تقرير: جائحة كورونا وموجات اللجوء أثرت سلبا على مستوى رفاه الأردنيين

أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني، الأربعاء، مؤشر الازدهار الأردني في نسخته الثانية للعام 2020، والذي يقيس ويقيّم الرفاه في الأردن باستخدام بيانات ومؤشرات دولية ذات الصلة بالواقع المحلي ليقيس بشمول الازدهار في الأردن.

وأدرج المنتدى مجموعة من التوصيات لتحسين أداء الأردن في المؤشرات التي تراجع أداء الأردن فيها ضمن مؤشر الازدهار الأردني، وكانت أبرزها تشير إلى ضرورة النظر في وضع إطار تنظيمي من شأنه تمكين وتنويع الأحزاب السياسية، مما ينسجم مع الجهود الحالية لتحديث منظومة العمل السياسي في الأردن. بالإضافة إلى معالجة عبء التنظيم بالعمل على تخفيض تكاليف ممارسة الأعمال، وتعزيز التنافسية في الاقتصاد، وتحسين كفاءة التخليص الجمركي. كما أوصى المنتدى بضرورة نشر المزيد من البيانات لتزويد الباحثين والمراكز الفكرية بالأدوات المناسبة لتقديم توصيات مسندة بالأدلة. وفيما يتعلق بالتعدي على الملكية الفكرية وحقوق الملكية. 

وشدد المنتدى على أهمية عمل الجامعات والمؤسسات التعليمية على تزويد طلابها بالمهارات المهنية قبل دخول سوق العمل، علاوة على إعادة صياغة المناهج في جميع التخصصات لتحسين مهارات الرياضيات واللغة الإنجليزية لدى الطلاب. كما أشار المنتدى إلى ضرورة نظر البنوك التجارية في فتح فروع في المناطق الأقل حظا كجزء من مسؤوليتها الاجتماعية وأن تشجع الاقتراض لأغراض الاستثمار، إضافة إلى قيامها بتوفير الإرشاد الريادي للشباب المتعطلين عن العمل وتمكينهم من الوصول إلى ملكية الحساب المصرفي. 

وأوصى المنتدى  النظر في الأسباب الكامنة وراء تراجع درجة وترتيب الأردن في عنصر “الجودة الاقتصادية” والذي يتضمن مجموعة من المؤشرات، وهي قدرة الحكومة على المحافظة على مستويات الإنفاق الجاري والضرائب وغيرها من السياسات على المدى المتوسط والطويل، ومؤشر استقرار الاقتصاد الكلي (معدل نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي) وتقلب معدل التضخم، بالإضافة لمؤشر الإنتاجية والتنافسية (الكفاءة التي يمكن بها تحويل المدخلات إلى مخرجات)، ومؤشر الديناميكية (عدد الشركات الناشئة في السوق والشركات التي أخفقت في الاقتصاد)، وأخيرًا مؤشر مشاركة القوى العاملة (معدلات البطالة بين الجنسين).

وأكد المنتدى في التقرير على ضرورة وجود مؤشرات تقيس رفاه المجتمعات لتعكس إمكاناتها، ليس من حيث قدرتها الإنتاجية فقط، وإنما من حيث الرفاه المتحقق أيضًا. كما أن هناك أهمية لتحديد إن كان الازدهار يتقدم أو يتراجع بمرور الزمن، علاوة على ضرورة فهم ما وراء هذا التقدم أو التراجع.

وبين أن مؤشر الازدهار الأردني سيوفر معلومات شاملة لصنّاع السياسات في الحكومة والمعنيين بما يمكن من تحديد الإجراءات المطلوبة وتشكيل أولويات أجندة السياسات الخاصة بتحقيق مستويات أعلى من الازدهار، كما سيمكن القطاع الخاص من توظيف المؤشر لمساندة الحكومة في تحديد أولوياتها لتحسين الوضع الاجتماعي إلى جانب التحسينات الضرورية لتطوير مناخ الأعمال وجذب الاستثمارات، بالإضافة إلى وسائل الإعلام التي يمكن أن تستخدم هذا المؤشر كمرجع لمتابعة إجراءات الحكومة وتقييم أدائها في بعض المجالات الحيوية.

وفيما يتعلق بالمنهجية، استند المنتدى لمجموعة كبيرة من المؤشرات الدولية المتاحة وخاصة مؤشر ازدهار ليغاتوم، حيث قام منتدى الاستراتيجيات الأردني ببناء إطار عمل خاص لمؤشر الازدهار الأردني ارتكز على ثلاثة مجموعات أساسية تتكون من المجالات، الركائز، والعناصر.

