مرايا – قال المجلس الاقتصادي والاجتماعي، إن الحل النهائي لتعزيز الأمن المائي في الأردن هو اللجوء إلى تحلية مياه البحر الأحمر في العقبة.
وأضاف، في تقرير حالة البلاد 2021، أنه “لم يعد تطوير مصادر المياه الداخلية في الأردن يشكل حلا لمشاكله المائية، لأن تلك المصادر قد طورت إلى أبعد الحدود؛ أي أن السياسة التقليدية بتطوير المصادر الداخلية استنزفت استنزافاً كاملا”.
وأشار إلى أن بعض السياسات الداخلية قد تخفف من الأزمة الخانقة التي يعاني منها قطاع تزويد المياه، مثل رفع كفاءة استخدام المياه الري لتوفير المياه العذبة للاستخدام في أغراض أخرى، ويحتاج ذلك إلى استثماري الأدوات والمعدات الموفرة للمياه، كما يحتاج إلى تدريب العاملين في الزراعة على تلك الأنظمة، إضافة إلى تغيير النمط الزراعي.
التقرير، أشار إلى أن كميات المياه السطحية في الأردن تقدر بنحو 400 مليون م3 سنويا، فيما تقدر المياه الجوفية المتجددة بنحو 275 مليون م3 سنويا، حيث أشار التقرير إلى أن موارد المياه المتاحة غير كافية، وبالأخص مع استضافة الأردن ملايين اللاجئين.
ويستخدم الأردن ما معدله 70 لترا في اليوم من المياه لتغطية الاحتياجات المنزلية، مع العلم أن مستوى الحياة في الأردن يتطلب أكثر من ذلك.
وأوضح المجلس أن تحلية مياه البحر الأحمر من خلال إنشاء ناقل البحرين (الأحمر الميت)، والذي يهدف أيضا إلى إعادة تأهيل البحر الميت المتدهور بيئياً، غض النظر عنه حالياً لأسباب متعددة”.
وبين أن “تحلية المياه في العقبة من المشاريع المكلفة، إلا أن التقدم التقني في تحلية المياه أدى إلى خفض كلفة إنتاج المتر المكعب إلى 0.5-0.6 دولار أي 0.35-0.42 دينار، مضافا إليها كلفة الضخ، وهذا لم يعد مكلفا عند الاستخدام لأغراض الشرب أو لبعض الصناعات، وخاصة تلك التي تدور المياه أو التي تدخل المياه فيها في الصناعة الغذائية”.
وشدد المجلس على أن “إنشاء مشاريع التحلية قرار استراتيجي يحتاج إلى الجرأة والتصميم، ولم يعد قراراً ترفيهياً. وعلى الأردن اتخاذ القرار والبدء بالتحلية لتلبية حاجات منطقة العقبة أولا، أي نحو 30 مليون م3 سنويا”.
– تحديات الضخ المتقطع واستنزاف المياه –
وأضاف “لجأت دول الجوار إلى التحلية على أساس (BOT )، وبكلفة 0.5-0.6 دولارا للمتر المكعب، يضاف إلى ذلك كلفة الضخ إلى مواقع الاستهلاك. إلا أن الكلفة في مجملها مع كلفة التوزيع – الأردن لن تزيد على 1.75 دولار للمتر المكعب، مع ملاحظة أن أسعار مياه الشرب للمؤسسات حاليا يزيد على ذلك”.
وأشار إلى أن “كلفة بعض مصادر المياه الداخلية يزيد على كلفة التحلية، علما بأن معدل استهلاك المواطن الأردني من مياه الشرب يبلغ نحو 2,5 م3 شهريا، وهذا يعني ثلاثة دنانير للفرد الواحد من مياه التحلية، علماً بأن كلفة مياه المصادر الداخلية الأخرى أقل من ذلك بكثير”.
“عند خلط مياه التحلية مع المياه الأخرى لن تزيد الأسعار على دينار واحد للمتر المكعب، وهذا ضمن القدرة الشرائية لمعظم سكان الأردن”، وفق التقرير.
وأشار التقرير إلى أن وزارة المياه والري “لم تورد في أي من خططها أو استراتيجياتها إلا 3 قضايا أصبح التحدي لها وحلها ضروريا، وهي الضخ المتقطع، زيادة حصة الفرد في الاستعمالات المنزلية، واستنزاف المياه الجوفية”.
وأكد على أن القطاع يحتاج إلى حل جذري لمشكلة الفاقد المائي بشقيه، “إذ إننا سنفقد نصف مياه التحلية إن استمر الفاقد كما هو عليه الآن”.
وبين التقرير أن “كميات المياه المعتزم تحليتها في العقبة، لا تعالج الضخ المتقطع واستنزاف المياه الجوفية إذ إن كمية المياه المتوقع تحليتها في العقبة والبالغة 300 مليون م3 سنويا أقل بكثير من الكمية المطلوبة لحل القضيتين”.
وشدد على أنه “إذا لم تضع الوزارة الخطط والموازنات المائية الضرورية لحل هذه القضايا، فإن الآمال المعقودة على التحلية لن تؤدي إلى تزويد مريح وآمن للمياه بعد الانتهاء من تنفيذ المشروع”.
