يحتفل الأردن والعالم، الأحد، بعيد العمال، الذي يصادف الأول من أيار/مايو من كل عام، في وقت وصلت فيه معدلات البطالة في الأردن إلى 23.3% نتيجة جائحة كورونا وتداعياتها.
ووفق دائرة الإحصاءات العامة، بلغ معدل البطالة في الأردن خلال الربع الرابع من العام الماضي، 23.3% بارتفاع مقداره 0.1 نقطة مئوية عن الربع الثالث من نفس العام، وبانخفاض مقداره 1.4 نقطة مئوية عن الربع الرابع من عام 2020.
وبلغ معدل البطالة للذكور خلال الربع الرابع من العام الماضي 21.4% مقابل 30.7% للإناث، حيث يتضح أنّ معدل البطالة للذكور قد انخفض بمقدار 1.2 نقطة مئوية وانخفض للإناث بمقدار 2.1 نقطة مئوية مقارنة بالربع الرابع من عام 2020، وبمقارنة معدل البطالة للربع الرابع مع الربع الثالث للعام 2021، يتضح أنّ معدل البطالة قد ارتفع للذكور بمقدار 0.2 نقطة مئوية، وانخفض للإناث بمقدار 0.1 نقطة مئوية.
وبينت النتائج أن معدل البطالة كان مرتفعاً بين حملة الشهادات الجامعية (الأفراد المتعطلون ممن يحملون مؤهل بكالوريوس فأعلى مقسوماً على قوة العمل لنفس المؤهل العلمي)، حيث بلغ 27.2% مقارنة بالمستويات التعليمية الأخرى.
وأشارت إلى أن 52.4% من إجمالي المتعطلين هم من حملة الشهادة الثانوية فأعلى، وأن 47.0% من إجمالي المتعطلين كانت مؤهلاتهم التعليمية أقل من الثانوي.
وتباينت نسبة المتعطلين حسب المستوى التعليمي والجنس، حيث بلغت نسبة المتعطلين الذكور من حملة البكالوريوس فأعلى 26.0% مقابل 79.2% للإناث، فيما بلغ معدل البطالة بين الشباب في الفئة العمرية 15-24 سنة 52.1% للمجموع (47.9% للذكور مقابل 70.2% للإناث).
وعلى مستوى المحافظات فقد سجل أعلى معدل للبطالة في محافظة معان بنسبة بلغت 28.1%، وأدنى معدل للبطالة في محافظة عجلون بنسبة بلغت 18.5%.
وتعتبر الحركة العمالية في الأردن من أوائل الحركات العمالية في العالم العربي، حيث تأسس اتحاد عمال الأردن في عام 1954، وكان من الاتحادات التي شاركت في تأسيس اتحاد العمال العرب، حيث شارك ممثلو الاتحاد في المؤتمر التأسيسي الأول، وفق الدائرة.
وشارك في أغلب اللقاءات والنشاطات التي تمت على المستوى العربي، وحققت الحركة العمالية الأردنية خلال أكثر من نصف قرن تقريبا “تقدما جوهريا” مستفيدة من الظروف الايجابية والروح الوطنية العالية والتعاون البناء والحرص على ممتلكات الوطن مع جميع شركاء التنمية، مما ساهم في نمو الحركة وتقدمها وتعاظم مكتسباتها.
ومع سن العديد من القوانين الضابطة للسلامة العامة التي تصدر عن الجهات الحكومية المعنية، انخفضت أعداد الإصابات الخطيرة في العمل، كما شهد عدد العاملين المؤمنين لدى المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي ارتفاعاً ملحوظاً حيث ارتفع من 366,000 عامل وعاملة في عام 2000 إلى حوالي 1,327,823عامل وعاملة في عام 2020.
وارتفع معدل الأجر الشهري من 60 ديناراً في منتصف السبعينات ليصل إلى 211 ديناراً في منتصف التسعينات، وليرتفع إلى 543 ديناراً في عام 2019.
وعلى الرغم من المكاسب التي تحققت للعمالة الأردنية، إلا أنها لا تزال تواجه العديد من التحديات في سوق العمل الأردني، والتي من أهمها منافسة العمالة الوافدة التي تضخمت أعدادها بشكل كبير مما حرم العمالة الأردنية الاستفادة من فرص العمل التي تخلقها القطاعات الاقتصادية المختلفة، وبقاء مستويات البطالة ثابتة تقريباً على الرغم من الجهود التي تبذل لتخفيضها والحد منها، وفق دائرة الإحصاءات العامة.
ولا تزال المشاركة الاقتصادية للمرأة الأردنية دون المستوى المرغوب، حيث بلغ معدل المشاركة الاقتصادية المنقح (عدد النساء النشيطات اقتصادياً في الأعمار 15 سنة فأكثر مقسوماً على عدد النساء في الفئة العمرية 15 سنة فأكثر ) للنساء الأردنيات 14 % في عام 2021.
ويشير ذلك إلى أن امرأة واحدة من بين كل 7.14 نساء كانت نشيطة اقتصاديا في عام 2021، مقابل رجل واحد نشيط اقتصادياً من بين كل 1.85 من الرجال في الفئة العمرية 15 سنة فأكثر.
– تحديات غير مسبوقة –
وأظهر تقرير أعده المرصد العمالي الأردني، أن “تحديات غير مسبوقة” تواجه العمال في سوق العمل الأردني وأن غالبيتهم يعانون من ظروف عمل غير لائقة، سواء من حيث عدم توفر فرص عمل أو انخفاض مستويات الأجور واتساع ظاهرة العمل غير المنظم، وغياب الأمن والاستقرار الوظيفي، واتساع رقعة الانتهاكات والاعتداءات على حقوقهم العمالية والإنسانية المنصوص عليها في تشريعات العمل الأردنية.
