تهالك المباني المدرسية الحكومية في لواء الغور الشمالي بمحافظة إربد، وبخاصة المستأجرة، وبعد المباني المدرسية الجيدة نسبيا عن أماكن سكن طلبة ينتشرون في بلدات اللواء، وضيق سعة غرف مبانيها الصفية، وسوء مرافقها الأخرى، كالحمامات والتهوية والساحات، تدفع أهالي الى التساؤل حول مصير تعليم ابنائهم في مثل هذه المدارس، التي لا تلتزم بأدنى المقومات التعليمية، لعدم توفيرها اجواء مريحة للطلبة، ومنح أسر الطلبة الشعور بالأمان على ابنائها.
في هذا النطاق، فإن عائلات مقتدرة واخرى تعيش اوضاعا معيشية صعبة، تضطر لإرسال أبنائها الى مدارس خاصة، ضاغطة على نفسها من اجل حماية ابنائها من التنقل لمدارس حكومية جيدة خارج مناطق سكناهم، وتبعد عنها مسافات طويلة.
وأشاروا الى ان واقع المدارس القديمة في مناطقهم، يتسبب بنفور أبنائهم من التعليم، وان ذهابهم الى مدارس حكومية موجودة في محيط مناطقهم او بعيدة عنها، تشكل خطرا على حياة أبنائهم.
ونظرا لطبيعة المنطقة الزراعية والريفية، والأجواء الحارة في مناطق الاغوار، يقول أرباب أسر في بلدات الشيخ حسين ووقاص والزمالية، تصبح عملية التنقل سيرا على الاقدام لطلبة تتراوح أعمارهم بين السادسة والعاشرة، أي من ابناء المرحلة الابتدائية الاساسية، لمسافات طويلة في مثل هذه الاجواء المناخية الصعبة، نوعا من المغامرة الخطرة، لا طريقا للوصول الى المدرسة.
ولفتوا الى انتشار كلاب ضالة في طرقات المزارع، وخطورة التحرك في الطرق المعبدة، الى جانب استضعاف ذوي اسبقيات ومتنمرين للطلبة الصغار، وحتى الكبار أحيانا، يضاعف من قلق الاسر حول ابنائهم.
وطالب أهال وزارة التربية والتعليم، بأخذ معاناتهم بالاعتبار، ودراسة إمكانية بناء مدارس حديثة قريبة من تجمعاتهم، تحل مكان المدارس المستأجرة المتهالكة، وتنهي عملية التنقل لطلبة في مثل هذه الاعمار، وتحميهم من السير لمسافات طويلة تحت أشعة الشمس اللاهبة، أو خطورة التعرض للدهس، أو للاعتداء من آخرين.
المواطن محمد الرياحنة، بين أن مباني المدارس في منطقته مستأجرة وقديمة، لا تفي بالغرض من العملية التربوية، ولا تحقق الجاذبية لتواصل الطلبة معها، لمن هم في مثل هذا السن، لخلوها من ساحات اللعب ولضيق غرفها، بينما يتزايد عدد الطلبة الملتحقين بها سنويا.
ولفت الى أن هناك مدرسة يزيد عدد طلبتها على 160 طالبا، وهو عدد مناسب لإلحاق ابنائه فيها، لكنها تقع في منطقة بعيدة عن بلدته، وسيضطر هو في حال عودة التعليم الوجاهي الى إرسال ابنائه اليها، لكنه متخوف، مما قد يتعرضون له خلال سيرهم على الاقدام الى هذه المدرسة.
وأوضح ، أن غالبية الأهالي، ولحل مشكلة بعد المسافة عن المدارس الجيدة والبعيدة عن مناطق سكنهم، يشتركون مع آخرين يعانون مشكلتهم، باستئجار حافلات تتقاضى منهم مبالغ شهرية.
وأشار الى أن هناك مقتدرين يمكنهم تغطية اشتراكات توصيل ابنائهم عبر الحافلات، ولكن الغالبية العظمى يقعون تحت ضغط الحاجة، ويصبح اشتراك التوصيل بالحافلة عبئا عليهم، لكنهم مضطرون له، حماية لأبنائهم.
واكد أن مواطنين اضطروا الى نقل أبنائهم الى مدارس خاصة، لتجنيبهم هذه المشقة، برغم الاوضاع المعيشية لهم، ولغالبية أهالي اللواء الذين يرزحون تحت ضغط ظروف صعبة.
ولفت أهال  أن مديرية تربية اللواء، تستملك أراضي عديدة في مختلف البلدات، ويمكنها بناء مدارس عليها، لكنها لم تقم بأي فعل من هذه الناحية، برغم شكاواهم ومطالبهم، داعين لإيجاد حل جذري لمشكلتهم.
وكان أهال من بلدة المشارع، اعتصموا قبل عامين، احتجاجا على أوضاع المدارس المستأجرة، لانعدام المرافق التعليمية السليمة فيها، ولعدم جاذبيتها أساسا للتعليم، نتجية ضيق سعة صفوفها وتهالكها، وخلوها من الملاعب ودورات المياه، إلا أن الوزارة لكي تحل المشكلة، قامت بترميم بعض المباني في مدارس البلدة.
من جانبها، أكدت مها البواطي، والدة لعدة طلبة يدرسون في مدرسة مستأجرة، ان بعد المدارس الجيدة عن منطقة سكن اسرتها، يجعلها طيلة وجودهم خارج البيت، قلقة وخائفة عليهم، لبعد المدرسة، ولما قد يتعرض له أبناؤها من مخاطر أثناء ذهابهم اليها سيرا على الاقدام، لانتشار الكلاب الضالة خلال فترة الصباح في الطريق، ناهيك عما قد يتعرضون له من مخاطر حوادث السيارات، وتعديات أصحاب السوابق الأمنية عليهم.
وقالت أم الوليد القويسم، ولديها ثلاثة أبناء طلبة، ألحقتهم بمدرسة خاصة قريبة من المنزل، لتجنيبهم مخاطر التنقل الى مدارس بعيدة، لكن ذلك زاد من أعباء الاسرة المادية، في ظل ظروف اقتصادية صعبة، موضحة أن المدرسة القديمة في منطقتها، تخدم عددا قليلا من الطلبة، ناهيك عما هي عليه من قدم واكتظاظ.
وأشارت الى ان مديرية التربية في اللواء، وعدت أكثر من مرة بإيجاد مبنى بديل للمدرسة القديمة في المنطقة، لكن ذلك لم يسفر عن أي نتيجة حتى الآن، وأن تلك الوعود ذهبت ادراج الرياح.
مصدر من المديرية، بين أن الوزارة أدرجت على موازنتها الحالية، بناء مدارس أساسية جديدة في اللواء، موضحا أنه ستجري المباشرة ببناء تلك المدارس، بعد طرح عطاءاتها، مؤكدا أن الوزارة بصدد التخلص من المباني المستأجرة وتوفير مدارس تخدم الطلبة.
”الغد”