يشارك الأردن العالم، الأحد، الاحتقال بـ “يوم المؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة”، التي تشكّل أكثر من 90٪ من جميع الشركات في المتوسط في العالم، وتوظف 70٪ من إجمالي العمالة وتنتج 50٪ من إجمالي الناتج المحلي.

وخلال أزمة جائحة كورونا، أشارت الأمم المتحدة إلى أن تدابير الجائحة والاحتواء ليس لها التأثير نفسه في الجميع. وفي القطاع الخاص، كانت الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، الأشد معاناة ،ولا سيما تلك التي تقودها نساء وشباب وأقليات عرقية ومهاجرون.

وأظهر استطلاع أجراه مركز التجارة الدولية بشأن تأثير كورونا بين الشركات في 136 دولة، أن نحو 62٪ من الشركات الصغيرة التي تقودها نساء تأثرت بالأزمة تأثرا شديدا، مقارنة بأكثر من نصف الشركات التي يقودها رجال، فضلا عن الشركات التي تمتلكها النساء كانت احتمالية نجاحها في أثناء الجائحة تزيد عن 27%.

وحددت الأمم المتحدة، موضوع مناسبة 2021، لليوم العالمي الذي يصادف 27 حزيران/يونيو من كل عام؛ هو “المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة هي مفتاح الانتعاش الشامل والمستدام”، وبينما تقوم الحكومات بتلقيح سكانها، يواصل العالم التعامل مع العديد من التحديات الأخرى التي تشمل الآثار المستمرة لتغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والتلوث.

وإذا لم تتوقف هذه الأزمات الثلاث، فمن المتوقع أن يكون لها آثار سلبية خطيرة على النمو الاقتصادي، وصحة الإنسان والنظم البيئية، والعمالة وسبل العيش.

كورونا أغلقت منشآت في الأردن

وتؤدي الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة دورا ملحوظا في الاقتصاد الأردني؛ إذ تمثل هذه الشركات 50% من مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الخاص، وتوفر 52% من الوظائف في القطاع الخاص، وتشكل 98% من قطاع الشركات في الأردن، بحسب تقرير للبنك الدولي اطلعت عليه “المملكة”.

وفي المجمل، فإن أقل من ربع الشركات تملكها نساء، و8% فقط تضم أغلبية نسائية في ملكيتها، بينما يضم عدد أقل من الشركات (3%) امرأة ضمن الإدارة العليا. وتزيد احتمالية قيادة الشركات الصغيرة والمتوسطة من نساء إلى حد كبير مقارنةً بالشركات الأكبر حجما.

وبحسب مسح صغير أجراه البنك الدولي في الأردن في نيسان/أبريل 2020، ودراسة إقليمية أكبر من آب/أغسطس 2020، حول الأثر قصير المدى لجائحة كورونا على أنشطة الأعمال، كان الأردن من ضمن الدول المتوقع أن تشهد انخفاضا في المبيعات يبلغ متوسطه 60%، بينما يتوقع أن يواجه 54% من أنشطة الأعمال مشكلةً في سداد المستحقات.

وأظهر المسح الذي أجراه البنك على 564 منشأة في الأردن (آب/أغسطس 2020)، أن 5.1% من هذه المنشآت أغلقت بشكل دائم منذ الإعلان عن جائحة كورونا.

وعدّلت 2.5% فقط من الشركات التي شملها المسح خطوط إنتاجها أو خدماتها؛ للتكيف مع التغيرات في بيئة الأعمال. وقدّر الاستغلال الكلي للطاقة الاستيعابية للشركات بنحو 49.5%، أي أقل بنسبة 10% من تقديرات تشرين الأول/أكتوبر 2019.

وفي المتوسط، تعرضت 89% من الشركات لانخفاض في مبيعاتها الشهرية مقارنةً بالسنة الماضية. كما أظهر المسح أن من المرجح بصورة أكبر أن تفقد النساء وظائفهن بدوام كامل مقارنةً بالرجال. وقد يكون الأثر غير المتكافئ لفيروس كورونا على القطاع الخدمي أصعب على النساء تحديداً، حيث إن 86% من فرص العمل للنساء موجودة في القطاع الخدمي (مقارنةً مع 70% للرجال).

