مرايا – يحتفل الأردن والعالم الخميس باليوم العالمي للإبداع والابتكار، الذي يصادف في 21 نيسان/أبريل من كل عام، ويهدف الاحتفال بهذا اليوم لزيادة الوعي بدور الإبداع والابتكار في حل المشاكل والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتنمية المستدامة.
ويعد اليوم العالمي للإبداع والابتكار مناسبة يمكن من خلالها تعزيز الأمثلة على أفضل الممارسات وتسليط الضوء على استخدام التفكير المبدع والتكنولوجيا نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما ويمكن للابتكار والإبداع والريادة أن تتيح جميعها زخماً جديداً للنمو الاقتصادي، وإيجاد فرص للجميع، بمن فيهم النساء والشباب، وإيجاد الحلول الملحة مثل القضاء على الفقر وإنهاء الجوع.
وأكد المجلس الأعلى للسكان في بيان صحفي الأربعاء، بهذه المناسبة على أن اهتمامه بهذا الموضوع يأتي ضمن إطار سعيه لتهيئة بيئة ملائمة لاستفادة الأردن من التحول الديمغرافي الذي يمر به وارتفاع نسبة السكان في سن العمل، ومعالجة تنامي معدلات البطالة بين الشباب، مبيناً أنه ولكي نتمكن من مواجهة تلك التحديات الآنية والمستقبلية، فإن مجتمعنا بحاجة ماسة وملحة لرفع مستوى إنتاجية وتنافسية الشباب في الأسواق المحلية والإقليمية والدولية، وتنمية قدراتهم وكفاءتهم الإنتاجية وتزويدهم بالمهارات والخبرات والمعارف المتجددة وتنمية ذهنية الإبداع والابتكار وريادة الأعمال لديهم.
وبين أن أهميــة الإبداع والريادة والابتكار تبرز في أنهــا تلعــب دوراً كبـيراً في تحســن الوضــع الاقتصــادي للفــرد، والتوظيــف الذاتي، وزيــادة الدخــل، بالإضافــة إلى أنهــا تحقــق للفرد الاســتقلالية، وفرصــة التميــز، وتحقيــق الطموحــات، كـمـا تعد إحــدى الركائــز الأساســية للتنميــة الاقتصاديــة ومــن أهــم اســتراتيجيات التنميــة في الــدول الناميــة والمتقدمــة، وإحــدى المنافــذ لتوســيع القاعـدة الاقتصاديـة وتنشـيط الحركـة التجاريـة، إذ تحقـق عـدداً مـن الوظائـف المهمة المرتبطـة بالكفـاءة والتنافسـية وخلـق فـرص العمـل وابتـكار المنتجـات، إضافـة إلى كونهـا تمثل رافـداً أساسـياً في زيـادة الصـادرات ونمو الناتـج المحـلي الإجمالي، كـما تسـهم في الاسـتقرار الاقتصـادي والاجتماعي، ومـن الحلـول الحديثـة التـي أقبلـت عليهـا عـدد مـن الـدول المتقدمـة والناميـة عـلى حـد سـواء هـي اللجـوء إلى تشـجيع الإبـداع والابتـكار وريـادة الأعمال.
وقال المجلس، إنه جرى إنشاء المركز الوطني للإبداع في الأردن عام 2019، كمظلة وطنية تهدف إلى خلق بيئة ريادية تنافسية من خلال تنظيم وتنسيق كافة الجهود ضمن إطار شمولي تكاملي يرفد بيئة الأعمال باتجاهات واضحة للفرص الاقتصادية واستغلالها لتعزيز المشاركة الاقتصادية ضمن معايير تتوافق مع السوق؛ مما يؤدي إلى تحسين مستوى التنظيم في مجالات الإبداع ويكفل التنسيق وضبط المدخلات والمخرجات للارتقاء ببيئة الأعمال الإبداعية للوصول إلى أفضل الممارسات العالمية.
ولفت المجلس أن الأردن يواجه عدة تحديات والتي من أهمها، ارتفاع معدلات البطالة والتي وصلت 23,3% خلال الربع الرابع من عام 2021، وبلغ بين الذكور 21,4% وبين الإناث 30,7%، وذلك بحسب بيانات دائرة الإحصاءات العامة، الذي يتطلب تنمية ثقافة الابداع والابتكار لدى الشباب، وإيجاد حلول إبداعية وتنمية وترسيخ ثقافة ريادة الأعمال والصناعة، حيث أن هناك علاقة بين الابتكار وريادة الأعمال هي علاقة تكاملية، تسهم في بناء اقتصاد المعرفة، واستدامة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمستدامة للمجتمع.
ومن التحديات التي تواجه الإبداع والابتكار في الأردن، ضعف ثقافة الإبداع والابتكار وتمكين القوى البشرية في هذا المجال، عدم وجود تعريف محدد للإبداع وصعوبة قياسه على المستوى الوطني، ضعف التنسيق بين أصحاب العلاقة في منظومة الإبداع والابتكار، شح مصادر التمويل المحلي والدولي للمبدعين والمبتكرين.
ولفت المجلس النظر إلى أنه أعد عام 2018 دراسة حول “تعزيز اتجاهات الشباب المقبلين على سوق العمل نحو ريادة الأعمال والبيئة المؤسسية الداعمة في الأردن” التي كان من أهدافها التعرف على اتجاهات الشباب المقبلين على سوق العمل والتحديات التي تواجههم في أن تكون ريادة الأعمال خيارهم في التوظيف الذاتي، بالإضافة إلى تسليط الضوء على الوضع الحالي للبيئة الحاضنة لريادة الأعمال ومعالجة محدداتها.
