نعى وزير الثقافة علي العايد المخرج الأردني سعود الفياض خليفات، الذي وافاه الأجل بعد حياة حافلة بالعطاء، أنجز خلالها العديد من الأعمال الأردنيّة التي تعبّر عن قيمهم الأصيلة وتفاصيل حياتهم وارتباطهم بالأرض. وقال العايد “نفتقد اليوم علماً من أعلام الإخراج الدرامي الأردني، الذي كان له حضوره الكبير في تلبية ذوق المشاهد الأردني والعربي وتأكيد الخصوصيّة الأردنيّة في هذه الأعمال التي نقلت لنا فترات ومحطات مضيئة في الثمانينات والتسعينات وما بعد الألفيّة، للقرية الأردنية والبادية وتفاصيل العلاقة الحميمة للإنسان الأردني مع المكان، من خلال الرؤية الإخراجيّة التي امتلكها، وظلّ دؤوباً في تنفيذها ومهتماً في البحث عن نصوص دراميّة مناسبة”. وقدّم العايد العزاء الكبير لأسرة الفنان الفياض ولنقابة الفنانين الأردنيين ولأصدقائه ومحبيه في الوسط الثقافي والفني الأردني والعربي.
والفيّاض من مواليد مدينة السلط عام 1943، حاصل على البكالوريوس في علم النفس من الجامعة الأردنيّة عام 1967، وهو عضو في نقابة الفنانين الأردنيين، درس الإخراج في لندن وأمريكا، وعمل في برامج أسبوعية تلفزيونية ومخرجاً لنشرات الأخبار، كما أخرج العديد من الأعمال الوثائقيّة البدوية مثل سلسلة “من بوادينا”، التي كان لها أثر كبير في إثراء تجربته في الأعمال التلفزيونية البدوية التي أخرجها، بالإضافة إلى عشرات الأعمال الدرامية الريفية التي نقلت للمشاهدين مبكّراً ظروف القرية الأردنيّة ومشوار أهلها في تجاوز ظروف الحياة والاهتمام بتطوير الإمكانات وتحصيل العلم والتمسّك بالأرض، في فترات مبكّرة، من خلال رؤية إخراجيّة موفّقة في الاهتمام باللهجات والتراث الأصيل وحوارات نخبة كبيرة من الفنانين الأردنيين الرواد والشباب الذين أبدعوا في تجسيد هذه الرؤية بما أسهم في تسويق العمل الدرامي الأردني عربياً، كما كانت له ريادة في اعمال مهمّة مثل “لحن البوادي” بداية السبعينات، و”شمس الأغوار” مطلع الثمانينات، العمل الذي لاقى حضوراً كبيراً في تلك الفترة التي شهدت المزيد من هذه الأعمال المميزة، مثل مسلسلات: “الصقر”، و”الطواحين”، و”جروح”، و”المحراث والبور”. أمّا فترة التسعينات فقد شهدت أهم أعماله وهو مسلسل “وجه الزمان” الذي سلّط الضوء على مساندة الأردن لفلسطين في فترة التهجير القسري، وكذلك معاناة الأردنيين أمام ظروف صعبة من شحّ الإمكانات والطموح نحو تحسين نوعية الحياة، أمّا مسلسل “أم الكروم” الذي أخرجه نهاية التسعينات، فقد كان شاهداً على مقدرته العالية في الإمساك بالتفاصيل والتصوير الطبيعي دون رتوش لفترة الانتقال من القرية والهجرة منها وعدم الاهتمام بالأرض ومشاريعها الإنتاجيّة، وكذلك كانت أعماله في مسلسلات “السقاية”، و”المحراث والبور”، وغيرها من الأعمال.
حصل الفياض على عدد من الجوائز، منها جائزة مهرجان شاليمار في باكستان عن فيلمه “القضاء العشائري”، وجائزة مهرجان اتحاد الإذاعات الآسيوية في طوكيو عن فيلم “حياة البادية”، كما حصل في المغرب على جائزة إخراج مسلسل “وجه الزمان” الذي كتبه طاهر العدوان ووضع السيناريو الخاص به الفنان محمود الزيودي، وكذلك الجائزة البرونزية في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عن مسلسل “السقاية” الذي عرض عام 2000 .