ووفق تقرير المرصد يعيش نحو مليون أردني تحـت خــط الفقــر، فيما يبلغ متوسـط دخـل الفـرد فـي الأردن حوالـي 68 دينـاراً شـهرياً.
كمــا بلغــت معــدالت الفقــر فــي الأردن 15.7% بحســب مـا أعلنتـه الحكومـة الأردنيـة عـام 2019، لترتفـع بنسـبة 38% بيــن المواطنيــن الأردنييــن، و18% بيــن اللاجئين الســوريين نتيجــة تفشــي فيــروس كورونــا المســتجد (كوفيــد19).
ويبلـغ الحـد الأدنـى للأجـور فـي الأردن 220 دينـارا ويعيــش حوالــي 300 ألــف أردنــي فــوق خــط الفقــر أو بالقــرب منــه، وفقــا لدراســة أعدهــا صنــدوق المعونــة الوطنيـة بالتعـاون مـع منظمـة الأمـم المتحـدة للطفولـة (يونيســف).
ونتيجــة لتفشــي فيــروس كورونــا المســتجد، كانــت العائلات التـي تعيـش تحـت خـط الفقـر الأكثـر تأثـرا حيث اضطــر العديــد مــن عمــال المياومــة إلــى التوقــف عــن العمــل لأســابيع وفقــد مصــادر دخلهــم المحــدود، الأمر الـذي دفـع أعـدادا كبيـرة مـن الأطفـال إلـى العمـل لتوفيـر احتياجــات أســرهم الأساســية.
وأشار التقرير إلى أن الســلطات الأردنيــة نجحــت فــي حــالات أخــرى مــن الحــد مــن آثــار الأزمــة، مــن خلال اعتمــاد إجــراءات اســتثنائية ألزمــت مــن خلالهــا الشــركات بالإبقــاء علــى عمالهـا، ووضعـت قيـوداً علـى تخفيـض الأجـور، وتوفيـر الســيولة والإعفــاءات للشــركات، كمــا اعتمــدت برنامجــاً وطنيــاً لحمايــة الأســر الفقيــرة التــي تأثــرت بالأزمــة.
وبين أنه مـع ذلـك، بقـي السـواد الأعظـم مـن العمـال ذوي الأوضـاع الأكثـر هشاشـة غير مشـمولين بتلـك الإجراءات.
وتوقــع البنــك الدولــي أن تــؤدي حــالات الإغــاق المحليــة نتيجــة فيـروس كورونــا المسـتجد، والتباطـؤ الاقتصـادي العالمـي، واضطرابـات التجـارة، وتعليـق السـفر الدولـي، وتراجــع تحويلات العامليــن فــي الخــارج، إلــى زيــادة معــدلات الفقــر فــي المــدى القصيــر 11 نقطــة مئويــة 11% فــي الأردن.
واستعرض المرصد الأورومتوسطي -ومقرّه جنيف-، في تقريره بعنوان “الأردن.. تراجع مضطرد في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية”، الظروف الصعبة التي طرأت على المملكة الأردنية الهاشمية في السنوات الأخيرة نتيجة لتراجع النشاط الاقتصادي، وتفاقم أزمة فيروس كورونا المستجد، وتراجع المساعدات المالية المقدمة للاجئين في المملكة، فضلاً عن شبهات انتشار الفساد والتهرب الضريبي، وزيادة أعباء الدين العام سواءً الداخلي أو الخارجي.
واستند التقرير -إلى جانب جهود البحث والتوثيق- إلى استبيانات استهدفت عينات عشوائية وعشرات المقابلات الميدانية التي أجراها الفريق الميداني للمرصد الأورومتوسطي في الأردن في الفترة من يونيو/حزيران 2020 وحتى نهاية أغسطس/آب 2021، وشملت مواطنين أعاقت الأوضاع الاقتصادية في البلاد على ممارستهم لحقوق أساسية، وحصل من خلالها على معلومات حول أسباب الأزمات ومدى تأثيرها على السكان من الناحية المعيشية، وكذلك سياسات الدولة في مواجهة هذه الأزمات.
ولفت التقرير إلى أنّه على الرغم من أن الأردن يعاني أزمات عدة؛ مثل إغلاق النقابات وأزمة المياه والقطاع الصحي والعنف المجتمعي، إلا أن تداعيات جائحة كورونا على النشاط الاقتصادي وصلت إلى حد التعطيل، ما كان له الأثر السلبي الأكبر على حياة الأردنيين، ففي عام 2020 وصل معدل انكماش الاقتصاد الأردني إلى 1.6%، وذلك بسبب اضطرابات التجارة، والانخفاض غير المسبوق في معدلات السياحة الدولية، وهو ما يعد أول انكماش لاقتصاد المملكة منذ ثلاثة عقود.
كما أبرز التقرير أنّه نتيجة لهذه الأزمات ارتفع معدل البطالة في البلاد ليصل إلى نحو 25% خلال العام الحالي، فيما قفزت نسبة البطالة بين الشباب (في الفئة العمرية 19-25 عاماً) من 40.6% في 2019 لتصل إلى مستوى مرتفع غير مسبوق بلغ 50% بنهاية الربع الأخير لعام 2020.
وأشار التقرير أيضًا إلى أزمة القطاع الصحي، إذ يعاني الأردن في غالبية مستشفياته الحكومية من نقص في الكوادر الطبية، الأمر الذي ترتب عليه تراجع في مستوى الخدمات الطبية المقدمة للمرضى، ما أدى إلى تكرار الحوادث التي وقعت في بعض المستشفيات والتي راح ضحيتها مواطنون أردنيون نتيجة نقص الخدمات المقدمة للمرضى، ولعل أبرز مثال على ذلك كان حادثة مستشفى السلط في مارس/آذار 2021، والتي راح ضحيتها سبعة مرضى من مصابي كورونا نتيجة نفاد مخزون الأكسجين.
وقال الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي “عمر العجلوني” إنّ الحكومة الأردنية ملزمة بموجب المادة (25) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بضمان حق كل فرد في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهية له ولأسرته، وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية.
وأوصى المرصد الأورومتوسطي السلطات الأردنية بضرورة وضع سياسة وطنية للتعامل بشكل فعّال مع هذه الأزمات، خاصةً تلك التي تتعلق بالفقر والبطالة والعنف المجتمعي الناجم عنها، كما حث السلطات على وقف الانتهاكات التي تحد من حرية العمل النقابي في جو مريح، سواء أكان ذلك للمؤسسات النقابية أو الناشطين في العمل النقابي.
وطالب المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي بدعوة السلطات الأردنية إلى الالتزام بتعهداتها الدولية فيما يتعلق باحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لمواطنيها، وتقديم الدعم لها من خلال المنظمات الدولية؛ مثل يونيسف وفاو ومنظمة العمل الدولية، عبر مشاريع تنموية للحد من الفقر والبطالة وعمالة الأطفال.
وتاليا نص التقرير: