مرايا – يتواصل الحشد العسكري الروسي في محيط العاصمة الأوكرانية كييف، فيما تدوي صافرات الإنذار وأصوات الانفجارات وسط توقعات بخطوات روسية متسارعة للسيطرة عليها من أجل نيل دفعة معنوية في الحرب، بينما تجرى ترتيبات دولية وداخلية لتحضير بدائل لمقر الحكم.

ورجح محللون أن تكون مدينة لفيف غربي أوكرانيا القريبة من الحدود البولندية عاصمة بديلة حال سقوط كييف، وبالفعل أصبحت موطنا مؤقتا للعديد من المؤسسات الإعلامية والسفارات الغربية، التي اضطرت إلى الانتقال من كييف مع بداية العملية العسكرية الروسية.

وقبل أيام، وصلت آليات مدرعة روسية إلى الأطراف الشمالية الشرقية لكييف، حيث تتعرض الضواحي بما في ذلك إيربين وبوتشا لقصف مكثف، ويتحدث جنود أوكرانيون عن معارك طاحنة للسيطرة على الطريق السريع الرئيسي المؤدي إلى العاصمة.

والثلاثاء، قالت وزارة الدفاع الأوكرانية إن قواتها أجبرت القوات الروسية على الخروج من ضاحية مكاريف في كييف عقب معركة شرسة، مما أتاح للقوات الأوكرانية استعادة السيطرة على طريق سريع رئيسي، ومنع القوات الروسية من محاصرة العاصمة من الجهة الشمالية الغربية.

لكن وزارة الدفاع قالت إن القوات الروسية، التي تقاتل في اتجاه كييف، استطاعت الاستيلاء جزئيا على ضواح أخرى شمال غربي البلاد، مثل بوتشا وهوستوميل وإيربين.

العاصمة البديلة

وقال المحلل السياسي الإيطالي دانييلي روفينيتي، إنه “إذا سقطت كييف سيكون من الضروري أيضا فهم ما سيحدث. هل سيتم القبض على (الرئيس الأوكراني فولوديمير) زيلينسكي؟ هل يهرب ويستمر في حكم جزء مِن البلاد لمواصلة المقاومة منه؟ هل سيكون هناك استسلام؟”.

وأضاف روفينيتي، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه “من الممكن أن تكون لفيف بديلا لكييف، لكن هناك العديد من المتغيرات، يبدو أن القيام بهذا النوع من التنبؤ أمر محفوف بالمخاطر. من المؤكد أن لفيف تملك مميزات وخصائص مهمة لتكون العاصمة البديلة، مثل قربها من الحدود البولندية وبعدها عن الحدود الروسية، وسهولة الوصول إليها من الخدمات اللوجستية للمساعدة”.

لكن في المقابل، أشار المتحدث إلى أن لفيف “لن تكون بعيدة عن صواريخ روسيا، فمؤخرا كان هناك الكثير من الاهتمام حول استخدام الصواريخ فوق صوتية مثل كينجال، وقد نجحت روسيا في دعايتها. إنه متغير يتم إطلاقه من الجو ويستخدم الطائرة لمدى أكبر وسرعة أولية. سيكون لضرب لفيف بهذا النوع من الصواريخ أهمية مهمة في سرد (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتن للحرب والصراع مع الغرب”.

مدينة الأسود النائمة

عبر التاريخ، أطلقت على لفيف عدة ألقاب، من بينها “مدينة الأسود”، و”مدينة الأسود النائمة”، و”المدينة الملكية”، و”لؤلؤة تاج أوروبا”، و”متحف المدينة”، و”عاصمة غاليسيا”، و”باريس الصغيرة”، و”فيينا الصغيرة”، و”بيدمونت الأوكرانية”، و”باندرشتات”.

وتشتهر لفيف بأنها “عاصمة الشطرنج”، وكان الاتحاد السوفيتي الذي ضم أوكرانيا حتى انهياره عام 1991، يدعم بشكل كبير ممارسة اللعبة لأن سيطرته على بطولاتها كانت بمثابة تعبير عن تفوقه الاستراتيجي.

وتقع المدينة على بعد نحو 70 كيلومترا من الحدود البولندية، أي على أعتاب الناتو، ومن ثم أي هجوم هنا يمكن أن تكون له تداعيات دولية، وتعمل المنطقة الأكبر كطريق حاسم لتزويد الجيش الأوكراني بالأسلحة، وجهود مقاومة أوسع أحبطت خطط موسكو لتحقيق انتصار خاطف.

ومؤخرا، باتت لفيف نقطة انطلاق للنازحين الأوكرانيين، حيث تستضيف أكثر من 200 ألف نازح داخلي في مدينة يزيد عدد سكانها على 700 ألف نسمة.

ويعد مركز لفيف التاريخي أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو، والمتحف الوطني يضم المجموعة الأكثر اكتمالا من فنون العصور الوسطى المقدسة، والمخطوطات الدينية النادرة في البلاد.