مرايا – افتتح وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة فيصل الشبول، اليوم الثلاثاء، الاجتماعات الإعلاميَّة التي تعقدها الأمانة العامَّة لجامعة الدُّول العربيَّة / قطاع الإعلام والاتِّصال – إدارة الأمانة الفنيَّة لمجلس وزراء الإعلام العرب، ويستضيفها الأردن، بالتَّعاون والتَّنسيق مع الهيئة العربيَّة للبثّ الفضائي.
وأكد الشبول في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية، أن الموضوعات الثلاثة التي ستناقشها الاجتماعات الإعلامية سواء دور الإعلام العربي في مكافحة التطرُّف والإرهاب، أو ما يتعلَّق بالإعلام الإلكتروني، وكذلك حماية الأطفال والنَّاشئة من مخاطر بعض الألعاب الإلكترونيَّة، هي موضوعات جديرة بالبحث والنقاش.
وأعرب عن أمله بأن تُعطى الأولويَّة كذلك للبحث في مسألة رابعة، تتمحور حول تمكين الإعلام العربي أمام وسائل التَّواصل الاجتماعي، التي باتت تستحوذ على سوق الإعلان حول العالم فتحرم وسائل الإعلام من سُبل العيش الطَّبيعي الذي اعتادت عليه منذ عقود، معتبرا هذه المسألة الأكثر إلحاحا اليوم.
ولفت الشبول إلى المخاطر المُحدقة بالإعلام، وفي مقدمتها انزلاق بعض وسائل الإعلام إلى خطاب يتأثَّر بلغة العامَّة في وسائل التَّواصل الاجتماعي، متجاوزا كلَّ التَّشريعات ومواثيق الشَّرف التي تحكم خطاب الإعلام، قائلاً :”وصل الأمر بالبعض إلى ممارسة الشَّتم والتَّحقير عبر وسائل التَّواصل الاجتماعي، باعتبارها وسائل لا تخضع للتَّشريعات والمواثيق الإعلاميَّة”.
وأعاد التأكيد على أهمية الاستجابة للدَّعوات المتكررة حول العالم، وفي العالم العربي، حول محاربة الثَّالوث الخطير الذي بات يهدَّدُ مجتمعاتنا جرَّاء الاستخدام السَّلبي لوسائل التَّواصل الاجتماعي، وتأثُّر بعض وسائل الإعلام به، وهو خطاب الكراهية، وانتهاك الخصوصيَّة، والأخبار الكاذبة أو المزيَّفة.
كما أكد أهمية أن تُنجز التَّوصيات التي كُلف بها اتحاد إذاعات الدُّول العربيَّة لمواجهة الأثر السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي، وذلك للمضي قُدماً في التَّفاوض مع شركات التَّواصل الاجتماعي، سواء من حيث مضامين النَّشر أو فائت الربح لوسائل الإعلام.
وقدم وزير الدولة لشؤون الإعلام، عدداً من المقترحات لمواجهة الواقع الجديد الذي تفرضه وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها على وسائل الإعلام تضمنت، إنشاء عقدٌ ينظّم العلاقة مع شركات التَّواصل الاجتماعي وحدود مسؤوليَّاتها تجاه الرأي العام في هذه المنطقة، من جهة، وتحديد الربح الفائت على وسائل الإعلام، من جهة أخرى.
كما تضمنت المقترحات التي قدَّمها الشبول اعتماد منهاج التَّربية الإعلاميَّة للأطفال والنَّاشئة؛ بقصد التَّوعية بفوائد الاتصال الإنساني ومخاطره، عبر مختلف وسائل الإعلام والتَّواصل، ووضع مناهج دراسيَّة في الجامعات العربيَّة، ترسم الحدود بين الإعلام وتشريعاته ومواثيقه ولغته وأخلاقيَّاته، من جهة، والتَّواصل الاجتماعي وفوائده ومخاطره، من جهة أخرى، لافتاً إلى أن الأردن قطع خطوة مهمة على هذا الصَّعيد.
بدوره، قال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربيَّة / رئيس قطاع الإعلام والاتصال السَّفير أحمد رشيد خطَّابي، إن الجامعة تتطلع للخروج بتوصيات من خلال الاجتماعات الإعلامية تسهم في قطع الطريق أمام الحمولات التي تستغل شبكات التواصل الاجتماعي لنشر التطرف والكراهية، والاستغلال المريب للفضاء الرقمي للمس بالأمن العام وسكينة المواطنين ببث الإشاعات والتشويش على الأخبار الموثوقة التي يظل مصدرها الإعلام العمومي بصفة خاصة.
