دعا برلمانيون ومستثمرون وأكاديميون الحكومة إلى ضرورة إعداد قانون عصري للاستثمار يواكب التطورات العالمية ويضمن تبسيط الإجراءات، ويوحد المرجعيات ويعزز من صلاحيات هيئة الاستثمار، في ظل المنافسة الشديدة بين دول العالم لجذب مشروعات استثمارية تقام على أراضيها.
وأكدوا أن البيئة الاستثمارية بالمملكة تنتظر قانونا عصريا للاستثمار يسهم بالقضاء على البيروقراطية وحالة التشتت التي يعيشها المستثمر في الوقت الحالي، بسبب وجود أكثر من مرجعية، تتعامل مع المستثمرين وتمنح تراخيص وحوافز غير مرتبطة بالتشغيل وإحداث النمو الاقتصادي المنشود، مشيرين إلى أن النافذة الاستثمارية في هيئة الاستثمار يجب أن تكون هي المرجعية الوحيدة للمستثمرين.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى وجود ما يقارب من 40 قانونا، وألف نظام، و800 تشريع وتعليمات، و52 مؤسسة وهيئة وجهة جميعهم معنيون بالمنظومة الاستثمارية بالمملكة، فيما اتخذت الحكومة أخيرا عددا من الإجراءات والقرارات لتحفيز وتنشيط بيئة الأعمال بالمملكة، في مقدمتها الخط السريع لخدمة المشروعات الاستثمارية من خلال مديرية النافذة الاستثمارية، إضافة إلى تقليص اللجان في هيئة الاستثمار من 23 إلى 13 لجنة، وتقليص الإجراءات المتعلقة بتسجيل وترخيص المشروعات الاستثمارية والمدة الزمنية للتسجيل في المناطق التنموية من 5 أيام إلى يوم واحد، إلا أنها خطوات صغيرة وغير كافية.
وقال رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب النائب خالد أبو حسان إن قانون الاستثمار الحالي يعاني من البيروقراطية وتعدد المرجعيات والتداخلات، إضافة إلى وجود لجان معنية بمنح حوافز استثمارية لا تنعكس على توفير وظائف أو إحداث نمو على مستوى الاقتصاد الوطني. وبين وجوب ارتباط اأ حوافز تمنح للمستثمرين مع حجم العمالة التي توفرها تلك المنشأة الراغبة في الحصول على إعفاء أو تخفيض ضريبي أو جمركي، مشددا على أن ذلك ينسحب كذلك على حجم النمو الذي سيحدثه ذلك الاستثمار على المنطقة والإقليم المقام على أراضيه وحجم الصادرات، وأخيرا على القيمة المضافة المستخدمة في الإنتاج سواء أكان صناعيا أو تجاريا أو خدماتيا.
وأكد أبو حسان أننا في الأردن نراهن الآن على دور القطاع الخاص، مشيرا إلى الأمل الذي تضعه الرؤية الملكية السامية على القطاع الخاص وقدرته على توفير المزيد من فرص العمل والتشغيل لمواجهة نسب ومعدلات الفقر والبطالة، مشيرا إلى أن لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية لن تألو جهدا لأي قرار وتوجه من شأنه إحداث نمو اقتصادي بالمملكة.
وقال عضو مجلس إدارة غرفة صناعة عمان ورئيس حملة “صنع في الأردن” إياد أبو حلتم إن بدء الأعمال يعد معقدا نوعا من في المملكة مقارنة مع دول في ذات المستوى، مشيرا إلى أن ترتيب المملكة في هذه الممارسة للسنوات السابقة مازال يراوح مكانه.
وأضاف أن البيروقراطية تشكل أهم معيقات البيئة الاستثمارية في المملكة، رغم الخطوات التحفيزية التي اتخذتها الحكومة في قوانين الاستثمار السابقة، مشيرا إلى أن المستثمر الذي يقصد الأردن اليوم يواجه البيروقراطية وغياب المرجعية الواحدة لاستكمال الإجراءات، خصوصا فيما يتعلق بالتراخيص والبدء بالعمل، الأمر الذي يشكل ضربة للخطط الرامية لتعزيز تنافسية وجاذبية المملكة استثماريا.
وأكد الأكاديمي المتخصص في الشؤون الاقتصادية مطيع الشبلي أن النافذة الاستثمارية في هيئة الاستثمار والتي يفترض أن تكون هي المرجعية الوحيدة للمستثمرين تعاني قصورا تشريعيا، بسبب وجود بنود بقوانين مؤسسات أخرى تستدعي عرض المشروعات عليها من قبل لجان مختصة قبل الرد على طلبات المستثمرين، إضافة إلى ارتفاع كلف الإنتاج، ولاسيما الطاقة، وكذلك كلف البنية التحتية، وغياب الأتمتة.
وأضاف أن أغلب مفوضي النافذة الاستثمارية، والذين يبلغ عددهم 16 يمثلون مختلف المؤسسات المعنية بملف الاستثمار بالمملكة، لا يتمتعون بكامل الصلاحيات لأخذ أي موافقات تتعلق بمشروع معين؛ إذ يتطلب ذلك الرجوع إلى الجهة التي يمثلونها لأخذ تلك الموافقة، منها وزارات الصحة، السياحة، البيئة، العمل، الشؤون البلدية، أمانة عمان الكبرى، ومؤسسة الغذاء والدواء.
واتفق رئيس جمعية المستثمرين الأردنية بسام حمد في أن ملف الاستثمار في الأردن يدار حاليا، من قبل مؤسسات عدة، بسبب وجود تضارب حقيقي في التشريعات التي لم يستطع قانون الاستثمار الحالي معالجتها، مؤكدا أن البيئة الاستثمارية في المملكة لا تزال تعاني من تشوهات تشريعية تضعف تنافسية المملكة بملف الاستثمار، نتيجة تضارب قانون الاستثمار مع العديد من قوانين مؤسسات الدولة الأخرى.
وبين حمد أن المستثمر، الذي يقصد المملكة لإقامة مشروع معين يصطدم بالبيروقراطية العميقة، وهي طول الإجراءات وحاجة المستثمر إلى مراجعة عدة مؤسسات لإنجاز المعاملات والتراخيص التي يحتاجها للبدء بالعمل.