– احتياجات مستقبلية –
بعد عشر سنوات، يحتاج الأردن إذا ما بقي تزويد المياه للفرد على حاله (70 لترا)، وعدد السكان 14.1 مليون نسمة بزيادة سكانية 2,5% سنوياً، إلى 637 مليون م3، أي بزيادة 140 مليون م3 للتزويد الحالي، مع بقاء الاستنزاف للمياه الجوفية والفواقد كما هي.
وبعد 20 سنة، يصبح عدد السكان 18 مليون نسمة بحاجة إلى 900 مليون م3، أي بزيادة 400 مليون م3 على التزويد الحالي.
وفي حال زيادة حصة الفرد اليومية إلى 100 لتر، يحتاج الأردن بعد 10 سنوات (مع استمرار الاستنزاف والفواقد ) إلى 910 ملايين م3؛ أي بزيادة 310 ملايين م3، وبعد 20 سنة سيحتاج إلى 1280 مليون م3، أي بزيادة 780 مليون م3 على التزويد الحالي.
“وتتوفر للأردن فرصة الحصول على حقوقه في المياه المشتركة مع دول الجوار، ما سيخفف من أزمته المائية الخانقة. إلا أن هذه قضية سياسية من الطراز الأول لا تستطيع وزارة المياه والري حلها بدون تدخل سياسي على أعلى المستويات”، وفق التقرير.
– توصية بوقف استنزاف المياه –
وأوصى المجلس في تقريره السنوي الرابع، إلى رفع كفاءة استخدام المياه في الري لتوفير المياه العذبة للاستخدام في أغراض أخرى من خلال إدخال التكنولوجيا الحديثة الموفرة للمياه، والاستمرار والسعي للحصول على الحقوق في المياه المشتركة مع دول الجوار، ما سيخفف من الأزمة المائية الخانقة.
ودعا المجلس إلى اعتماد تحلية المياه في العقبة والسير في إنشاء مشاريع التحلية كخيار استراتيجي لحل مشكلة المياه في الأردن باستخدام التكنولوجيا الحديثة، ووضع حلول جذرية لمشكلة الفاقد المائي بشقيه القانوني والفني.
وطالب التقرير بوضع خطة تدريجية لوقف استنزاف المياه الجوفية بعد الإحاطة بحجم المخزون من هذه المياه. إذ إن كمية المياه المتوقع تحليتها في العقبة أقل بكثير من الكمية المطلوبة لمعالجة الضخ المتقطع واستنزاف المياه الجوفية.
وزارة المياه والري، أصدرت في 16 آذار/ مارس، الوثيقة النهائية لوثائق عطاء مشروع الناقل الوطني لتحلية مياه العقبة لاستخدامها للشرب، وفق وزير المياه والري محمد النجار، الذي أكّد أن الوثائق بصيغتها النهائية وُزعت على المطورين المؤهلين للمشروع (الائتلافات المؤهلة سابقا وعددها 5 ائتلافات عالمية).
وأعلن رئيس الوزراء بشر الخصاونة، مسبقا أن مشروع ناقل المياه الوطني الذي يلبي بعضا من احتياجات الأردن المائية حتى عام 2040، سيدخل حيز التزويد المائي عام 2027.
ويتكون مشروع الناقل الوطني بعناصره الرئيسية من محطة مأخذ على الشاطئ الجنوبي لخليج العقبة ومحطة تحلية وضخ في العقبة وخط ناقل بطول نحو (450) كم ويوفر مصدرا مستداما لمياه الشرب بواقع 300 مليون متر مكعب ويسد الفجوة الحالية بين ما هو مطلوب وما هو متوفر وهو مشروع وطني بامتياز لا يرتبط بأي ارتباطات سياسية.
وزير التخطيط والتعاون الدولي ناصر الشريدة، أعلن نتائج “مؤتمر المانحين والممولين للناقل الوطني، موضحا أنه جرى توفير 1.830 مليار دولار منحا وقروضا لتنفيذ المشروع.
وأضاف خلال مؤتمر صحفي في وزارة التخطيط والتعاون الدولي إن “المؤتمر هو الجولة الأولى من جولتين، حيث من المقرر أن تعقد الجولة الثانية في الوقت نفسه من العام المقبل، قبل الانتهاء من إحالة العطاء على أحد المطورين المؤهلين للدخول للعطاء”، متأملا الحصول على مزيد من المنح للمشروع.
وقال الشريدة: “الجولة الأولى من هذا الحشد نجم عنها نحو 447 مليون دولار منحا و 522 مليون دولار قروضا تنموية، و861 مليون دولار قروضا استثمارية ميسرة”.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأميركية وفرت 300 مليون دولار منحا و 400 مليون دولار كقروض استثمارية ميسرة أي مجموع الدعم الذي ستوفره الولايات المتحدة الأميركية يبلغ 700 مليون دولار، فيما وفر الاتحاد الأوروبي منحا مجموعها 147 مليون دولار، إضافة إلى قروض تنموية بلغ مجموعها 522 مليون دولار، إضافة إلى قروض استثمارية ميسرة بلغ مجموعها 461 مليون دولار”.