وجاء التقرير الذي أعده المرصد، لتقييم سياسات العمل وعلاقاته في الأردن وتأثيرها على العمال في مختلف المستويات الاقتصادية، بالتعاون مع مؤسسة فريدرتش الألمانية وبمناسبة يوم العالمي للعمال الذي يصادف الأول من أيار/مايو من كل عام.
ولفت التقرير النظر إلى أن الأردن صادق على 26 اتفاقية من اتفاقيات منظمة العمل الدولية، منها سبع اتفاقيات من اتفاقياتها الأساسية الثماني، مشيراً إلى أن ذلك لم ينعكس بشكل كلي على القوانين والسياسات التي تنظم شؤون العمل في الأردن، بل على العكس، ما زالت هناك محاولات من صناع القرار لإزاحة الأردن عن مساره التنموي من خلال إصدار قوانين وأنظمة وتعليمات تشكل معظمها تراجعا عن حقوق العمال الأساسية، وتطبيق سياسات اقتصادية واجتماعية تنتقص من شروط العمل المتعارف عليها دوليا.
وبين التقرير أن عمال الزراعة ما زالوا يعانون من عدم إشراكهم في مظلة الضمان الاجتماعي، على الرغم من صدور نظام عمال الزراعة الذي ينص على شمولهم بأحكام قانوني العمل والضمان الاجتماعي.
إلا أن النظام “لم يتم تطبيقه بشكل كامل حتى الآن”، إذ أن البلاغ رقم 41 الذي صدر بعد شهرين من إقرار نظام عمال الزراعة أتاح لأصحاب الحيازات الزراعية شمول العاملين لديهم بتأمين إصابات العمل فقط، على أن يتم شمولهم بباقي التأمينات اعتبارا من 1 كانون الثاني/يناير 2023.
وحذر المرصد العمالي في تقريره من بقاء العمل بالقطاع الزراعي الذي يعتبر صمام الأمن الغذائي في الأردن، غير منظم ويفتقد إلى أبسط معايير العمل اللائق الممكن توفيرها إذا استمرت الحكومة بتأجيل شمول عمال الزراعة في مظلة الضمان الاجتماعي دون إيجاد صيغة ملائمة تراعي العمال وأصحاب العمل على حد سواء.
وأكد التقرير أن برنامج التشغيل الذي أطلقته الحكومة مطلع نيسان/ابريل الماضي لا يختلف في الشكل عن البرامج التي اعتادت الحكومات على إطلاقها خلال العشر سنوات الماضية، إذ أنه يسعى إلى تشبيك القطاع الخاص مع الموظفين.
وأشار التقرير إلى أن مشكلة برامج التشغيل غير مستدامة ولا تسعى إلى استحداث فرص عمل من خلال خلق مشاريع إنتاجية تساعد على تشغيل المتعطلين عن العمل، كما أنها لا تعالج سياسات التعليم، وتفتقر إلى استهداف تحسين شروط العمل في القطاع الخاص.
وأوضح التقرير أن حقوق العمال الأساسية في مختلف القطاعات باتت عرضةً للتهديد والمساومة، نتيجةً لغياب دور المنظمات النقابية والعمالية في الدفاع عن شروط العمل في الأردن، وعن لعب دور أساسي في الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية بين العمال وأصحاب العمل.
وأوصى التقرير بإعادة النظر بمجمل سياسات العمل المعمول بها والتي تستند إلى إضعاف شروط العمل من أجل تحفيز الاقتصاد، وإجراء تعديلات جذرية على الفصل الحادي عشر من قانون العمل باتجاه إزالة جميع القيود على حرية التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية أو إصدار قانون خاص لتنظيم العمل النقابي يشمل العاملين في القطاعين الخاص والعام، ويقوم على مبادئ حرية التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية.
وطالب بمعالجة الاختلالات في سياسات التعليم الجامعي لتراعي متطلبات سوق العمل واحتياجاته، باتجاه التوسع في التعليم المهني والتقني المتوسط منخفض التكلفة، والتركيز الفعلي على التدريب المهني من خلال زيادة موازنة مؤسسة التدريب والتعليم المهني والتقني.
ودعا التقرير إلى ضرورة التركيز على تأسيس المشاريع الإنتاجية التي تولد فرص عمل حقيقية في صفوف العاطلين عن العمل وبخاصة الشباب وعلى تطوير نظم إنفاذ التشريعات العمالية لوضع حد للتجاوزات التي تجري عليها، وتمكين العاملين والعاملات من التمتع بظروف عمل لائقة.
ووفق دائرة الإحصاءات، فإن استحداث هذا العيد يعود لمنظمة “فرسان العمل” التي تأسست في الولايات المتحدة الأميركية عام 1869 كتنظيم نقابي يسعى إلى تحسين أوضاع العمال وتخفيض ساعات العمل.
ومع تطور الحركة النقابية، نجحت مجموعة من القيادات النقابية في تكوين هيئة للعمال في عام 1886، وتبنت هذه الهيئة الدعوة لاعتبار الأول من أيار/مايو من ذلك العام يوماً للإضراب العام من أجل تخفيض ساعات العمل إلى ثماني ساعات في جميع المهن والصناعات، فيما قرر المؤتمر التأسيسي للأحزاب العمالية في عام 1890 اعتبار الأول من أيار/مايو عيداً للعمال في العالم.
واتسع الاهتمام بعيد العمال الذي اتخذ بعداً عالمياً يتم الاحتفال به سنوياً في كافة أرجاء العالم.