وخلصت الدراسة التي شملت عينتها الطلبة المتوقع تخرجهم من الجامعات والكليات المتوسطة ومعاهد التدريب المهني ومجموعة من الرياديين والمؤسسات الراعية لريادة الأعمال، إلى مجموعة من النتائج أهمها، وجود خلط لدى الشباب ما بين المشاريع الريادية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والذي تسبب في إرباك الجهود بالارتقاء بريادة الأعمال على الرغم من الاختلاف الكبير بينهما في مجالات الإبداع والابتكار والمخاطرة، كما أن واقع تسهيلات مشاريع ريادة الأعمال في البيئة الأردنية غير مشجع ولا تؤدي إلى صياغة وتصميم النجاح للمشاريع الريادية للخريجين الراغبين فعلاً بريادة الأعمال، بالإضافة إلى عدم شمول التشريعات الأردنية على أي إشارة تعريفية لما يسمى بالريادية أو الشركات الريادية؛ الأمر الذي يترك فراغاً قانونياً في توجهات المجتمع نحو الريادة.
وأوصى ملخص السياسات المنبثق عن الدراسة بمجموعة سياسات يمكن من خلال تنفيذها معالجة العقبات التي تعترض بأن تكون ريادة الأعمال خيار الشباب المقبلين على سوق العمل، التي تتمثل في تعزيز ثقافة ريادة الأعمال لدى الطلبة منذ المراحل الأولى وتنفيذ مشروع ريادي قابل للحياة كمتطلب تخرج لطلبة الجامعات والكليات المتوسطة ومعاهد التدريب المهني، فضلاً عن إنشاء مجلس أعلى لرعاية ريادة الأعمال، وتسهيل الحصول على التمويل وإيجاد مظلة مالية لرعاية الرياديين، وتعديل القوانين والتشريعات بما يخدم بيئة ريادة الاعمال.
وأشار المجلس أن الأردن يحتل المرتبة 81 عالمياً وفي المرتبة التاسعة على الصعيد العربي بمؤشر الابتكار العالمي لعام 2021، الذي يقيس أحدث اتجاهات الابتكار العالمية ويصنف أداء النظام الايكولوجي للابتكار في 132 اقتصاداً عالمياً.
ويُحسب مؤشر الابتكار لعام 2021 كمتوسط لمؤشرين فرعيين، الأول هو المؤشر الفرعي لمدخلات الابتكار الذي يقيس عوامل في الاقتصاد الوطني تشمل أنشطة ابتكارية في خمس مجالات ( المؤسسات، رأس المال البشري والبحث، البنية التحتية، تطور السوق، تطور بيئة الأعمال)، والمؤشر الثاني يتعلق بمخرجات الابتكار الذي يقيس الدلائل الحقيقية على نتائج الابتكار، وتنقسم بدورها لمجالين ( المخرجات المعرفية والتكنولوجية، والمخرجات الإبداعية) وحل الأردن بالمرتبة 79 عالمياً في المؤشر الفرعي الأول، وفي المترتبة 81 في المؤشر الفرعي الثاني.
ولفت المجلس النظر إلى أن الإبداع والابتكار لهما دور مهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ويركز الهدف التاسع من أهداف التنمية المستدامة على إقامة هياكل أساسية قادرة على الصمود، وتحفيز التصنيع الشامل للجميع والمستدام، وتشجيع الابتكار، كما يعد الابتكار أيضا عنصرا أساسيا في معظم الأهداف المعنية بالصحة والرفاه، والتعليم، والمساواة بين الجنسين، والعمل اللائق ونمو الاقتصاد، والمدن والمجتمعات المحلية المستدامة، والمناخ، والسلم والعدل والمؤسسات القوية، وعقد الشراكات.
وفي مجال الصناعات الإبداعية، تشير تقديرات اليونسكو إلى فقدان 10 ملايين فرصة عمل في الصناعات الإبداعية خلال عام 2020 بمفرده، بسبب جائحة فيروس كورونا، كما تشير إلى تراجع إجمالي القيمة المضافة العالمية للصناعات الثقافية والإبداعية بمقدار 750 مليار دولار في عام 2020، وقد تراجعت إيرادات هذه الصناعات بنسبة تتراوح بين 20% و40% في البلدان التي تتوافر بيانات عنها.
وأوصى المجلس بأهمية تعزيز ونشر ثقافة الإبداع والابتكار وغرسها في نفوس الأفراد بالمجتمع، من خلال التوعية المجتمعية بأهمية الابتكار وتكريم المبتكرين من خلال الجوائز والمسابقات، وإبراز مهن المستقبل للمبدعين والمبتكرين، وإيجاد مراكز وهيئات في المؤسسات البحثية والتعليمية تتبنى المبدعين والمبتكرين وتشجع مبادراتهم الابتكارية، إلى جانب أهمية غرس قيم الابتكار في نفوس الطلبة بمختلف المراحل التعليمية، فضلاً عن ضرورة قيام المؤسسات الوطنية العامة والخاصة بدعم الابتكار وتشجيعه من خلال الحوافز المناسبة، وتشجيع دعم القطاع الخاص للبحث والتطوير، ودعم تنفيذ البحوث التطبيقية، وتعزيز المكون البحثي في جميع برامج ومستويات التعليم العالي وإدخال آخر المستجدات العلمية والتكنولوجية في بنيتها.