وأكد المسح أن 92.5% من الشركات واجهت انخفاضاً في السيولة أو توفر التدفق النقدي (98% من الشركات الصغيرة)، وأن 31% لديها التزامات مستحقة للمؤسسات المالية.

وبالنسبة للمصادر المالية، تستخدم 21% من الشركات التي شملها المسح القروض التجارية كمصدر رئيسي، ويستخدم 3.4% التمويل السهمي، بينما يستخدم 0.4% منتجات مؤسسات مالية غير بنكية .

وعلى صعيد الالتزامات المالية المترتبة على الشركات الصغيرة والمتوسطة، توقع 44% من الشركات الصغيرة عدم القدرة على الوفاء بالمطلوبات المستحقة، مقارنةً مع 34% من الشركات المتوسطة. وعلى الصعيد الإيجابي، زادت 57% من الشركات أنشتطها عبر الإنترنت،وطبّق 33% أنماط العمل عن بُعد للعاملين.

“الشركات الصغيرة أكثر تأثرا بكورونا”

وقال منتدى الاستراتيجيات الأردني، إن نسب تأثير الجائحة كانت متقاربة – بشكل عام – إلا أن الشركات الصغيرة (10 موظفين فأقل) كانت من أكثر الشركات تأثراً بجائحة كورونا بنسبة 67% (أضعف من الظروف الطبيعية إلى حد كبير).

وبين أن أكثر من 50% من المستثمرين في الأردن يحتاجون لسنة أو أكثر للتعافي من أثر جائحة كورونا.

وأظهرت نتائج مسح أجراه المنتدى، أن 56% من المستثمرين يرون أن الأوضاع الاقتصادية في عام 2021 كانت أسوأ مقارنةً بالعام الذي سبقه، في حين يرى 16% من المستثمرين أن الوضع الاقتصادي كان أفضل في العام 2021 مقارنة بالعام 2020.

وبالنسبة للنظرة المستقبلية، أظهر 50% من المستثمرين تفاؤلهم حيال المستقبل، ويرون أن الوضع الاقتصادي سيكون أفضل؛ في حين أشار نحو 30% من المستثمرين إلى أن الوضع الاقتصادي للأردن سيكون أسوأ خلال العام المقبل.

وفيما يخص أثر جائحة كورونا على قطاع الأعمال في الأردن، بينت نتائج التقرير أن غالبية المستثمرين (85%) يرون أن حجم تعاملهم التجاري كان (أضعف من الظروف الطبيعية) ، بينما يرى نحو (8%) من المستثمرين أن حجم التعامل التجاري منذ بداية الأزمة كان (مشابها للظروف الطبيعية)؛ في حين لم يرَ سوى (5%) فقط من المستثمرين أن حجم تعاملهم التجاري كان (أفضل من الظروف الطبيعية).

وأكد منتدى الاستراتيجيات الأردني ضرورة إعادة تقييم الإجراءات الحكومية، ووضع خارطة طريق تشاركية مع القطاع الخاص لتشمل مختلف القطاعات، وجميع الشركات بمختلف أحجامها وتحديداً الصغرى منها.

“إجراءات حكومية للتعافي”

وخلال تفشي فيروس كورنا، استخدمت الحكومة الأردنية تدابير رئيسية لدعم القطاعين العام والخاص، حيث أطلق البنك المركزي الأردني في نيسان/أبريل 2020، برنامجا تمويليا بقيمة 500 مليون دينار أردني لصالح الشركات الصغيرة والمتوسطة عبر البنوك التجارية، مع التوسع في برنامج الشركة الأردنية لضمان القروض لتوفير ضمانات على القروض بنسبة 85%.

واعتبارا من كانون الأول/ديسمبر 2020، وافق البرنامج على أكثر من 5070 قرضا للشركات الصغيرة والمتوسطة بقيمة إجمالي تبلغ 411.2 مليون دينار أردني لتغطية كافة أنواع النفقات التشغيلية ورواتب العاملين.

