في غرفة العمليات بالمستشفى، كانت أنامل “الطبيب المتدرب” عبدالرحمن المصاطفة، صاحب الميدالية البرونزية في أولمبياد طوكيو 2020، تتحرك بخفة ومرونة، وكأنها تعزف على القيثار، لمعالجة جروح المرضى، في مشهد لا يعكس شراسة اللاعب وقسوته في حلبات الكراتيه.

لم يكن من السهل على الطبيب الرياضي، تنظيم وقته ما بين التحضيرات الرياضية المكثفة التي تليق بحدث عالمي كبير بحجم الأولمبياد، وما بين دراسة الطب التي تتصف بالصعوبة في الجامعة الأردنية التي أوشك النجم الأردني على وداعها بعد أن وصل للسنة السادسة في مسيرته الدراسية.

ووصل الجهد والتعب قمته عند المصاطفة، خلال معسكر منتخب الكراتيه في مصر خلال الفترة من 4 إلى 26 تموز الماضي، عندما انخرط في التدريبات المكثفة، مع تفرغه لساعات طويلة أيضا في نفس المعسكر لتقديم امتحانات الجامعة عبر تطبيق الزوم “أونلاين”، والانتظام أيضا في حضور المحاضرات، حتى أن جهاز “اللاب توب” كان يرافقه أحيانا إلى صالة التدريب، لمتابعة المحاضرات حتى دقائقها الأخيرة.

تفوق المصاطفة في كلية الطب ورياضة الكراتيه، احتاج أيضا لجهد كبير من اتحاد اللعبة، الذي أدرك حاجة لاعبه المجتهد رياضيا ودراسيا لمزيد من الدعم النفسي والمعنوي، ما دفع الاتحاد لاخضاع النجم البرونزي لمحاضرات إعداد نفسي، لمساعدته في التخلص من الضغوطات، واعانته على مواصلة التركيز في التمارين والدراسة، بحثاً عن الانجازات وهو ما تحقق للمصاطفة الذي نجح في تحقيق انجاز في أولمبياد طوكيو، بالتزامن مع تفوقه في دراسة الطب استعدادا لنيل لقب الطبيب رسمياً في الفترة القريبة المقبلة.

في غرفة العمليات في المستشفى، وخلال محاضرات التدريب العملي وفق متطلبات الدراسة، كان المصاطفة ماهراً ولطيفاً في تحريك أنامله فوق جسد المريض وكأنه عازف قيثار، فيما كانت يده تبطش بالخصوم في حلبات الكراتيه، ما جعله مثار اهتمام كل من يعرفه.

تفوق المصاطفة في محاضرات الطب، لفت أنظار الأطباء المشرفين وأثار اعجابهم، كما اثار اعجاب زملائه المتدربين واصدقائه الذين وقفوا شاهدين على مهارته وانسانيته في غرفة العمليات، وشراسته وصلابته في المنافسات، ما دفعهم لممازحته في بعض الاحيان من خلال وصفه بانه الشخص الذي يكسُر العظام ويتسبب في نشر الجروح في مختلف مناطق الجسم بصفته نجما في الكراتيه، ثم يعود لترميمها بشكل رائع بصفته جراح وطبيب بارع.

ويقول المصاطفة الذي تفوق في دراسة الثانوية العامة، قبل أن يتابع تفوقه في دراسة الطب وممارسة الرياضة، أن حصوله على الميدالية البرونزية في أولمبياد طوكيو، بالتزامن مع دراسة الطب في الجامعة الأردنية، احتاج لجهد بدني وتركيز ذهني كبيرين.

وأشار في حديثه أن الموازنة بين دراسة الطب الصعبة والمرهقة، وممارسة رياضة الكراتيه المجهدة، لم يكن سهلا ابدا، بل احتاج لجهد خارق، خاصة خلال الانشغال بفترات المنافسات العربية والآسيوية والعالمية والتي كانت تتزامن في الكثير من الأوقات، مع الامتحانات الجامعية والمحاضرات الطبية المهمة التي لا يمكن تجاهلها أو التغيب عنها.

وبين المصاطفة أنه خلال المعسكرات التدريبية والمشاركة في البطولات الخارجية، كان يحرص على مواصلة الدراسة من خلال متابعة المحاضرات “أونلاين”، وتقديم الامتحانات، ما تطلب منه التركيز الذهني والتحضير النفسي لتجاوز هذه المرحلة بنجاح.

وأكد النجم أن هدفه القادم هو الفوز بالميدالية الذهبية في بطولة العالم التي تقام في دبي خلال شهر تشرين الأول المقبل، إلى جانب البحث عن التفوق في مهنة الطب ليكون طبيبا جراحا متميزا ومعروفا.