وصف رئيس الوزراء بشر الخصاونة علاقة الاردن مع تركيا بأنها “جيدة جداً الآن”، لكنه يستعرض بدبلوماسية وأناقة بعض محطات الماضي في سياق التأسيس لفهم مشترك أردني – تركي لقياس مصالح البلدين.
ويقدّر الخصاونة خلال مقابلة صحفية اجراها مع صحيفية الاندبندنت أن “إلغاء الأردن اتفاقية التجارة مع تركيا قبل سنوات عدة، بُولغ في تحليله وقراءته مع أنه مرتبط حصرياً بمصالح طبقة الصناعيين الأردنيين، لا أكثر”.
وفي الماضي القريب، برزت تساؤلات أردنية تحت عنوان رصد محاولات لجمعيات تركية للتدخل في المسجد الأقصى والحرم القدسي، وأحياناً لإشغال طاقم الأوقاف، ولأن مسألة القدس حساسة جداً لعمان، كانت هذه الجزئية مربكة للعلاقات أحياناً، لكنها اختفت الآن وبوضوح، بعدما قدم الأتراك شروحات وتفسيرات قَبِلها الأردن دبلوماسياً، فيما لا تُخفي عمان اهتمامها دوماً بعلاقات أفضل وأعمق مع أنقرة، وتقدّر موقف تركيا في دعم الوصاية الأردنية والهاشمية بدلالة أن جلالة الملك عبدالله الثاني اصطحب أشقاءه معه، وحضر قمة إسطنبول الإسلامية من أجل القدس.
دون ذلك، ثمة تأشير بيروقراطي بنكهة سياسية يحمل صفة “العتب” أكثر من الملامة، وهو إصرار بعض المؤسسات التركية على إيفاد مجموعات من الأتراك لزيارة القدس عبر “معبر بن غوريون”، ومعابر ومؤسسات إسرائيلية… “تلك إشارة تخدش العلاقات الأخوية قليلاً”، ولا ترى عمان ذلك “في سياق السلوك الطبيعي الأخوي ما دامت أنقرة تتفهم حساسية ملف القدس عند الأردنيين، بل تعلن الموقف ذاته”.
“وطبعاً تلك مسألة تفصيلية تحتاج إلى استدراك لأن أولوية مدينة القدس ومقدساتها بالنسبة إلى الأمة يفترض أن تتطلب بعض التضحيات أحياناً، والحرص على عدم توجيه رسائل تقول بإمكانية الاعتراف بشرعية ترتيب زيارات إلى القدس مع الاحتلال”، وهي نقطة يأمل الخصاونة أن “يستدركها الأصدقاء في الجمهورية التركية، لأن قيمتها الرمزية والسياسية والدينية أكبر بكثير من المسوغ اللوجستي، فاستعمال معبر الاحتلال يمس بقدسية مكانة القدس عند الأردنيين، وعمان ترحب بأن يزور الاشقاء الأتراك القدس عبرها”.
والأمل بطبيعة الحال متاح لمعالجة هذه المسألة، والتفاهم حولها، ولا يعارض الخصاونة هنا أيضاً المعلومة التي تقول إن سبب لجوء شركات تركية لترتيب زيارات للقدس مع الجانب الإسرائيلي وقطاعاته هو اعتذار الأردن عن عدم وجود بنية تحتية على الجسور مع فلسطين تصلح لمثل هذه الزيارات، وهو أمر لا يناقش الخصاونة صحّته، مشيراً إلى أن “البنية التحتية في مناطق الجسور قيد التطوير والعمل”، لكنه يبدو متأملاً سياسياً بضرورة “الانتباه إلى القيمة الأهم هنا هي هوية وإسلامية وعروبة القدس، حيث لا يوجد ما يمنع من ناحية أولية ومبدئية مناقشة هذا الملف حتى تبقى العلاقات مع تركيا في حالة تحسن مستمر، وهي بوضع ممتاز الآن عموماً”.