شاركت وزير الثقافة هيفاء النجار ضمن جلسات مؤتمر المجتمع الأردني في مئة عام الذي عقد في الجامعة الأردنية الاثنين.

وقدمت الوزيرة النجار خلال المؤتمر ورقة بعنوان “التعليم في الأردن في مئة عام .. تاريخ مضيء ومستقبل واعد “، أشارت فيها إلى أن الأردن الحديث تأسس على مبادئ الوسطية والاعتدال والتنوير، والاستثمار في موارده البشرية، وإيمانه بالإنسان الأردني وارتقائه ضمن مشروع ثقافي تربوي قومي وإنساني يهيئه للحياة والمستقبل.

وقالت النجار إن العلاقة بين الثقافة والتعليم، هي علاقة عضوية متينة، تأسست عليها البنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تصوغ خطاب الدولة، ومن هنا تبرز أهمية العلاقة في كون التعليم مسؤولية جماعية واجتماعية، تشاركية بين مختلف القطاعات العامة والخاصة والمجتمع المدني، واجتماعية تغطي حاجات المرأة، الشباب، الأطفال، ذوي الاحتياجات الخاصة، وتتيح لهم تفجير مواهبهم.

وبينت النجار أن التركيز على تاريخ التعليم في الأردن خلال مئة عام هو مراجعة للينابيع والتحولات والآفاق المتاحة للفضاء الثقافي الذي يتغذى على القيم والمهارات والمفاهيم التي نبذرها في غرفة الصف وساحة المدرسة والمقررات اللامنهجية والأندية والمنتديات والمراكز الثقافية والشبابية التي تحتاج إلى مناهج متكاملة للارتقاء بالوعي وتعميق الانتماء وتمتين النسيج الوطني والاعتزاز بالإنجازات.
وأضاف النجار أن الأردن يسعى من خلال تلك المبادئ إلى بناء قدراته التنافسية وتعزيز قدرته على التفكير والتحليل الناقد، وبناء منظومته القيمية التربوية والثقافية المبنية على المواطنة والإنتاجية، بالإضافة إلى انفتاحه على العالم واحتفائه بالتعددية، عبر منظومة ثقافية تنويرية تنطوي على نظرة عقلانية في بعدها الأخلاقي والإنساني.

وزادت النجار أن الدولة الأردنية الفتية قامت على التعليم بوصفه الحاضنة والأرضية الخصبة للنهضة ولغرس القيم الثقافية للمجتمع، وقد تجسد في التشريعات المبكرة التي ركزت على التعليم، كما تجلت في مجلس الملك المؤسس الذي كان يمثل المدرسة الثقافية الأولى التي أسست لهوية الدولة في انحيازها للمستقبل وانفتاحها على الحداثة، ومراعاتها للأصالة من خلال مجالس الفكر والثقافة التي شارك فيها عدد من الشعراء وأصحاب الفكر واللغة والفقه والقانون.

وبينت أن نجاح التعليم في الأردن تأسس على القيم الثقافية العربية والإنسانية التنويرية التي تتصل بالتنوع والتعدد والمشاركة والتسامح والمساواة والحرية، وإيمان القيادة الهاشمية والرواد من أبناء الوطن بالطاقات الكامنة في بلد محدود الإمكانيات من خلال حسن إدارة الندرة التي تحولت إلى نمط ثقافي بالمعنى العام للثقافة، بما هي خصوصية العلاقة بين الإنسان والمكان. وكان التعليم هو المفتاح السحري لإطلاق للنهضة والتنمية الشاملة والمستدامة التي جعلت من الأردن أنموذجا متميزا استطاع أن يحافظ على استقراره واستمراره في منطقة ما تزال تعاني من التحديات والحروب التي كان آخرها جائة كورونا.

وأكدت النجار إن الحديث عن الثقافة، هو حديث عن فلسفة التعليم وأهدافه واتجاهاته ومناهجه وأساليبه ومستوياته وفاعليته وأثره الثقافي، فنحن حينما نتحدث عن الثقافة نتوقف عند مدخلات التعليم وعملياته ومخرجاته ودورها في توطين ثقافة الحوار وتقبل الآخر وتعزيز قيم النقد والتفكير الابتكاري، فالتعليم هو بالأساس مشروع ثقافي تنموي حضاري إنساني.

وقالت النجار إن الأردن أدرك منذ بداية تأسيسه أن التعليم بوصفه أساسا للمنظومة القيمية الثقافية هو البوصلة نحو المستقبل، وهو أهم وسائل التطور والنماء، وأحد أهم الأدوات نحو التغيير وتحقيق التنمية المستدامة والتطوير وتعزيز الهوية الوطنية.

وبينت أن التعليم من أهم القطاعات التي تستوجب إعادة النظر فيه دائماً لكي نكون قادرين على مواكبة التسارعات المطردة في مناحي الحياة المختلفة.

وأشار النجار إلى الخطط والبرامج والمشاريع التي أطلقتها وزارة الثقافة، ومنها مكتبة الأسرة، ومركز تدريب الفنون، والمهرجانات المسرحية، والعروض السينمائية، وتدوين التراث وتوثيقه التي تشكل منهاجا معرفيا موازيا للمنهاج التعليمي في مستوياته المدرسية والأكاديمية، ومساحة لخدمة المجتمع . ودور الوزارة في تنمية الإبداع ورعاية الموهوبين من خلال تخصيص الجوائز.

وقالت النجار إننا بأمس الحاجة اليوم أن نعيد التفكير في المفاهيم القديمة حول عملية التعلم، وأن نهتم بجانب المهارات ، وأن نحث الطلاب على البحث والسؤال والتفكير الناقد والابتكار، وأن نعمل على تطوير مناهجنا، وأن نعيد إحياء البُعد الاجتماعي والثقافي والإبداعي والروحاني للمدرسة لتصبح مكاناً لتنمية المجتمع وتطوير الإنسان ورفع مستوى عافيته.

وختمت النجار أننا اليوم ونحن نتجه نحو المستقبل علينا المجابهة وتعزيز ثقافة الحوار وإعادة النظر جذرياً في كثير من مفاهيمنا وأدوارنا وأفكارنا ورؤانا، لذا علينا أن نتعلم كيفية إضفاء الديمومة على ما صح من وسائلنا في العمل، ومراجعة ما لم يصح، وفي تصويب أخطائنا دون أن نخاف النقد الذاتي.