وتتضمن مجموعة “المجالات” ثلاثة مجالات فرعية لتقييم الرفاه الاقتصادي والاجتماعي للأردنيين، وهي “المجتمع الشامل” والذي يضم مختلف المؤسسات الاجتماعية والسياسية، و”النمو والاستثمار” الذي يجسد الجوانب والخصائص الرئيسية للاقتصاد، و”المواطن الممكَّن” الذي يجسد الرفاه الاجتماعي للناس.

ولتنظيم المجالات الثلاثة آنفة الذكر، أدرج المنتدى مجموعة من المحاور في كل مجال ليصبح مجموع المحاور اثني عشرة محورًا، وقد قام المنتدى ببناء قائمة بالعناصر المتعلقة بكل واحدة من المحاور الاثني عشر من خلال تحديد مجموعة من المؤشرات الفرعية تعكس مجال السياسات التي يمكن لصانعي القرار وغيرهم، التأثير فيها وتغييرها لتحسين مستوى الازدهار. 

واعتمد مؤشر الازدهار الأردني على مؤشرين رئيسيين يقوم باحتسابهما لكل مجال من المجالات لتكوين “مؤشر الازدهار الأردني” تكون درجته ما بين 100 – 200 كمؤشر مركب من المؤشرين الرئيسيين. وهما مؤشر الرفاه النوعي (الوزن: 47%) ومؤشر الرفاه التقييمي (الوزن: 53%)، حيث يجسد مؤشر الرفاه النوعي الحالة التي يحاول بها الفرد تعظيم منفعته وتقليل عنائه؛ وهنا يتم النظر الى بعض العوامل غير الملموسة مثل المشاعر، العلاقات الشخصية، الحريات السياسية، الراحة، سهولة الإجراءات البيروقراطية، وغيرها من العوامل التي تساهم في الازدهار.  أما مؤشر الرفاه التقييمي، فيجسد الحالة التي يصل بها الفرد إلى عوامل قابلة للقياس مثل الدخل، العمل، البنية التحتية، الحوكمة، وغيرها من العوامل التي تساهم في الازدهار.

وفيما يتعلق بنتائج التقرير للمؤشر الرئيسي الأول، بين المنتدى في تقريره أن مؤشر الرفاه النوعي قد شهد تقلبات خلال الفترة 2009-2020 بين 139 درجة كحد أدنى في عام 2013 و162درجة كحد أقصى في عام 2018، ثم تراجع بشكل مفاجئ من 162 درجة في عام 2018 إلى 146 درجة في عام 2019، وعاود الارتفاع ليصل إلى 152 درجة في عام 2020.

وفيما يخص المؤشرات الفرعية تقلب المؤشر الفرعي ل “المجتمع الشامل” ما بين 162 درجة كحد أقصى في عام 2009 و136 درجة كحد أدنى في عام 2013. وانخفضت درجة هذا المؤشر بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية (2018-2020). حيث يعزى ذلك بشكل أساسي إلى تراجع عدد من العوامل مثل نزاهة الحكومة، آليات الشكاوى، حرية التنقل، إقبال الناخبين على الانتخابات، إنفاذ القانون. 

وفيما يتعلق بمؤشر الرفاه النوعي للنمو والاستثمار، شهد هذا المؤشر ارتفاعًا من 159 درجة في عام 2019 إلى 172 درجة في عام 2020، ويعزى هذا الارتفاع إلى حد كبير لتقدم الأردن في مجموعة من العوامل مثل مهارات العمالة، الهيمنة السوقية، وحماية الملكية الفكرية وحقوق الملكية. أما مؤشر الرفاه النوعي للمواطن الممكَّن، فشهد هذا المؤشر زيادة مفاجئة من 141 درجة في عام 2019 إلى 169 درجة في عام 2020، ويعزى ذلك إلى القفزة الكبيرة في مجموعة من العوامل بعد انخفاضها في عام 2019، مثل المهارات الرقمية للسكان، وبداية التحسن في جودة التدريب المهني، ومهارات خريجي الجامعات.

وفيما يخص المؤشر الرئيسي الثاني “الرفاه التقييمي”، بين المنتدى في تقريره أن الرفاه التقييمي قد تقلب خلال الفترة 2009-2019 ما بين 145 درجة كحد أدنى في عام 2020 و155 درجة كحد أقصى خلال عامي 2014 و2018. وبحسب المنتدى، استقر مؤشر الرفاه التقييمي نسبيًا على مر السنوات، ثم بدأ في التراجع لينخفض إلى أدنى قيمة له والبالغة 145 درجة في عام 2020. وبالنسبة لمؤشر الرفاه التقييمي لـلمجتمع الشامل، شهد هذا المؤشر تحسنًا في المتوسط، وذلك على الرغم من انخفاضه من 133 درجة في عام 2019 إلى 126 درجة في عام 2020. وبحسب المنتدى، يُعزى انخفاض هذا المؤشر بشكل أساسي إلى التراجع الطفيف في بعض العوامل مثل التكاليف المترتبة على الأعمال من الجريمة والعنف، والضغط الذي تحمله الأردن بسبب الهجرات القسرية. 

أما مؤشر الرفاه التقييمي لـلنمو والاستثمار، فقد تراجع مع مرور الوقت، نظراً إلى تراجع أداء الأردن في عدد من العوامل تتضمن حجم الأعمال الجديدة، الصادرات المصنعة عالية التقنية، طلبات براءات الاختراع، البطالة، إجمالي المدخرات، نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، الدين العام، العجز في الموازنة العامة، مشاركة المرأة في سوق العمل، وبطالة الشباب. إلا أنه وبالمقابل تحسن أداء الأردن بشكل كبير في عمق المعلومات الائتمانية، توافر رأس المال الاستثماري، ومدفوعات الضرائب من الأعمال. 

وبالنسبة لمؤشر الرفاه التقييمي للمواطن الممكَّن، فقد شهد هذا المؤشر انخفاضًا تدريجيًا بين عامي 2018 و2020، ويفسر المنتدى هذا التراجع بشكل أساسي إلى الاضطرابات النفسية، والسمنة، حيث احتل الأردن المرتبة الثالثة بين أضعف الدول على تلك المؤشرات بعد الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، وأشار المنتدى أيضًا إلى أن الأردن حصل على مرتبة متدنية في “التعرض للتلوث الهوائي”، كما احتل المرتبة الأولى بين 75 دولة في الوصول إلى خدمات الصرف الصحي وخدمات المياه الأساسية والمياه المنقولة بالأنابيب، مما يدعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة من المعنيين لكون الأردن من أفقر البلدان في مورد المياه العذبة.

ووفقا للدراسة كانت المؤشرات الأقوى في مؤشر الرفاه النوعي لمجال المجتمع الشامل هي تسوية النزاعات، التأخير في الإجراءات الإدارية، الاستقلال القضائي، والحق في الحصول على المعلومات. أما المؤشرات الأقوى لمجال النمو والاستثمار، فكانت التعاون بين العمال وأصحاب العمل، جودة النظام المصرفي وأسواق رأس المال، متانة البنوك، مرونة التوظيف، قيود مهارات العمالة على الأعمال، وحماية الملكية الفكرية. وبالنسبة للمؤشر الأقوى في مجال المواطن الممكَّن، فكان المهارات الرقمية للسكان.

وفيما يتعلق بالمؤشرات الأقوى في مؤشر الرفاه التقييمي، فكان مؤشر مجال المجتمع الشامل مساعدة الأسر الأخرى. أما أقوى المؤشرات في مجال النمو والاستثمار، فكانت عمق المعلومات الائتمانية، الوصول المحلي والدولي للسلع والخدمات، استخدام الإنترنت، اتصال المطار، ربط الشحن البحري، وتوافر رأس المال الاستثماري. وبالنسبة للمؤشرات الأقوى في مجال المواطن الممكَّن، فكانت الوصول إلى الهاتف الخليوي، محو أمية البالغين، المساواة في التعليم، متوسط السنوات الدراسية للإناث، معدل وفيات الأمهات، إشراف كوادر طبية مهرة على الولادة، واستخدام المدفوعات الرقمية.

وأوضح المنتدى بأن استخدام الناتج المحلي الإجمالي كمقياس أو مؤشر بديل للتنمية البشرية والرفاه يأتي بهدف التعبير عن الأداء الاقتصادي لأي دولة من خلال رقم منفرد كونه أصبح الأداة القياسية المعروفة لقياس حجم الاقتصادات ولاعتباره معيارًا ملائمًا لصانعي السياسات. إلا أن المؤشر هناك أوجه قصور في هذا المؤشر عندما يتعلق الأمر بقياس التقدم والثروة والرفاه بشكل فعال، نظراً لأن الناتج المحلي الإجمالي يتعامل مع جميع المنتجات بالتساوي بحيث لا يميّز بين إنتاج وآخر، ويتعامل مع المجاميع فقط بشكل لا يفسر توزيع الدخل وعدم المساواة، كما أنه لا يقيس المتغيرات المعيشية التي تشمل نوعية الحياة بشكل عام. 

شارك على الشبكات الإجتماعية !
مواضيع مشابهة