كشفت دراسة علمية قام بها فريق من الباحثين في الجامعة الأردنية والهاشمية، أنَّ من بين الآثار النَّاجمة عن انتشار وباء فيروس كورونا المستجد على طلبة الجامعات الأردنية، هو تعزيز الرِقابة الذاتية لديهم، وتعديل العادات الصحية، وتناول الغذاء الصحي، والتكافل الاقتصادي.

 
وكشفت الدِّراسة التي شارك بإعدادها الوزير الأسبق الدكتور عبد الله عويدات من الجامعة الأردنية سابقا وعمان العربية حاليا ، والدكتور يزيد الشورطي من الجامعة الهاشمية و جامعة جدارا ، وعميد شؤون الطَّلبة الأسبق في الجامعة الأردنية الدكتور محمد الزِيود، وانجزت الدراسة بدعم من موؤسسة عبد الحميد شومان عن ارتفاع تقدير طلبة الجامعات للقائمين على الرِعاية الاجتماعية والصحية في الأردن بشكل كبير.

وهدفت الدراسة التي حملت عنوان:”الآثار الناجمة عن انتشار وباء فيروس كورونا على طلبة الجامعات الأردنية من وجهة نظرهم أنفسهم”، إلى الكشف عن هذه الآثار باستخدام المنهج الوصفي المسحي المعتمد على الإستبانة والتي تم تطويرها والتحقق من صدقها وثباتها لجمع البيانات من عينة الدراسة والتي بلغت ثلاثة آلاف و269 طالبًا وطالبة تم أخذها بالطريقة الطبقية العشوائية من المجتمع الكلي للدراسة والبالغ 326 ألف و910 طلاب من الجامعات الأردنية كافة. وبينت الدراسة التي نشرت حديثا في مجلة أميركية، أن الآثار النفسية كانت جلية على الطلبة من حيث الشعور بالخوف على أفراد الأسرة جراء انتشار الفيروس والتخلي عن علاقاتهم الحميمة مع أفراد أسرهم خوفا من العدوى ومعاناتهم من مشكلات نفسية من بينها، الخوف، والقلق، والتوتر، والإحباط، وذلك وفق ما أوردته وكالة بترا.

وأشارت نتائج الدراسة إلى أن الطلبة لم يستهتروا بالمخاطر النفسية للفيروس ولم يهزموا أمامه، بل كانت لديهم مقدرة على التكيف الإيجابي مع آثاره النفسية من خلال طرق متنوعة كالرقابة الذاتية، وتعديل العادات الصحية، واستخدام المعقمات، وتناول الغذاء الصحي الذي يقوي المناعة، واتخاذ الإجراءات الوقائية، وممارسة التباعد الاجتماعي.

وكشفت الدراسة عن تقدير طلبة الجامعات للعاملين في الخدمات الاجتماعية والصحية وتقليص التفاعل والتواصل الاجتماعي مع أفراد الأسرة والشعور بالملل، والشك بالآخرين، والحذر منهم، والخوف من خطرهم الصحي المحتمل، والبعد والانعزال عنهم، وتقليل العلاقة والتفاعل معهم، وضعف الثقة في وسائل التواصل الاجتماعي، وزيادة السهر، وزيادة المهارات التواصلية والتكنولوجية، والاشتياق للأصدقاء، وتقوية الروابط الأسرية، وارتفاع مستوى الضبط الأسري، والحذر من بعض الأغذية، ودعم أواصر التعاون والتكافل والتسامح والتطوع الاجتماعي، وزيادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. وأشارت الدراسة إلى الآثار الاقتصادية للوباء على طلبة الجامعات والتي تمثلت بزيادة في التكافل الاقتصادي بين أبناء المجتمع وارتفاع الإنتاجية أثناء فترة الحجر الصحي وانتشار الفيروس ووجود استجابات اقتصادية كلها إيجابية بدرت عن الطلبة كرد فعل على فيروس كورونا تمثلت في ضبط الإنفاق، وتقليل الاستهلاك، وزيادة الإنتاج، وإدارة الوقت، والتكافل الاقتصادي، والتبرع والعطاء.

ولفتت الدِّراسة إلى الآثار التعليمية على طلبة الجامعات والتي تمثلت بأنهم أصبحوا أكثر متابعة لمنصات التعلم الإلكتروني وتشكلت لديهم نزعة قوية لضرورة التحول نحو التعلم الإلكتروني.

وأوصت الدراسة الجامعات بإطلاق برامج دعم نفسي لطلبة الجامعات الأردنية للتخفيف من حالات القلق والتوتر والخوف التي سيطرت على الطلبة جراء الوباء، وتنظيم دورات تدريبية وورش عمل لتأهيل الطلبة على التفاعل والتواصل الاجتماعي في الظروف الاستثنائية التي سادت وضرورة أن تتبنى الدولة برامج وطنية لبناء وتعزيز الثقة بمؤسسات الدولة من خلال تجويد الخدمات المقدمة للطلبة وأبناء المجتمع.

وظهر فيروس كورونا في مدينة ووهان الصينية في شهر كانون الأول سنة 2019 وأطلقت عليه منظمة الصحة العالمية اسم جائحة في 11 آذار 2020، وتسبب الفيروس بأزمة اقتصادية عالمية منذ ما يسمى بالكساد العظيم، وأدى إلى إغلاق معظم المدارس والكليات والجامعات في 186 دولة مؤثرًا بشكل سلبي على حوالي 99 بالمئة من الطلبة في العالم.

وسجل الأردن أول حالة إصابة بالفيروس بداية شهر آذار من العام 2020، واتخذت الأردن حزمة من الاجراءات لمواجهة انتشار الفيروس فيها وفرضت حظر تجول عام في محاولة منه للتخلص من آثار كورونا مما أدى إلى إغلاق النشاطات الاقتصادية على نحو شبه تام.