته، رأى نقيب وكلاء الملاحة البحرية الدكتور دريد محاسنة، أن لا جدوى اقتصادية من فكرة أنشاء أسطول نقل وطني، إلا أذا وجد المستثمر عكس ذلك. وقال إن الأردن يمتلك بواخر لنقل البضائع تابعة لشركة الخطوط البحرية الوطنية لكنها لم تنجح، مبينا أن قضية البواخر والأساطيل عالمية وليست وطنية، ومعظمها تمتلكها شركات دولية وليست دول. وأضاف أن حجم الصادرات والمستوردات هو من يحدد الحاجة لأسطول نقل وطني للحاويات والبضائع السائبة، مشيرا إلى أن الجدوى من شراء البواخر أو عدمها يحدده أيضا القطاع الخاص. وأشار إلى أن ارتفاع الأسعار وانخفاضها جاء جراء ظرف عالمي اصاب بلدان كبيرة تمتلك أساطيل بحرية، موضحا أن هبوط الأسعار كان بفعل خلل في سلاسل التزويد، لتعطل الكثير من الموانئ خلال فترة الإغلاقات الناتجة عن أزمة جائحة كورونا.
وبين الدكتور محاسنة أن مثل هذه المشاريع يقوم القطاع الخاص والشركات المتخصصة بإنشائها والاستثمار بها وليس الحكومة. وقال الخبير الاقتصادي الدكتور نوح الشياب، إن موضوع النقل وخاصة البضائع يواجه مشكلة عالمية خاصة منذ بروز جائحة كورونا، والتي أظهرت أن حدوث مشاكل فنية في عملية النقل، ستؤثر على عملية توفير مدخلات الإنتاج، وسلاسل التزويد ، وستنعكس بالمجمل على تصدير البضائع والسلع. وأضاف أن نتائج ذلك ستكون مكلفة على العملية الإنتاجية بشكل عام، مما يتسبب بارتفاع كبير في الأسعار العالمية، وهي أحد أسباب ارتفاع أسعار الشحن والنقل، مبينا أن عملية وجود أسطول نقل وطني تعني توحيد الجهود والتنسيق الافضل والاستفادة من القدرات الممكنة لهذا الاسطول. وأشار إلى أنه عندما يكون هناك أسطول نقل وطني وادارة واحدة مركزية نستفيد بما يسمى “وفورات الحجم”، ويمكن أن يحقق هذا الاسطول فوائد من حيث النقصان في متوسط التكلفة الاجمالية نتيجة لزيادة حجم الشركة، والاستفادة من العلم والمعرفة ونقلها للشركات الصغيرة.
واوضح ان ذلك سيؤدي إلى زيادة الفاعلية والكفاءة لهذه الشركة، والقدرة التسويقية لها تصبح عالية لتتناسب مع حجمها، اضافة إلى أن القوة التفاوضية لهذا لأسطول ستكون أكبر سواء كان مستوى الوطني أو الدولي، نظرا لحجم الشركة. ورأى أن القطاع الخاص هو الأكفأ والأقدر على إدارة هكذا مشروعات وليست الحكومة، “كوننا نعيش في عالم العولمة والاقتصاد المفتوح”، موضحا أن على الحكومة تقديم الدعم والحوافز والامتيازات للمساعدة على إنشاء مثل هذه الافكار، كمنح الأسطول اعفاء ضريبي لفترة زمنية محدودة أو اعطاء حوافز.
ولفت الدكتور الشياب إلى أن الأردن لديه مشكلة في النقل برمته سواء كان فيما يتعلق بنقل الاشخاص أو البضائع، مؤكدا ضرورة أن تضع الجهات المعنية استراتيجية واضحة المعالم قابلة للتنفيذ فيما يتعلق بقطاع النقل، وتوفير حوافز للقطاع الخاص للاستثمار في أساطيل بحرية، وجوية، وبرية لنقل البضائع.