مرايا – عقد منتدى الفكر العربي، يوم الأربعاء 30/3/2022 لقاءً حوارياً عبر تقنية الاتصال المرئي، حاضرت فيه أستاذة النقد الحديث في جامعة الشرق الأوسط والكاتبة د.جمانة السالم حول “تمكين المرأة والشباب في الأردن … أفكار ورؤى”، وشارك بالمداخلات في هذا اللقاء الذي أداره الوزير الأسبق والأمين العام للمنتدى د.محمد أبو حمَّور، رئيس مجلس أمناء جامعة الشرق الأوسط، وعضو لجنة تمكين الشباب الأسبق في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية د.يعقوب ناصر الدين، وأستاذ العلوم السياسية والبرلماني الأسبق وعميد شؤون الطلبة والعميد الأسبق في كلية الأمير حسين للدراسات الدولية بالجامعة الأردنية د.محمد القطاطشة، وأستاذة العلوم السياسية في جامعة الشرق الأوسط والناشطة في المجالات المتعلقة بالمرأة والشباب د.سحر الطراونة، والمسؤولة عن ملحق الشباب في صحيفة “الرأي” د.أماني الشوبكي.
أوضحت المُحاضِرة د.جمانة السالم أن المرأة تحظى بصور أساسية من التمكين تحت مظلة التشريع الديني، فقد مُنحت حق التعبير عن الرأي، وحظيت باحترام رأيها والعمل بمشورتها، وقدرت تقديراً عميقاً يليق بدورها في تربية الأجيال وصناعة المستقبل، الأمر الذي وجه الأنظار إلى فكرة تمكين الشباب والمجتمع عن طريق تمكين المرأة.
وأشارت د.السالم إلى أن المرأة الأردنية تبوأت منذ المراحل الأولى لتأسيس الدولة أدواراً مهمة في قطاعات مختلفة، مؤكدة في الوقت ذاته أن الدستور الأردني الصادر عام 1952 حفظ حقوق المرأة، وأنه ضمن في مواده ونصوصه وفي تعديلاته عبر السنوات السابقة المساواة بينها وبين الرجل في الأحكام العامة، التي تُرجِمَت في قوانين وتعليمات كفلت حقوقها وصانتها، وضمنت لها مشاركة فاعلة وتدريجية في التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وبدورهم بَيّنَ المتداخلون أهمية الجهود الملكية الإصلاحية لتحسين واقع العمل السياسي ودفع عجلة الإصلاح السياسي، ومخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ودورها في تمكين المرأة والشباب الأردني، وأهداف التنمية المستدامة التي تؤكد ضرورة تحقيق المساواة بين الجنسين والحد من أوجه عدم المساواة، وأشاروا إلى أسباب عزوف الشباب والمرأة عن المشاركة السياسية الفاعلة.
وأكد المتداخلون أهمية تمكين المرأة والشباب في المجالات كافة، وضرورة الحفاظ على أدوات التمكين التي منحتها الدولة الأردنية لهاتين الفئتين للوصول إلى الرؤى والأفكار والمشاريع الريادية التي تساهم في تعزيز قيم المواطنة الصالحة، وتقوية الاقتصاد الوطني، ورفعة الوطن والنهوض بالأمة.
التفاصيل:
أوضحت المُحاضِرة د.جمانة السالم أنه مع دخول الأردن الألفية الميلادية الثالثة لمعت الصورة تمكين المرأة، ففي عهد الملك المُعزِّز عبد الله الثاني ابن الحسين صار حضور المرأة لافتاً ومشهوداً في مجال السلطة التنفيذية، ومجال التمثيل الدبلوماسي، في محاولة لردم الهوة بين التمثيل النسوي المنشود والواقع المشهود لحضور المرأة في مواقع صنع القرار ومراكزه الرئيسة، وذلك من خلال توجيه جلالة الملك حفظه الله بإقرار الكوتا النسائية، التي فرضت وجود المرأة على الساحة السياسية، لكنها لم تحررها من القيود الأسرية والمجتمعية.
وأشارت د.السالم إلى الآليات والخطط والاستراتيجيات المتبعة لتنفيذ الأهداف المنبثقة عن الاستراتيجية الوطنية للمرأة الأردنية 2020-2025، وإلى الأوراق النقاشية الملكية وخطابات العرش، ودور الملكة رانيا العبدالله في تمكين المرأة إلى جوار الرجل كون المرأة طريق لتمكين المجتمع كافة وأساس لرفعة الوطن.
وقالت د.السالم: إن الحديث عن القطاع الشبابي في الأردن يرتبط دائماً بالرياضة، وذلك ما يبدو من تاريخ دخول الألعاب الرياضية الأساسية إلى الأردن، وتأسيس الأندية الرياضية منذ عهد الإمارة، وأن وثائق المئوية الأردنية الأولى تشير إلى أن جهود رعاية الشباب بقيت حتى عام 1968 من القرن الماضي محكومة بقانون الشؤون الاجتماعية، ثم تغيرت لتصبح تحت رعاية وزارة الشباب، مشيرةً إلى أن اهتمام الأردن بقطاع الشباب يأتي من إيمانه بالدور الحقيقي للشباب في تحقيق الإصلاح المنشود على المستويات كافة.
