مرايا – سلط برنامج عين على القدس الذي عرضه التلفزيون الأردني، أمس الاثنين، الضوء على التقرير التلفزيوني الذي تناقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية حول مخطط مستوطنين متطرفين التنكر بزي إسلامي لأداء صلواتهم في المسجد الأقصى المبارك، إلى جانب تصاعد عنفهم تجاه المقدسيين.
وعرض البرنامج في تقريره الاسبوعي المصور في القدس مشاهد من تقرير تلفزيوني أعدته إحدى وسائل الإعلام الاسرائيلية يظهر فيه عدد من المستوطنين يتعلمون كيفية صلاة المسلمين وطريقة لبسهم ومحاولة الظهور بمظهرهم، بهدف اقتحام المسجد الأقصى المبارك متنكرين بمظهر ولباس المسلمين بهدف أداء صلوات تلمودية داخل المسجد بحرية.
وأثار التقرير حالة من الهلع والغضب بين المقدسيين فور انتشاره، بسبب الخوف مما تخطط له الجماعات المتطرفة لأولى القبلتين والغضب من أبعاد هذا المخطط الخطير. الصحفي المقدسي محمد عبد ربه، قال إن التقرير يحمل رسائل هؤلاء المتطرفين، موضحا أن انتشاره مؤشر واضح على انه تم التصريح والموافقة على ما جاء فيه من قبل الرقابة العسكرية والمؤسسة الامنية للاحتلال الاسرائيلي. وأوضح التقرير أن تلك الجماعات اليهودية المتطرفة المدعومة من اليمين العنصري الإسرائيلي لم تكتف بالمخطط، بل أنها قامت بأعمال عنف “غاية في الخطورة” في أحياء القدس العربية، كالقيام بتحطيم سيارات الفلسطينيين ومحاولة حرقها وتخريب ممتلكاتهم وسط غياب كامل لدور شرطة الاحتلال، كما وثق التقرير هذه الاعتداءات بمشاهد مصورة.
ثائر أبو سنينة، أحد المتضررين من اعتداءات المتطرفين اليهود، قال إن نحو أربعين متطرفاً ملثماً جاءوا من الحي اليهودي وقاموا بتكسير أكثر من خمس عشرة سيارة، مشيراً إلى أن شرطة الاحتلال لم تفعل شيئاً ولم تتخذ بحقهم أي إجراء، ولم يتم تعويض المتضررين. أما المقدسي رائد سيد أحمد، والذي تظهر عليه آثار الاعتداء، قال إن سبعة من المتطرفين قاموا برش الغاز عليه والاعتداء عليه بالمواسير وأداة “البومة”، ما أدى إلى تقطيبه في أكثر من مكان بوجهه. والتقى البرنامج الذي يقدمه الإعلامي جرير مرقة، عبر اتصال فيديو من القدس بالمحامي والناشط المقدسي ناصر عودة، الذي أكد أنه من المستحيل بث أي تقرير أو خبر من هذا النوع في القنوات الإسرائيلية دون الحصول على موافقة من الرقابة العسكرية الإسرائيلية، موضحا ان بث التقرير أمر مقصود تهدف سلطات الاحتلال من خلاله وبالتعاون مع الجمعيات الاستيطانية المنظمة جس نبض الشارع الفلسطيني والعربي والإسلامي.
وأضاف عودة أن ما يجري هو عبارة عن تحضير لخطوات قد تقوم بها الجماعات الاستيطانية داخل المسجد الأقصى المبارك والبلدة القديمة بالتنسيق مع شرطة الاحتلال واجهزته الأمنية المختلفة، مشيرا الى أن هذا التصعيد لن يكون الاخير، لأن الجماعات المتطرفة الاستيطانية تقوم مؤخراً بالتصعيد داخل أسوار مدينة القدس باستهداف المقدسات الإسلامية والمسيحية بالتنسيق مع الأذرع المختلفة للاحتلال. وأكد أن سلطات الاحتلال التي تسمح باعتداءات المتطرفين على المقدسيين، تقوم بالمقابل بالضغط على المقدسيين من خلال الإبعاد عن المسجد الأقصى والاعتقالات اليومية من مداخل المسجد وباحاته، لافتا الى ان الاعتداءات على الأحياء المقدسية القريبة من القرية القديمة كحي الشيخ جراح وبلدة سلوان والأحياء الملاصقة لها بدأت تأخذ وتيرة أكثر عنفاً وشراسة وتكراراً، حيث أنها أصبحت تحدث في الليل والنهار.
وأضاف “لم نتفاجأ بأن سلطات الاحتلال لم تقم بأي خطوة تجاه هذه الاعتداءات”، وعلى النقيض من ذلك، لو كان المشتبه به أو المعتدي فلسطينياً أو مقدسياً لهبت سلطات الاحتلال في لحظات، وقامت باعتقاله أو قتله كما حدث في أحيان كثيرة.
وأوضح عودة أن توجه حكومة الاحتلال وسياسات المؤسسات الرسمية الإسرائيلية الجديدة يذهب باتجاه التصعيد والتطرف، عازيا ذلك للسكوت الدولي عن هذه الاعتداءات التي تهدف إلى محو الهوية والإنسان الفلسطيني من خلال العديد من الوسائل كتهويد المناهج وهدم البيوت ومخططات البناء والضغط على اقتصاد الفلسطينيين.
ولفت الى أنه في عام 2019 سجلت مؤسسات الامم المتحدة نحو 360 اعتداء للمستوطنين داخل الضفة الغربية والقدس الشرقية، وتصاعد الرقم في العام 2020 ليصل إلى أكثر من 500 اعتداء وأكثر من 416 اعتداء في النصف الأول من العام الحالي، بحسب مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
وأضاف عودة أن المؤسسات الأممية والحقوقية المتواجدة في فلسطين لا تمتلك أي أدوات لتغير من الواقع الموجود على الأرض، ولكنها توثق وتوفر المعلومات الكافية من أجل التوجه إلى المؤسسات والمحاكم الدولية، مشيراً إلى أن القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة تفرض على سلطات الاحتلال توفير الحماية للمواطنين القابعين تحت الاحتلال، إلا ان حكومة الاحتلال “تضرب بهذه الاتفاقيات عرض الحائط”.
وعن الجانب القانوني، اوضح ان أحد التقارير الواردة عن إحدى المؤسسات الحقوقية بين انه خلال الفترة من عام 2005 وحتى 2020 قامت السلطات الإسرائيلية بإغلاق أكثر من 91 بالمئة من الشكاوى المقدمة من قبل المقدسيين ضد المستوطنين، اضافة الى أن نظام المحاكم الإسرائيلية يضع الكثير من العقبات أمام مقدمي الشكاوى من المقدسيين، بل يقوم باعتقالهم في بعض الحالات.(بترا)