ورغم ذلك، لم يغطِ البرنامج الشركات متناهية الصغر والتي يتم في العادة خدمتها من خلال مؤسسات التمويل متناهي الصغر، وبالرغم من مواجهة الشركات متناهية الصغر لذات تحديات الأعمال التي تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة، تستطيع الشركة الأردنية لضمان القروض فقط تغطية 70% من قروضها بسبب محدودية رأس مال الشركة.

وعمل البنك المركزي الأردني على تبسيط متطلبات “اعرف عميلك” للحسابات متدنية القيمة (لغاية 5 آلاف دينار أردني)؛ مما مكن الأفراد من فتح محافظ إلكترونية بسرعة للشركات الصغيرة والمتوسطة، وزيادة عدد المشتركين في المحافظة الإلكترونية من 400 ألف إلى أكثر من مليون مشترك ما بين آذار/مارس، إلى أيلول/سبتمبر 2020.

وطبّق البنك المركزي سياسة عدم فرض رسوم على التعاملات المالية عبر الأجهزة المحمولة، مع فرض رسوم متدنية على قبض المال عبر الوكلاء وأجهزة الصراف الآلي، وأجّل دفعات قروض لمؤسسات التمويل متناهي الصغر، التي تقوم في العادة بمنح القروض للقطاع غير المنظم.

وأجلت الحكومة تحصيل ضريبة المبيعات من كافة القطاعات والشركات المحلية في القطاعات الصحية والطبية والإمدادات لحين بيعها لمنتجاتها، ووفرت خيار التقسيط للشركات المتضررة لدعم رسوم الكهرباء، وسمحت لشركات القطاع الخاص باستثناء موظفيها من التأمين ضد الشيخوخة لمدة 3 أشهر.

وفي إطار الاستجابة الحكومية، أطلقت المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية، وهي المؤسسة الرئيسية المسؤولة عن الشركات الصغيرة والمتوسطة في الأردن، برامج منح مناظرة لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة لإعادة تشغيل خطوط إنتاجها ورقمنة عملياتها.

واطلق الصندوق الأردني للريادة، وهو صندوق استثماري حكومي، برنامجا شبه رأسمالي لتوفير سندات قابلة للتحويل للمشاريع الناشئة القابلة للاستمرارية لتغطية رأسمالها العامل ونفقاتها الثابتة.

وبغرض تعميق الاستجابة لأزمة فيروس كورونا والتعافي منها، تعكف الحكومة الأردنية على إعداد خطة وإجراءات ومبادرات للتعافي الاقتصادي، بهدف التصدي للتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الأردن، والتخطيط لتحقيق نتائج أفضل فيما يتعلق بالتخفيف من الفقر، وتقليل البطالة، وزيادة النمو.

ومن المتوقع أن تدعم إجراءات التعافي الاقتصادي التوصيات على المستوى الجزئي لتعزيز الصمود والنمو عبر تدخلات عمودية. حيث ستدعم هذه الخطط شركات القطاع الخاص، وبشكل رئيسي الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، من خلال تقديم استجابة مباشرة للأزمة للمحافظة على الشركات الحالية وإرساء الأساس لتعاف مستدام.

حقائق وأرقام عالمية

ستكون هناك حاجة إلى 600 مليون وظيفة مع حلول عام 2030؛ لاستيعاب القوى العاملة العالمية المتنامية ، مما يجعل لتنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة أولوية عالية للعديد من الحكومات حول العالم.

وفي الأسواق الناشئة، يتم إنشاء معظم الوظائف الرسمية من الشركات الصغيرة والمتوسطة ، التي تخلق 7 من أصل 10 وظائف.

الأمم المتحدة، بينت أن زيادة الاستثمارات السنوية في المشاريع الصغيرة والمتوسطة بمقدار تريليون دولار ستؤدي إلى أرباح غير متكافئة من حيث التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة.

وتعد الشركات الصغيرة في البلدان النامية من بين أكثر الشركات قلقًا من تغير المناخ، فوفقًا لبحث أجراه مركز التجارة الدولية تؤكد 68٪ من الشركات في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أن المخاطر البيئية تؤثر في أعمالها. وتقول نصف الشركات التي شملها الاستطلاع في البلدان المتقدمة الشيء نفسه.