وبينت د.السالم أن الحديث عن دور الشباب في عملية الإصلاح المنشود يقتضي الخوض في إجراءات فاعلة تقودها المؤسسات التعليمية منذ المراحل الدراسية الأولى وصولاً إلى المرحلة الجامعة بهدف تمكينهم فكراً ومضموناً، ابتداءً من الوقوف على احتياجاتهم ومطالبهم، ومناقشة أفكارهم وآرائهم، وتوجيه رؤاهم الوجهة السليمة، وغرس مفاهيم المواطنة الصالحة في نفوسهم، مؤكدةً اهمية دور المؤسسات الإعلامية بأدواتها المختلفة في توجيههم وتعميق ثقتهم بأنفسهم، وإيصال أفكارهم وأصواتهم، والتعبير عن رؤاهم ومطامحهم.
ومن جانبه، لفت د.محمد أبو حمّور إلى أن نسبة المكون الشبابي في المجتمع الأردني تبلغ حوالي 70%، وأن نسبة البطالة بين الشباب الأردني هذا العام بلغت 48% بحسب تقرير للبنك الدولي، مبيناً بأن النسبة الأكبر من العاطلين عن العمل هم من حملة الشهادات الجامعية، مما يعني وجود مورد بالغ الأهمية غير مستغل وطاقات معطلة ضمن جهود التنمية المجتمعية الملحة وطويلة الأمد.
وأشار د.أبو حمّور إلى أن أهداف التنمية المستدامة 2030 السبعة عشر المنبثقة عن الأمم المتحدة والتي أكدت ضرورة تحقيق المساواة بين الجنسين في عدد من بنودها، مبيناً أهمية العمل على الشمول المالي للمرأة والشباب في البنوك، وإيجاد رؤى واستراتيجيات وخطط لتمكينهم في القطاعات كافة وذلك لتحسين النمو الاقتصادي والمستوى المعيشي للأفراد.
وبَيّن د.يعقوب ناصر الدين دور اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وتوصياتها المتعلقة بالتعديلات الدستورية المتصلة بقانوني الانتخاب والأحزاب وآليات العمل النيابي لتمكين المرأة والشباب وتحفيزهم على المشاركة في صنع القرار، مشيراً إلى أن هذه التوصيات انبثقت عن عدد من اللقاءات مع الشباب والسيدات في المحافظات الأردنية والاستماع إلى توصياتهم ومقترحاتهم، مبيناً وجود فرصة كبيرة أمام المرأة والشباب الأردني ليأخذوا أدواراً قيادية ويكونوا في أماكن صنع القرار، إلا أنهم بحاجة إلى تعزيز الوعي والثقافة المجتمعية بدروهم ابتداءً من الأسرة.
وأشار د.محمد القطاطشة إلى دور الملكة رانيا العبدالله في التنمية الشاملة كونها نموذجاً للمرأة الرائدة والداعمة لحقوق المرأة، ومشاركة المرأة في انتخابات مجالس المحافظات والمجالس البلدية خلال السنة الحالية، والصعوبات التي تقف حائلاً أمام مشاركتها على المستوى المجتمعي، وإشكالية الإصلاح بشكل عام في الأردن، مؤكداً ضرورة العمل على تعزيز ثقة المرأة بنفسها في ممارسة العمل العام، وضمان التمثيل العادل للنساء في المجالس التشريعية والممثلة للمجتمع المدني كافة.
وأوضحت د.سحر الطراونة أن الميثاق الوطني الأردني الصادر عام 1991 أكد على المساواة بين الرجل والمرأة، وأن تُنصَف المرأة ويُعتَرف بضرورة مساواتها تشريعياً، مشيرةً إلى ضرورة العمل على تعزيز الثقة بين الشباب الأردني ومؤسسات الدولة، وإصلاح قطاع التعليم وتعزيز مفهوم الهوية الوطنية وتنمية الثقافة الوطنية الشاملة، والحد من المعيقات الاجتماعية والثقافية التي تحيد المرأة والشباب عن المشاركة الفاعلة.
وقالت د.أماني الشوبكي: إن الشباب الأردني بحاجة إلى تمكين اقتصادي وتمكين سياسي، وينبغي أن يكون التمكين في الاتجاهين من خلال عمليات إصلاح تتيح للشباب المشاركة السياسية الفاعلة دون خوف وإنشاء مشاريع وطنية توفر فرص عمل وتقلل نسب البطالة، والعمل على ربطهم مع مؤسسات التدريب المهني، مؤكدة ضرورة متابعة مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ومضامين الأوراق النقاشية لجلالة الملك وتطبيقها على أرض الواقع ضمن مخطط واضح لتأمين تمكين الشباب والمرأة.