عمان- يحيي الفلسطينيون اليوم الذكرى السادسة والأربعين “ليوم الأرض”، بالاحتشاد في المسجد الأقصى المبارك لحمايته والدفاع عنها، وتنظيم فعاليات شعبية زخمة لتأكيد التمسك بأراضيهم وديارهم ضد عدوان الاحتلال الإسرائيلي واعتداءات المستوطنين المتطرفين الذين يخططون لمسيرة ضخمة في منتصف شهر رمضان الفضيل، مما يُنذر بأجواء التوتر والتصعيد في مدينة القدس، وبقية أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ففي مثل هذا اليوم قبل 46 عاما، تأجج الرفض الفلسطيني الاحتلال ليوحد المدن والقرى الفلسطينية، وليعلن الشعب المقاوم إضرابا شاملا لدحر النهج العنصري في مصادرة الأرض وتهويدها، لتنبعث من الجليل الفلسطيني شرارة يوم الأرض رفضا للغريب المحتل.
لكن الرد الاسرائيلي كان دمويًا لا يتناسب مع حركة شعب سلمية تناشد العالم لوقف تسريب أرضه للإسرائيليين، فأعملت قوات الاحتلال قتلاً وإرهاباً بالفلسطينيين، واقتحمت مدعومة بالدبابات والمجنزرات، القرى والبلدات العربية الفلسطينية، وشرعت بإطلاق النار عشوائياً، ليرتقي ستة شهداء، ويصاب العشرات بجراح، إضافة الى اعتقال ما لا يقل عن 300 فلسطيني.
ويتقاطر الفلسطينيون في عموم فلسطين المحتلة كل عام لتنظيم المسيرات والتظاهرات والأنشطة الزاخرة لإحياء الذكرى المُصادفة للثلاثين من آذار (مارس) لعام 1976، وذلك في ظل توصية معهد الأمن القومي الإسرائيلي لحكومة الاحتلال باتخاذ اجراءات لتهدئة الأوضاع خلال شهر رمضان.
وقال مدير عام دائرة الشؤون الفلسطينية المهندس رفيق عبدالرحيم خرفان، إن اللاجئين الفلسطينيين يتمتعون في الأردن بالمواطنة الأردنية الكاملة باستثناء نحو 160 ألف لاجئ من قطاع غزة كانوا يتبعون للإدارة المصرية حتى العام 1967، ويوجد في الأردن عشرة مخيمات رسمية وثلاثة غير رسمية، وجميعها كانت وما تزال محط اهتمام جلالة الملك عبدالله الثاني لتحسين مستوى معيشة سكانها، بحسب خرفان.
وفي هذا الصدد أكد خرفان على أن الأردن بقيادته الهاشمية الحكيمة، يعتبر القضية الفلسطينية وفي مقدمتها القدس المحتلة قضية أردنية ذات بعد وطني وقومي وإنساني، ومرتبطة بمصالح وطنية أردنية ومنسجمة بشكل كامل مع المصالح الفلسطينية وآمال وتطلعات الشعب الفلسطيني بالعدالة والحرية وتقرير المصير.
وأضاف، إن الحكومة الأردنية تقدم دعما ماليا يوزع على جميع المخيمات، وفقا لمساحة المخيم وعدد القاطنين، بما قيمته مليون ونصف مليون دينار سنويا، كما يوزع 100 الف دينار سنويا على الأندية الشبابية في المخيمات، إضافة إلى تنفيذ العديد من المشاريع فيها.
وأوضح أن المشاريع تقسم الى: مشاريع لجان خدمات المخيمات، وأخرى يتم دعمها من قبل المنظمات الدولية وثالثة تنفذها الدائرة، فضلا عن مشاريع المبادرات الملكية التي تنوعت لتشمل القطاعات في المخيمات كافة، والتي كان لها النصيب والأثر الأكبر لرفع المستوى المعيشي لأبناء المخيمات، إذ أولى جلالة الملك تلك القطاعات اهتماما كبيرا.
وتأتي “معركة الأرض” على وقع السياسة الإسرائيلية التي تسببت في نهب أكثر من 60 % من مساحة الضفة الغربية، مقابل احتكام الفلسطينيين على أرض أقل بنسبة 15 % منها، بما يبدد حلمهم بإقامة دولتهم المنشودة.
وأدت سياسة التهويد الإسرائيلية إلى تهجير زهاء 14500 مواطن مقدسي قسراً من مدينتهم، تمهيداً لسيطرة ما يزيد على 700 ألف مستوطن ضمن الأراضي الفلسطينية المسلوبة، بعدما باتت المساحة الخارجة عن يد الاحتلال “مفككة” بالطرق الاستيطانية الالتفافية والحواجز العسكرية والمستوطنات المترامية ضمن 503 مستوطنات، منها 29 مستوطنة في مدينة القدس المحتلة، بحسب تقرير للأمم المتحدة.
جاء ذلك بالتزامن مع دعوة القوى والفصائل الفلسطينية إلى الحشد الواسع في المسجد الأقصى المبارك، لإحياء صلاة فجر بعد غد الجمعة، تحت شعار “فجر سيف القدس”، وتكثيف الحضور والرباط في المسجد خلال أيام شهر رمضان.
وشددت على أهمية التفاعل مع حملة “الفجر العظيم”، المتواصلة منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، لتأكيد تمسك الفلسطينيين بحقهم في المسجد وإفشال مخططات الاحتلال التهويدية وأطماع المستوطنين.
ودعت حركة “حماس” جماهير الشعب الفلسطيني إلى الاحتشاد والمشاركة الفاعلة في مسيرات جماهيرية حاشدة، في كل الميادين والساحات، بكل قوة، لإحياء يوم الأرض، انتصارًا للحقوق الوطنية، ودفاعاً عن الأرض والمقدسات المحتلة.
