مرايا – شارك رئيس الوزراء بشر الخصاونة في اجتماع التعاون الثلاثي الأردني – الإماراتي – المصري للتكامل الصناعي في أبو ظبي، إلى جانب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي وعدد من كبار المسؤولين الإماراتيين.

وتم خلال الاجتماع التوقيع على الاتفاق الخاص بالإعلان عن إطلاق مبادرة الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة وبحضور الخصاونة وسمو الشيخ منصور بن زايد ال نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة في الامارات ورئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي.

وتهدف المبادرة التي وقعها عن الجانب الاردني وزير الصناعة والتجارة والتموين يوسف الشمالي ووزير الصناعات المتقدمة في الإمارات سلطان الجابر ووزيرة التجارة والصناعة في مصر نيفين جامع، إلى الاستفادة من مجالات التكامل بين الإمكانات والقدرات والخبرات التي تمتلكها كل من الدول الثلاث في تطوير صناعات تنافسية ذات مستوى عالمي وإتاحة فرص صناعية ذات قيمة اقتصادية مضافة تقدر بمليارات الدولارات وتطوير المزيد من المشاريع الصناعية المشتركة في المستقبل فضلا عن التقدم نحو الاكتفاء الذاتي، وضمان الأمن الغذائي والصحي.

وأكد رئيس الوزراء أن هذا الاجتماع الثلاثي يجسد عمق الشراكة، وتميز العلاقات بين دولنا وشعوبنا المتطلعة دوما إلى مزيد من الإنجازات في مختلف مجالات التعاون الاقتصادي مشيرا إلى الرؤى في القمّة الثلاثية التي عقدها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ورئيس الإمارات الشيخ محمَّد بن زايد، في القاهرة في شهر نيسان/أبريل الماضي، والتي أظهرت تطابق وجهات النظر حول العديد من المسائل المشتركة وقضايا المنطقةِ العربية، وأكدت على أهمية العمل العربي المشترك وتنسيق الجهود؛ لمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية، وخفض تداعياتها السلبية على أوطاننا وشعوبنا.

وأكد الخصاونة أن لقاءات جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المستمرة مع السيسي، وبن زايد، والمستويات المتقدمة من تنسيق المواقف التي تثمر عنه هذه اللقاءات لَتُوجِّهُنا إلى أهميَّة العملِ التكامليِّ مع الأشقَّاءِ في مصرَ ودولةِ الإماراتِ على مختلف الصُّعُد، خصوصاً الصَّعيدينِ السِّياسيِّ والاقتصادي.

وأعرب عن ثقته بأن هذا التكامل سيكون له فوائدَ استراتيجيَّةٍ عميقةِ الأثرِ على دولِنا وشعوبنا، ومن أهمها: تحقيقُ أمنِ ومرونةِ سلاسلِ التَّزويدِ في دولِنا، بما يكفلُ استدامةَ تدفُّقِ السِّلعِ بسهولةٍ ويَحولُ دونَ أيِّ انقطاعاتٍ أو اختلالاتٍ، وما قدْ ينتجُ عن ذلكَ من تشوُّهاتٍ سعريَّةٍ، وتحفيزٍ للنموِّ والتنوُّعِ الاقتصاديِّ، وخفضِ تكاليفِ الوارداتِ، وإيجادِ وارداتٍ بديلةٍ، وسينعكسُ كلُّ ذلك في إيجادِ المزيدِ من فرصِ العملِ لمواطنينا مضيفا ان هذه الفوائدُ ستسهم في تعزيز قوةٍ ومرونةٍ اقتصاداتِنا وشعوبِنا في عالمٍ تسودُهُ التَّغيًّراتُ المتسارِعةُ، وتنضَبُ فيهِ المواردُ، ولا تغيبُ عنهُ النزاعاتُ ومؤكدا أنَّ دولَنا الثلاث قادرةٌ على تحقيقِ التَّكاملِ الصِّناعيِّ فيما بينها، مستندةً في ذلكَ إلى إرادةٍ سياسيَّةٍ عُليا دافعةٍ بقوة نحو هذا التكامل.

