مرايا – في تهم تصل عقوبتها إلى السجن حتى ثلاث سنوات، أوقفت السلطات اللبنانية نشأت منذر، المعروف إعلاميا بـ”مدعي النبوة”، حيث يخضع للتحقيق بعد إخبارين قضائيين مقدمين بحقه
والأربعاء، أفادت صحيفة “النهار” المحلية بتوقيف منذر في نظارة أمن الدولة في بيروت، بناء على إخبار مقدم من محاميين وقاض، أيده إخبار آخر من أمين دار الفتوى في لبنان، الشيخ أمين الكردي، بناء على توجيهات مفتي الجمهورية، الشيخ عبد اللطيف دريان
واشتهر منذر، الذي يعرف عن نفسه باسم “الحكيم نشأت مجد النور”، منذ يناير الماضي، وتعدت شهرته حدود لبنان لتصل إلى مصر وسوريا وغيرهما من الدول، فيما حفلت مواقع التواصل الاجتماعي بأخباره، وهي شهرة عززها تبني المنجمة اللبنانية الشهيرة كارمن شماس، له ولادعاءاته
ويواجه منذر تهم عدة، أبرزها ادعاء النبوة وتهديده مجموعة من الإعلاميين، والإساءة إلى “دولة صديقة”، وهي مصر، بحسب الصحيفة
وبحسب الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية، تقدم أمين دار الفتوى الشيخ أمين الكردي، بناء على توجيهات مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، ببلاغ للنيابة العامة ضد نشأت بعد ادعائه النبوة وأنه “رسول مرسل من السماء برسالة سماوية”، وذلك بالاستناد إلى الأحكام القانونية المتعلقة بقانون العقوبات
وسبق خطوة دار الإفتاء، إخبار تقدم كل من القاضي الشرعي، وائل شبارو، والمحاميين، محمد زياد جعفيل ونور الدين بعلبكي، ببلاغ ثان ضد مدعي النبوة الذي “يحمل لقب الرسول نشأت مجد النور عليه السلام”، وشماس من أجل التحقيق معهما بغية إحالتهما أمام القضاء الجزائي المختص بـ”الجرائم الماسة بالدين وإثارة الفتن وانتحال صفة، وذلك سندا للمواد 317 و473 و474 و391 من قانون العقوبات”
من جهتها، توضح المحامية ديالا شحادة، في تصريحات لموقع “الحرة”، أن “قانون العقوبات اللبناني يتناول في الباب السادس منه، الجرائم التي تمس الدين والعائلة”
واعتبرت شحادة أن “ما تفوه به منذر لا ينطبق على نص المادتين و473 و474 المعتمدتين في الإخبارين المقدمين، حيث أنه لم يعمد إلى جدف اسم الله، حيث عرف عن نفسه بأنه نبي مرسل، وثانيا كونه لم يقوم بتحقير الشعائر الدينية الأخرى”
وتنص المادة 473 من قانون العقوبات على أن “من جدف على اسم الله علانية عُوقب بالحبس من شهر إلى سنة”
والمادة 474 تشدد على أن “من أقدم (..) على تحقير الشعائر الدينية التي تُمارس علانية أو حث على الازدراء بإحدى تلك الشعائر عُوقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات”
وفي الكثير من مقاطع الفيديو التي نشرها منذر، عبر صفحته في يوتيوب، تناول مواضيع عدة منها “متحور أوميكرون من فيروس كورونا، تربية الأولاد ودور الأهل، الترفع إلى أعلى السماوات والكواكب”، وغيرها
