مرايا – عمليات جنين القوية لافتة للنظر والجميع يريد أن يعرف السبب، خاصةً أن جنين نفسها قبل أشهر وسنوات كانت مثل غيرها، فما الذي تغير مؤخرًا؟
ما أراه هو تطور بيئة حاضنة للمقاومة في جنين، بالذات الفترة التي تلت هروب أسرى جلبوع
… فكيف آلية عمل هذه البيئة الحاضنة؟
قد تكون العمليات الأخيرة نتيجة عمل فردي أو تنظيمي، إلا أن العلامة الفارقة هي البيئة التي أنتجتها.
كان الكثير ينتقدون إطلاق النار على قوات الاحتلال خلال اقتحامها لجنين ويقولون أنها استعراضية وتكون من مسافات بعيدة ولا تسبب خسائر في الاحتلال، إلا أنها جاءت في إطار خلق هذه البيئة، ولا أقصد أن هنالك جهات عليا في المقاومة خططت لكل شيء، فهذه البيئة لا مركزية كل جهة تساهم بجزء منها.
ما حصل خلال هذه الفترة أن مثل تلك العمليات والمواجهات العنيفة التي تواكب كل اقتحام لجيش الاحتلال، أدت لحصول الآتي:
1- أصبح هنالك تشتيت كبير في عمل المخابرات (الاحتلال والسلطة) فكثرة العمليات والمقاومين لا تسمح لهم التركيز على جهة معينة، مما أدى لاستنزاف الأجهزة الاستخبارية .
خلق ثغرات سمحت للتنظيمات والأفراد للتخطيط والتدريب والتمرين وشراء المعدات بحرية أكبر نسبيًا.
2- أصبح حديث المقاومة وتفاصيل العمل هو الشغل الشاغل للعديد من الشبان، وهنا لم يعد يقتصر الأمر على الدافعية بل تناقل الخبرات والمعلومات والتجارب.
نجاح العمل المقاوم يحتاج لأكثر من الدافعية والسلاح، يحتاج لتخطيط سليم ورصد الأهداف وتدريب ومعرفة أساليب العمل الصحيحة.
3- ومن أهم العوامل المحفزة هي أن هذه البيئة زادت من إيمان الشباب بقدرتهم على النجاح في العمل.
فالكثيرون قبل ذلك كانوا يريدون العمل لكن أقنعوا أنفسهم أنه لا يوجد مجال والجو العام لا يسمح بذلك.
الاستعراضات المسلحة والمظاهر المرافقة لها أعطت حافزية أن الجو يسمح وأصبح الشباب يقول لنفسه “ما نجح به غيري أستطيع النجاح به”
4- ورافق كل ذلك فقدان السلطة السيطرة الأمنية على جنين، والاحتلال لم يعد يستطيع دخولها بسهولة، وهذا أفقدهم القدرة على تفكيك البنية التنظيمية للفصائل وملاحقة الأفراد الذين ينوون تنفيذ عمليات.
في ظل ما سبق نستطيع القول أن البيئة التي ساهمت بنجاح المقاومة في جنين مؤخرًا، هي بيئة نشطة جدًا استنزفت استخبارات الاحتلال والسلطة، وفيها تناقل واسع للخبرات والتجارب مع حافزية ومعنويات عالية، كما نجحت بالتمرد على السلطة.
القدرة على نقل هذه البيئة إلى باقي مناطق الضفة سيحدث فرقًا كبيرًا وهنا أؤكد على أهمية الفعاليات الشعبية والأعمال الاستعراضية فهي الطبقة الأولى لهذه البيئة وفوقها تأتي بقية الطبقات الأكثر تأثيرًا.
ياسين عز الدين