ولفت رئيس الوزراء إلى أن الأردن احتفل منذ 4 أيام بعيد استقلالِها السَّادسِ والسَّبعين، وكُنَّا في العام الماضي قد احتفلنا بالمئويَّة الأولى لتأسيسِ الدَّولةِ الأردنيَّة.، مؤكدا أن هذه المناسباتِ تشكل فُسحَةً لاستذكارِ الإنجازاتِ التي تحققتْ لوطنِنا، خصوصاً خلال العقديْن الأخيريْن، تحت قيادة جلالةِ الملكِ عبدِاللهِ الثَّاني ابنِ الحسين ونقطةَ انطلاقٍ متجدِّدةٍ للبناءِ عليها.

وأكد أن منْ أبرزِ ما نفخر به في الأردن اليوم، القطاعُ الصِّناعيُ، الذي يشهدُ تطوُّراً حديثاً ومتسارعاً وجاذباً للاستثمارات، وموظِّفاً للكفاءاتِ المؤهَّلة، وداعماً للاقتصادِ الوطني؛ إذ يساهم حاليَّاً فيما يقارب 24% من النَّاتج المحلِّي الإجمالي و90% من إجمالي الصَّادرات الوطنيَّة و70% من إجمالي الاستثماراتِ الأجنبيَّةِ، ويوظِّفُ نحو 21% من إجمالي القوى العاملة.

وقال إن الصِّناعات الأردنيَّة استطاعت النَّفاذَ إلى نحوِ 140 دولةً، مستندةً إلى بعضِ ثمارِ الحِراكِ الملكي الدَّولي، الذي جعلَ للأردنِّ شبكةً واسعةً من العلاقاتِ الدَّوليَّةِ الحَسَنةِ، مدعومةً بالجهودِ والتَّشريعاتِ المستندةِ إلى أفضل الممارساتِ العالميَّةِ، وإلى مراعاةِ السِّماتِ المحليَّةِ لهذا القطاع، لافتا إلى أن الحكومةُ انتهجت نهجاً تشاركيَّاً يقومُ على الحوارِ مع ممثلي الصِّناعاتِ المختلفة، ويدمجهم في عمليَّةِ تطويرِ السِّياساتِ والتَّشريعاتِ الصِّناعيَّةِ التي من شأنها تطويرُ الصِّناعاتِ الوطنيَّة وتعزيزِ تنافسيَّتها في السُّوقِ المحليَّةِ والأسواقِ التَّصديريَّة.

ولفت إلى أن الحكومةُ اتخذت العديدَ من الإجراءاتِ والقراراتِ في سبيلِ مزيدٍ من النُّهوضِ في مختلفِ القطاعاتِ الاقتصاديَّةِ، وتحسينِ إنتاجيَّتِها، ورفعِ قدرتِها التنافسيَّةِ، وتوفيرِ البُنيةِ التحتيَّةِ المناسبةِ والقُوى العامِلةِ المؤهَّلةِ لها، وقدْ كان لحرصِ الحكومةِ على إبرامِ العديدِ من الاتفاقيَّاتِ الثنائيَّةِ والمتعدِّدَة الأطراف، والانضمامِ للاتفاقيَّاتِ الدوليَّةِ الدورُ الكبيرُ في تمكينِ السِّلعِ والخدماتِ الأردنيَّةِ من الوصولِ إلى الأسواقِ العالميَّةِ، إضافةً إلى تسريعِ وتيرةِ التبادلِ التجاري مع العديدِ من دولِ العالم المختلفة.

وقال الخصاونة إن الحكومةُ تسعى إلى جذبِ مزيدٍ من الاستثماراتِ إلى الأردن، وهي تعمل وضمن السِّياقِ التشريعي، على إعداد مشروع قانونٍ جديدٍ للاستثمار، من شأنهِ تبسيطُ الإجراءاتِ المتعلِّقةِ بالاستثمارِ، وتحسينِ بيئةِ العملِ، وتوفير كلَّ ما يلزمُ لتعزيزِ قدرةِ الاستثماراتِ في المملكةِ على المنافَسَةِ الإقليميَّةِ والعالميَّة.

وأكد ان القطاعُ الصِّناعيُ الأردنيُ اثبت قدراتٍ عاليةً خلالَ فترةِ جائحة كورونا، ولعِبَ دوراً محوريَّاً في توفيرِ احتياجاتِ السُّوقِ المحليَّة لمختلفِ السِّلَعِ، في ظلِّ تباطؤ حركة الشَّحنِ الدَّوليَّة مثلما أكد اننا تَمكَّنا من تجاوزِ التَّبِعاتِ الاقتصاديَّةِ لجائحةِ كورونا التي أصابتْ العالم كُلَّهُ، ونعملُ حاليَّاً على تسريعِ مرحلةِ التَّعافي. وبدأنا بالفعل تحقيق نموٍّ اقتصاديٍّ بفعلِ السِّياساتِ الحصيفة التي اتَّبعناها، ومن أمثلة ذلك: تعافي النموِّ في حجمِ الاستثمارِ الأجنبي في الرُّبعِ الأوَّلِ من العامِ الحالي بنسبة826.7%.

