مرايا – تحمل زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني الى رام الله للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس أهمية بالغة، حيث وصفت بـ «الاستثنائية»، وتوجهت عيون الساسة والمراقبين الى هذا الحدث الذي يعني الكثير تبعا لما يمر به العالم من احداث وانطلاقا من المشاورات التي من شأنها ان تفضي الى انعاش عملية السلام وتحريك مياه المفاوضات التي اصابها الجمود منذ سنوات.
وتأتي هذه الزيارة بعد اجتماع القمة الذي احتضنته مدينة العقبة يوم الجمعة الماضي وبعد اللقاءات المكوكية لمساعد وزير الخارجية الأمريكي هادي عمرو، الذي زار المنطقة داعياً إلى « تحسين جودة الحياة للفلسطينيين، وعدم تقويض الجهود المبذولة للدفع نحو حل الدولتين المتفاوض عليه».
وقبل ذلك بنحو أسبوع، التقى جلالة الملك عبدالله الثاني وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد في قصر الحسينية، حيث جدد جلالته التأكيد على ضرورة عدم المساس بالوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس، والحفاظ على التهدئة الشاملة، ووقف كل الإجراءات أحادية الجانب التي تقوض حل الدولتين، وشدد جلالته على أن تحقيق السلام العادل على أساس حل الدولتين أساسي لتدعيم التعاون الإقليمي.
جلالة الملك زار دولة فلسطين أول مرة عام 2000، وآخرها في تموز 2017، في حين التقى جلالة الملك الرئيس عباس في 15 آب 2021 في آخر لقاء بينهما في عمّان؛ جدد جلالته خلاله التأكيد على موقف الأردن الداعم والمساند لحقوق الفلسطينيين العادلة والمشروعة.
المومني
وزير الاعلام الاسبق، عضو مجلس الاعيان د. محمد المومني في تصريحات لـ»الدستور» اكد أنّ الزيارة تأتي ضمن السياسية الاردنية الراسخة والمستمرة لدعم الشعب الفلسطيني والقيادة، فالاردن صاحب مصلحة استراتيجية عليا لقيام الدولة الفلسطينية على اساس حل الدولتين وبالتالي فإن دعم القيادة الفلسطينية ينطلق من هذه الرؤيا، علاوة على ان الزيارة تتضمن التأكيد على احياء عملية السلام والجهود الكفيلة لتعزيز مشروع حل الدولتين وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.
واردف قائلا « بالتأكيد فإن كافة الاطراف معنية بتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني وضمان حرية العبادة لهم في شهر رمضان وكلما كان هنالك ترسيخ للأمن والاستقرار كلما تهيأت الأرضية من اجل احياء عملية السلام وايجاد افق لحل النزاع».
وختم المومني بالقول انّ الأردن يمثل رئة الشعب الفلسطيني، والأردن دوما مشتبك بشكل مستمر مع القضية الفلسطينية ضمن اسس العدالة والقانون الدولي والدعم الانساني والقومي.
الشرفات
من جهته اشار عضو مجلس الاعيان د. طلال الشرفات الى انّ الزيارة تأتي في اطار التنسيق المستمر على كافة القضايا المتعلقة بالظرف الفلسطيني والوضع في اراضي الضفة وغزة، علاوة على دعم الاشقاء الفلسطينيين وترسيخ صمودهم، فالموقف الاردني من القضية الفلسطينية هو موقف راسخ ينطلق من خيار السلام كخيار استراتيجي يستند الى قرارات الشرعية الدولية من اجل الوصول لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
وبين الشرفات انّ القضايا المشتركة التي سيتم بحثها ستأخذ بعين الاعتبار تنسيق المواقف في ظل الاوضاع الدولية المعقدة في منطقة الشرق الاوسط وما يرافق ذلك من احداث عالمية، اضافة الى ان هذه الزيارة هي ترسيخ لمفهوم الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية.
خزاعلة
أما عضو مجلس النواب الاسبق رائد خزاعلة فأشار الى توقيت الزيارة وانها جاءت بعد حالة من الزخم الدبلوماسي الملحوظ ، ومن المتوقع ان تركز على ترتيبات لصالح إعادة تحريك مياه المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبالطبع فإن كل الاطروحات ستأخذ بعين الاعتبار حق الشعب الفلسطيني في اقامة دولتهم، فالسبيل لتحقيق السلام العادل والدائم هو حل الدولتين الذي يجسد قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وفق القانون الدولي حيث عاصمتها القدس الشرقية.
واضاف الخزاعلة : هنالك حبل اتصال وتواصل مستمر بين الاردن وفلسطين على كافة المستويات مما يتيح التشاور والتنسيق في القضايا المختلفة، فجلالة الملك لطالما حرص كل الحرص ان يبذل كل الجهود لدعم الشعب الفلسطيني وان يؤكد في المحافل العربية والدولية مواقف الأردن الثابتة والداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني العادلة والمشروعة، خاصة حقه في تقرير مصيره ويشدد على اهمية الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، فالقضية الفلسطينية هي القضية الاولى المركزية وموقف الاردن ثابت وراسخ اتجاهها.
وهنالك مؤشرات ومخاوف تشير الى ان المشهد الفلسطيني في شهر رمضان سيكون معقدا خاصة انه يتزامن مع موعد أعياد الفصح اليهودية، ومخططات المتطرفين اليهود من تنظيم انتهاكات واسعة بأعداد كبيرة للمسجد الأقصى، خاصة بعد عمليتي بئر السبع والخضيرة مما يرجح من التصعيد.
الشلبي
استاذ العلوم السياسية د. جمال الشلبي اوضح انّ الزيارة تحمل العديد من الملفات المهمة والحساسة التي تركز على تحقيق مجموعة من المسائل، وتأتي أهمية هذه الزيارة في انها جاءت بعد جهد دبلوماسي مكثف على الساحة الإقليمية متعلق، بشكل أو بآخر، بالقضية الفلسطينية وعملية السلام بين العرب وإسرائيل، علاوة على محاولة كبح اي صدام قد يحدث في الاراضي الفلسطينية في شهر رمضان وخاصة انه يتزامن مع عيد الفصح اليهودي.
وأكد الشلبي في انّ « الملف الأهم هو إعادة انعاش المفاوضات المتوقفة بين الفلسطينيين والاسرائليين من خلال رسم تصورات محددة من شأنها ان تفضي الى سلام شامل وكامل بين دول المنطقة، فالأردن معني بشكل اساسي بالتهدئة وإعادة التفاوض من خلال ايجاد حل دائم وشامل للقضية الفلسطينية وخاصة ان هنالك عوامل ظهرت على السطح ستساهم في كسر الجمود، من بينها قرب التوصل الى حل سلمي في الملف النووي الايراني.
ماجدة ابو طير
الدستور