وفي حلقات عدة، قال منذر إنه يجيب على أسئلة المشاهدين، داعيا إلى ممارسة التأمل وتناول حميات غذائية معينة. ولكنه نشر على صفحته في فيسبوك، صورا قال إنها لآيات “نزلت عليه” في خلوته، على حد تعبيره، وكان تصميمها وصياغتها مشابه للآيات الواردة في القرآن، وهي التي استشهد بها في الإخباريين المقدمين، بحسب المحامي جعفيل
منشور على صفحة منذر في فيسبوك
وشددت شحادة على أن “توقيف منذر غير قانوني ولا يمكن معاقبته إلا إذا كان يهدف من خلال تصريحاته الحصول على منفعة شخصية أو مادية”، مؤكدة أنه “لم يعمد إلى قدح أو تحقير الأديان الأخرى”
في المقابل، يشدد المحامي جعفيل، أحد مقدمي الإخبار، في تصريحات لموقع “الحرة”، على موقفه، ويقول إن “نشأت تعرض للدين الاسلامي وكافة مقدساته من خلال المس بالذات الإلهية والنبي، وتحريف وتشويه آيات القرآن الكريم، وذلك بالاشتراك مع المنجمة شماس التي تولت دعمه وتشجيعه وتحريضه والترويج لأفكاره عبر صفحاتها”
ولم يكن منذر معروفا بين اللبنانيين، إلى أن ظهر في مقطع مصور مشترك مع شماس على صفحتها الرسمية على “يوتيوب”، ما ساهم في انتشار ادعاءاته حيث تتمتع شماس، وهي منجمة لها العديد من الكتب حول قراءة الأبراج، بشهرة كبيرة ويتابعها عشرات آلاف الأشخاص عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي منذ نحو عقدين من الزمن
وفي مقطع مصور منشور على صفحتها الرسمية على فيسبوك، تتحدث شماس عن نشأت وهو إلى جانبها حاملا عصا معدنية ورسوما غير مفهومة على جبهته، غالقا عينيه، وتقول “لو كنتم ترون، لرأيتم وهج النور فوق لبنان منذ أسبوعين ولشعرتم بقوة النور الإلهي، ولو تأملتم قليلا لعرفتم الآن أكثر أمانا تحت جناح النور الساطع، هنيئا لنا ولجميع العرب والعالم أجمع برسول مرسل بعد 1500 عام”
ولكن شحادة تتمسك بأن “لمنذر الحق بالتعبير عن آرائه، التي قد يعتبرها البعض مجنونة أو غير منطقية، ولكن لا يمكن اعتبارها فعل يجرم عليه القانون”، والأمر نفسه ينطبق على شماس
ويخالفها جعفيل الرأي، قائلا إن أفعال منذر “تنطبق عليها عدة مواد قانونية تجرم أفعاله، وقد جرى توقيفه بعد ملاحقة له استمرت ما يقارب اسبوعي، نتيجة هروبه وتواريه عن الأنظار، وهو قيد التحقيق، تمهيدا لاحالته الى القضاء المختص”
وأشار إلى نص المادة 317 من قانون العقوبات بما حرفيته: “كل عمل وكل كتابة وكل خطاب يقصد منها أو ينتج عنها إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحض على النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة يعاقب عليه بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات (..)”