وأشار رئيس الوزراء إلى أن قطاعُ الصِّناعةِ استحوذ على النَّصيبِ الأكبرِ من إجمالي الاستثماراتِ المستفيدةِ من قانون الاستثمارِ الحالي، بنسبة بلغت نحو 73% من إجمالي الاستثماراتِ المسجَّلةِ، إلى جانبِ ارتفاعِ نِسَبِ النموِّ في الصَّادراتِ الصِّناعيَّةِ بمعدَّلاتٍ قياسيَّةٍ بلغتْ نحو 205% عام 2021، و37.5% لغاية شهر شباط/فبراير من العام الحالي.

ولفت إلى إنَّ التحدِّياتِ العالميةَ على اختلافِ أنواعِها متزايدةٌ وليستْ متناقِصة، لكنْ القدراتِ والإمكانياتِ الموجودةَ في دولنا الثَّلاث متناميةٌ أيضاً، وهي قادرةٌ على مجابهةِ هذهِ التحدِّيات وهي بكلِ تأكيدٍ أقدرُ على ذلكَ إنْ انخرطتْ في بوتَقةٍ مِنَ التَّكاملِ الصِّناعي الذي من شأنهِ تمتينُ جوانبِ القوَّةِ الممِّيزةِ للقطاعِ الصِّناعي في كل من: مصرَ والإمارات والأردن، وسدِّ أيِّ ثغراتٍ في بلدٍ ما، بما هو موجودٍ من إمكاناتٍ في البلديْنِ الآخريْن مؤكدا أن ذلِكَ يُسهِم في نهايةِ المطافِ في إيجادِ شراكة اقتصاديٍة قويٍة قادرةٍ على الوقوفِ جنباً إلى جنبِ مع التَّكتُّلاتِ الاقتصاديَّةِ الأخرى.

وأكد أهمية وضع اللَبِنةَ الأولى في بُنيةٍ تكامليَّةٍ صناعيَّةٍ متينةٍ قائمةٍ على توظيفِ الفُرَصِ والإمكانياتِ الاستثماريَّةِ المُتاحةِ، من خلالِ ترجمتِها لمشاريعَ فعليَّةٍ عبرَ شراكاتٍ جديدةٍ بينَ أصحابِ الأعمالِ، وتوسيعِ مجالاتِ التَّعاونِ والاتِّفاقِ على استثماراتٍ تنعكسُ إيجاباً على التنميةِ المُستدامةِ التي ننشدُها عبرَ اقتصاداتِ دولِنا داعيا أصحابِ الأعمالِ في الأردن والإماراتِ ومصرَ للاستثمارِ في القطاعاتِ الصِّناعيَّةِ ذاتِ الاهتمامِ المُشتَرك، التي تُحقِّقُ الأمنَ الغذائيَ والدوائيَ لبلداننا، إلى جانبِ الصِّناعاتِ التي تستهدِفُ التَّنمية المُستدَامة الشَّامِلة.

وقال ” إنَّني إذ أدعو إلى سرعةِ إبرامِ شراكاتٍ فعليَّةً بين رجالِ الأعمالِ الأردنيينَ والمصريينَ والإماراتيين، لَأَرى في ذلكَ فرصةً لتنفيذِ تطبيقاتٍ عمليَّةٍ للتَّكامُلِ الصِّناعي، يساعِدُ رصدُها وتقييمُها في توفيرِ المعلوماتِ اللَّازمة المغذِّيةِ لعمليَّةِ تطويرِ نهجٍ إطاريٍّ مستنيرٍ، من شأنِهِ مأسسةُ العلاقاتِ التَّكامليَّةِ، وتكييفِ الأدواتِ التشريعيَّةِ والقانونيَّةِ الدَّاعِمة “.

من جهته أكد رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن الاتفاق الثلاثي يشكل علامة فارقة في تاريخ التعاون بين البلدان الثلاث.