وقالت “حماس” إن المشاركة الفاعلة تعزز ثبات وصمود الفلسطينيين في عموم الأراضي المحتلة، مثلما تساند المرابطين في القدس والمسجد الأقصى المبارك، وتؤكد المضي في طريق الصمود والمقاومة حتى تحرير الأرض وحق العودة.
كما دعت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في فلسطين المحتلة العام 1948 إلى أوسع مشاركة في المسيرة والمهرجان المركزي لإحياء ذكرى “يوم الأرض”.
كما تأتي الدعوة الفلسطينية لصد مخطط جماعات استيطانية متطرفة لتنظيم مسيرة “ضخمة”، في التاسع عشر من شهر نيسان (إبريل) المقبل، أي في منتصف شهر رمضان الذي يحل بعد أيام، باتجاه بؤرة “حومش” الاستيطانية القريبة من قرية برقة، شمالي مدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة، وذلك لإحياء ما يسمى “عيد الفصح” اليهودي.
وبحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية؛ فإن تنظيم المسيرة يتم بالرغم من مخاوف المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إزاء حدوث مواجهات بين المستوطنين والفلسطينيين.
وقد اقتحم عشرات المستوطنين المتطرفين أمس باحات المسجد الأقصى المبارك، من جهة “باب المغاربة”، بحراسة مشددة من قبل شرطة الاحتلال الإسرائيلي، وفق دائرة الأوقاف الإسلامية في مدينة القدس المحتلة.
وأفادت بأن “المقتحمين نفذوا جولات استفزازية وأدوا طقوساً تلمودية في المنطقة الشرقية من المسجد الأقصى”.
في حين طال عدوان الاحتلال مختلف أنحاء الضفة الغربية، عبر شن حملة اعتقالات ومداهمات واسعة، في ظل تصدي الشبان الفلسطينيين لانتهاكاتهم المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني.
في غضون ذلك؛ أصدر معهد الأمن القومي الإسرائيلي سلسلة توصيات موجهة للقيادة الإسرائيلية لمنع التصعيد خلال شهر رمضان.
وأكد المعهد، وفق المواقع الإسرائيلية، ضرورة قيام الحكومة الإسرائيلية، في ظل الأوضاع الأمنية الحساسة والمتوترة، بالعمل على منع التصعيد عبر خطوات مسبقة وحتى تساعد على التخفيف من أي توتر قد يؤدي للتصعيد والمواجهة.
ودعا إلى تعزيز انتشار عناصر قوات الاحتلال في القدس ومدن الضفة الغربية، وتجنب الاحتكاكات غير الضرورية في القدس، بخاصة في المسجد الأقصى، والفصل بين ساحات العمل المختلفة – القدس، وقطاع غزة، والضفة الغربية والمدن الفلسطينية في الأراضي المحتلة 1948، فإنجاز حماس الأساسي في المعركة الأخيرة كان الربط بين الساحات، وهذا هو اتجاه الجهد الأساسي للتنظيم اليوم.
ونوه إلى ضرورة التنسيق مع الأردن والسلطة الفلسطينية لوضع قواعد لتنظيم حركة المصلين من الضفة الغربية إلى القدس وسلوكهم في المسجد الأقصى، وتقييد اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى خلال شهر رمضان، ومنع ظهور الشخصيات “المتطرفة” والتي من شأنها إثارة الاستفزازات.
ولفت إلى أهمية منع تكوين عصابات المستوطنين التي تهدف إلى حماية اليهود في المدن المختلطة، بدعوى أن قوات الجيش الإسرائيلي لا توفر ظروف حماية مناسبة لهم، إلى جانب منع التصعيد في قطاع غزة.
وقد تزامن ذلك مع تعالي الأصوات داخل المؤسسة العسكرية الاسرائيلية بشن عملية “السور الواقي 2” في فلسطين المحتلة العام 1948 وصولاً إلى الضفة الغربية، لاحتواء اندلاع مواجهات محتملة خلال الفترة المقبلة.
ويقدر قادة الأمن في الكيان الإسرائيلي بالحاجة إلى تعزيزات بالاف ضباط الشرطة وجنود الاحتياط، تحسباً من مواجهات ستدور في عموم الأراضي الفلسطينية.
من جانبه، قال وزير شؤون القدس، فادي الهدمي، إن “سلطات الاحتلال، مع المستوطنين، تصعد من انتهاكاتها في مدينة القدس المحتلة، عشية حلول شهر رمضان المبارك، لاسيما بعدما أعلنت عن السماح للمستوطنين الإسرائيليين باقتحام المسجد الأقصى خلاله.
ودعا إلى تحرك المجتمع الدولي لوقف عدوان الاحتلال ولجم جماعات المستوطنين وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، وصولاً لانهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس المحتلة.
بدورها؛ قالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية إن التصعيد الإسرائيلي الحاصل في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس، دليل واضح على زيف الدعوات الإسرائيلية للتهدئة، كما أنه تخريب متعمد لأية جهود إقليمية ودولية لتحقيق التهدئة وبناء الثقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
فيما قالت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إن “السبيل لحماية الأرض الفلسطينية ونيل الحقوق الوطنية يتمثل في إنهاء الانقسام المدمر واستعادة الوحدة الوطنية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية”.
ودعت إلى التحلل النهائي من اتفاق أوسلو ووقف التنسيق الأمني مع الاحتلال والعمل ببروتوكول باريس وتعليق الاعتراف بالكيان الإسرائيلي، وتشكيل القيادة الوطنية الموحدة، نحو انتفاضة شاملة تقود إلى العصيان الوطني الشامل ضد الاحتلال.-(بترا)