وهنا يرى جعفيل أن “حرية المعتقد مصانة بالدستور اللبناني، بشرط التقيد بالقوانين المرعية الاجراء، وهذه الحرية تقف عند حرية احترام الآخر”، على حد قوله
وتابع: “ما تم فعلا يشكل خرقا للقوانين، لا سيما أنه تعرض للمقدسات، وكافة أفعاله تعرض المجتمع للفتنة، وتسيء إلى مختلف الديانات، عدا إساءاته التي طالت دولة شقيقة وصديقة، وما تضمنت تصريحاته من تهديدات طالت شخصيات عامة وإعلاميين”
واتهم “مدعي النبوة” المصريين بأنهم “حاربوا النبيين موسى ويوسف وغيرهما”، قائلا إن “120 مليون مصري لا يوجد بينهم مستنير واحد، وهناك 30 مليون مشعوذ مصري”، متوعدا إياهم بزلزال قريبا
ومنذر ليس أول من أدى نبوة، حيث سبق وأقدم أشخاص آخرين على أفعال مماثلة، كان مصيرهم السجن في دول عربية عدة
والأسبوع الماضي، ذكرت السلطات السعودية أنها ألقت القبض على شخص ظهر في مقطع فيديو مدعيا النبوة، على ما أفاد حساب الأمن العام السعودي التابع لوزارة الداخلية، في تويتر
وقالت شرطة الرياض إنها ألقت القبض على مواطن “بحالة غير طبيعية ظهر في مقطع فيديو مدعيا النبوة وتضمن ألفاظا نابية”، علاوة على ذلك صدم مركبات في طريق عام وهدد المارة بسلاح أبيض
وأفادت الشرطة أنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق هذا الشخص وتحويله على النيابة العامة. ولم تعطِ السلطات السعودية أي تفاصيل أخرى
وفي الانتخابات التشريعية العراقية عام 2018، ظهر رجل يدعي النبوة في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار، ورشح نفسه للانتخابات البرلمانية، واعتقلته الشرطة بعد توزيعه منشورات دعائية يدعي فيها النبوة وأنه مكلف للترشح للانتخابات العراقية من قبل الوحي على حد زعمه، بحسب شبكة “رووداو”
وفي مصر، كان الإعدام مصير شخص أدعى النبوة وقتل والديه، حيث قضت محكمة جنايات الجيزة في يوليو 2020 بإعدام متهم بقتل والده، بعدما ادعى أنه رسول ويدعو لدين جديد، وفقا لصحيفة “اليوم السابع”
وفي العام نفسه، ألقت الشرطة المصرية القبض على منال مناع بعد اتهامها بادعاء النبوة والترويج لأفكار ومعتقدات تخالف الدين الإسلامي، وتقرر سجنها 5 سنوات مع الشغل والنفاذ بتهمتي ادعاء النبوة وازدراء الأديان
ولكن في تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” يتبين أن هناك عددا كبيرا من الأشخاص الذين ادعوا النبوة ولكن لم يواجهوا مصير نظرائهم في بعض الدول العربية
وهناك موقع إلكتروني باسم “Elijah List”، يضم 240.000 مشترك، ينشر مجموعة من التنبؤات النبوية كأخبار
و”It s Supernatural!”، هو برنامج حواري استضافه الداعية التلفزيوني، سيد روث، للترويج لما وراء الطبيعة فيما يتعلق بالمسيحية، ويُبث البرنامج على نطاق واسع في الولايات المتحدة على شبكات التلفزيون المسيحية وشبكات دولية مختلفة، علما أنه يعرض “مسيرة للأنبياء”، بحسب التقرير
وجينيفر إيفاز، هي أميركية من كاليفورنيا، أطلقت على نفسها اسم “النبي المصلي” ، زاعمة أنها تستطيع سماع صوت الله بطريقة يمكنها “إثبات ذلك”، وشاركت في موقع “Elijah List” داعية للصلاة على طريقتها
وخلال الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة التي فاز بها جو بايدن لرئاسة البلاد، ظهر شخص يدعى إرميا جونسون، ويعرف عن نفسه بأنه نبي وهو أحد المسيحيين الإنجيليين، الذي توقع بفوز الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، ولكنه ظهر بعد ذلك واعتذر بأن النتائج خذلته
وبالنسبة لجعفيل، فإن لكل “دولة قوانين تطبيق على أراضيها بما يتناسب مع أمن مجتمعها وسلامته، وكل ما يزعزع الثقة ويتعرض للأمن المجتمعي، ويشكل ظاهرة مؤذية وشاذة، هو بالتأكيد لا يندرج ضمن الحريات المصانة”
وكذلك تؤيد شحادة بأن “التعاطي مع الجريمة يكون وفقا لقانون الدولة”، مشيرة إلى أن “تفسير بعض النصوص القانونية التي تجرم الأفعال الواقعة على الدين والعائلة (وهي مذكورة في غالبية القوانين العربية) قد تؤدي للسجن في هذا النوع من القضايا المتشابهة”