ولفت إلى ضرورة الاستثمار الامثل للظروف والتحديات الاقتصادية والجيوسياسية التي يمر بها العالم وتحويلها الى فرص لتعزيز التكامل بين اقتصادات دولنا العربية.

وأشار مدبولي إلى أن وثيقة التعاون الثلاثي سترفع من سقف التوقعات لدى الشعوب العربية الأمر الذي يتطلب جهودا غير تقليدية في تنفيذ المشروعات المنبثقة عن المبادرة وسرعة إنجازها.

واستعرض رئيس مجلس الوزراء المصري ملامح التقدم الذي شهدته مصر خلال السنوات الخمس الماضية لافتا إلى أنه تم منح 50 ألف رخصة تشغيل لمصانع تنشأ لأول مرة توظف نحو 2.5 مليون عامل.

وأعلن وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في دولة الامارات سلطان الجابر أنه وبتوجيهات من سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الامارات وبهدف تسريع تحقيق أهداف هذه الشراكة بيننا، فقد تم تخصيص صندوق استثماري تديره “القابضة” الاماراتية /ADQ/ وبقيمة مبدئية قدرها 10 مليارات دولار للاستثمار في المشاريع المنبثقة عن هذه الشراكة في الخمس القطاعات المتفق عليها.

وأعرب عن ثقته بأن المبادرات والمشاريع المشتركة ستسهم في توثيق علاقات الأخوة والتعاون مع الأشقاء في كل من الأردن ومصر، كما ستسهم هذه الشراكة الصناعية التكاملية في تنويع الاقتصاد وتعزيز نموه في دولنا من خلال زيادة القيمة المضافة للمنتجات الصناعية، خاصةً في المجالات ذات الأولوية، مثل البتروكيماويات، والأدوية، والزراعة والأغذية، وغيرها.

وقال “إننا ومن خلال التكامل بين الخبرات والموارد، سنكون قادرين على إضافة قيمة صناعية وخفض تكاليف الإنتاج، وخلق المزيد من فرص العمل، وتحقيق الخير للجميع”.

وتابع: “هذه الشراكة تعكس حرصنا جميعاً على بناء شراكات تنموية بنّاءة، تعزز اقتصاداتنا الوطنية، وتسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة، وتدعم تبادل الخبرات، وتعمق التكامل بين المزايا الفريدة لكل من الدول المشاركة، وتعزز التقدم نحو الاكتفاء الذاتي، وتعزيز الأمن الغذائي والصحي، وتكامل سلاسل القيمة، وتطوير المزيد من المشاريع الصناعية المشتركة”.

وأكد الجابر أن دولة الإمارات تمتلك علاقات أخوية تاريخية على كل المستويات وفي جميع القطاعات مع الأردن ومصر لافتا إلى حرص القيادة في دولة الإمارات على تطوير هذه العلاقات بشكل مستمر، وتمكينها لتعزيز التنمية المستدامة في دولنا، ولضمان الأمن والأمان، والاستقرار والازدهار.

وبين أن القطاع الصناعي يعد عنصراً أساسياً للنمو في ضوء الإمكانات التي تمتلكها دولنا في هذا المجال “ونتطلع من خلال هذه الشراكة إلى تقديم نموذج جديد للتكامل والتعاون، وللشراكات النوعية مع الأشقاء في العالم العربي، والأصدقاء في مختلف دول العالم ” لافتا إلى رؤية سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الامارات التي تركز على الاستمرار في بناء شراكات استراتيجية طويلة المدى… تسهم في تعزيز الاستقرار، ودعم جهود النمو والتقدم.. وتحقيق الازدهار الاقتصادي والاجتماعي… وتسخير القدرات والإمكانات والموارد.. لما فيه خير ورفاه الإنسان.

وحضر الاجتماع من الجانب الاردني وزير الصناعة والتجارة والتموين يوسف الشمالي ووزير دولة لشؤون الاعلام فيصل الشبول وامين عام وزارة الصناعة والتجارة دانا الزعبي وامين عام وزارة الاستثمار زاهر القطارنة ورئيسة صندوق استثمار اموال الضمان الاجتماعي خلود السقاف والسفير الاردني في الامارات نصار الحباشنة ورئيس غرفة تجارة الاردن نائل الكباريتي ورئيس غرفة صناعة الاردن فتحي الجغبير وعدد من ممثلي القطاعات الاقتصادي.