وأكد السفير خطّابي ضرورة تحصين الرأي العام ومحاربة الشرائح الأكثر استهدافا من ويلات التطرف، وفق مقاربة استباقية، ترتكز في جوهرها على نشر ثقافة تربوية كفيلة بحماية شبابنا في إطار من السلامة الرقمية ومناخ إعلامي آمن وسليم تمكنهم من تملك الحس النقدي واكتساب القدرة على المفاضلة لتحجيم الاختراقات المشبوهة والخطابات المبتذلة والبرمجيات المحرضة على العنف عبر الألعاب الإلكترونية والتي أثبتت الدراسات تزايد انتشارها في ظل جائحة كورونا وانعكاساتها السلبية على تنشئة الأطفال والأمن المجتمعي.
ولفت في هذا الإطار إلى المبادرة الوطنية الأردنية المتعلقة بإدراج الإعلام التربوي في المناهج الدراسية التي قرر المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب خلال اجتماعه الأخير في شهر آذار الماضي في بغداد الاستئناس بها باعتبارها تجربة نوعية جديرة بالاهتمام والدراسة.
كما أكد السفير خطّابي أهمية اعتماد منهاج تشاركي يستند على تناسق الجهود بين المؤسسات المختصة بالشأن الديني والأجهزة التشريعية والأمنية والعالمية والثقافية، بما يشكل عنصراً لإثراء السعي الجمعي نحو وضع تصور شمولي لتحديث الاستراتيجية العالمية العربية المشتركة لمكافحة الإرهاب وإحكام آليات خطتها التنفيذية وجعلها أكثر انسجاما ونجاعة في التعاطي مع المشهد الإعلامي العربي.
وأثنى في هذا الصدد على المقترح المقدم من الهيئة العربية للبث الفضائي لتخصيص جائزة سنوية لأفضل عمل تلفزيوني وإذاعي عربي يندرج ضمن مكافحة الإرهاب والتطرف، مشيداً بنشاط هذه المؤسسة العربية إلى جانب مؤسسات عربية أخرى تعد بيوت خبرة في الإعلام والاتصال العربي.
وأشار رئيس الهيئة العربية للبث الفضائي محمد العضايلة إلى أن ظاهرة الإرهاب والتطرف باتت اليوم تؤرق صانعي القرار في دولنا العربية، قائلا “فلا يُمكن الحديث عن الإرهاب كحدث عابر أو وليد الساعة لحادث عارض فقد تجاوز الإرهاب حدوده الميدانية وتعدّى خطوط مسيرته اللوجستية بين دول العالم”.
وبين أن الهيئة العربية للبث الفضائي وانطلاقا من دعوة جامعة الدول العربية، قطاع الإعلام والاتصال للتصدي لظاهرة الإرهاب والتطرف بأشكاله، للمرة الثانية، قامت باستضافة أعمال الحلقة النقاشية البحثية حول دور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وذلك سعياً من الهيئة لتسليط الضوء على أبرز سمات المعالجة العالمية لظاهرة الإرهاب في العالم العربي.
كما أشار العضايلة إلى أن الهيئة قامت وللحد من ظاهرة انتشار الألعاب الإلكترونية التي تحاكي العمليات الإرهابية، بالتقدم بمقترح تشكيل لجنة عربية تُعنى برصد ودراسة جميع الألعاب الإلكترونية التي تدعو للعنف والإرهاب، ومدى تأثيرها على الأمن المجتمعي، والتي أوصى مجلس وزراء الإعلام العرب بدورته العادية الخمسين، منوها إلى أن أول اجتماعاتها ستعقد اليوم، “سعيا للعمل على القضاء جذرياً على هذه الآفة الخطرة التي تهدد الأجيال المقبلة”.
ويشارك في الاجتماعات ممثلون عن مختلف الدول العربيَّة، وعدد من المسؤولين المعنيين في قطاع الإعلام والاتصال من جامعة الدول العربيَّة، وممثلون عن الاتحادات والهيئات العربيَّة المعنيَّة بشؤون الإعلام والاتصال.
وتناقش الاجتماعات على مدى ثلاثة أيام موضوعات، دور الإعلام العربي في مواجهة التطرف والإرهاب، ودراسة الألعاب الإلكترونية التي تدعو للعنف والإرهاب وتأثيرها على الأمن المجتمعي العربي، إضافة إلى الاجتماع السابع عشر للجنة العربية للإعلام الإلكتروني.