مرايا – طرح خبير التأمينات والحماية الاجتماعية الإعلامي والحقوقي موسى الصبيحي، سؤالا حول حرمان المؤمّن عليه المُنتحِر من راتب تقاعد الوفاة.
وبين الصبيحي في إدراج له عبر الفيسبوك اليوم الاثنين، إن راتب تقاعد الوفاة يُخصّص للمؤمّن عليه وفقاً لأحكام قانون الضمان الاجتماعي في حالتين.
واشار الى ان الحالة الأولى: إذا وقعت وفاة المؤمّن عليه بسبب إصابة عمل في إطار مفهوم إصابة العمل كما عرّفها القانون، وهنا يسمى الراتب التقاعدي المستحق راتب تقاعد الوفاة الناشئة عن إصابة عمل الذي يُخصّص ويوزّع كأنصبة على ورثة المؤمّن عليه المتوَفَّى المستحقين وفقاً لجدول خاص ملحق بالقانون.
واما الحالة الثانية: إذا وقعت وفاة المؤمّن لأي سبب دون أن يكون للعمل أو المهنة التي يزاولها علاقة في ذلك، أي دون وقوع حادث للمؤمّن عليه أثناء تأديته لعمله أو بسببه أو خلال ذهابه إلى عمله أو إيابه منه ودون أن يُصاب بأي مرض مهني من الأمراض المحددة في القانون، وهنا تكون الوفاة لا علاقة لها بالعمل، ويسمى الراتب التقاعدي المستحق اصطلاحاً في قانون الضمان: “راتب تقاعد الوفاة الطبيعية”، ويُخصص للمؤمّن عليه في حال تحققت شروط استحقاقه المقررة في القانون وهي أن يتوفر له (24) اشتراكاً بالضمان من ضمنها (6) اشتراكات متصلة، وأن تحدث الوفاة وهو مشترك غير منقطع عن الضمان، ثم يوزّع على ورثته المستحقّين وفقاً لجدول خاص ملحق بالقانون.
وتابع الصبيحي، بناء على ما سبق فإنه فيما يتعلق بالمؤمّن عليه الذي يُقدِم على الانتحار ويتوفاه الله بفعل ما أقدمَ عليه، ففي الغالب الأعم تُعامل وفاتُه في الضمان وفقاً للحالة الثانية، وفي حالات نادرة جداً وربما استثنائية جداً أيضاً يمكن تكييفها على أنها إصابة عمل، أي في الحالات التي يثبت فيها بشكل قطعي أنّ لبيئة العمل أو لصاحب العمل أو لزملاء العمل دور واضح تماماً في دفعه بصورة قد تكون قاهرة إلى فعل الانتحار كأنْ يُصاب مثلاً بنوع من الاكتئاب الشديد جداً الذي قد يدفع الشخص، في حالة ضعف واستسلام ويأس بالغ، إلى عملية الانتحار، وهي حالة قد تكون صعبة الإثبات إذ لا شيء يبرّر الانتحار مهما كانت الأسباب والدوافع إلى ذلك، مع ضرورة التفرقة بين مَنْ كان مُتعمّداً ومُبيّت النية على إتيان فعل الانتحار، وبين مَنْ يقصد أو يتعمد إيذاء نفسه من خلال العمل أو أدواته أو بيئته دون أن يتقصّد أن يؤدي هذا الفعل المتعمّد إلى وفاته.
وبين بناء على ما ذُكر، فإن واقعة انتحار المؤمّن عليه المشترك بالضمان تُعامَل في الأعم الأغلب كحالة وفاة تدخل ضمن أحكام المنافع التأمينية لتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة التي تُقرّر لحالة الوفاة راتباً تقاعدياً في حال انطبقت بقية الشروط القانونية لاستحقاق هذا الراتب، وليس ضمن أحكام منافع تأمين إصابات العمل. كما أنه لم يرد في قانون الضمان الاجتماعي أي نص يحرم المؤمّن عليه المنتحِر من راتب تقاعد الوفاة، بل يتم تخصيص هذا الراتب ويوزّع كأنصبة على ورثته المستحقين.
وختم الصبيحي، أن الانتحار فعل مُجرّم قانوناً ومُحرّم شرعاً، ولا شيء يبرّر إقدام المرء عليه مهما تعرّض لظروف عصيبة ضاغطة ومهما ادلهمّت عليه الخطوب، وعلى الإنسان في مثل هذه الحالات أن يلجأ إلى الله بإلحاح وثقة طالباً كشف الغمّة عنه وتفريج الكرب.