مرايا – نجا شخص مُدان بالاشتراك بسرقة 20 عبوة سجائر (كروز) و5 كيلو غرامات قهوة من أحد المتاجر، من الأشغال المؤقتة لمدة 648 ساعة والتي تمتد لثلاث سنوات، واستبدلتها محكمة جنايات عمَّان ببديل العقوبات السَّالبة للحرية، وهي أن يعمل دون أجر لمدة 50 ساعة في مشتل حرجي تابعة لوزارة الزراعة في إحدى المحافظات.
ويعتبر هذا القرار الأول من نوعه في الأردن لمرتكبي الجنايات بعد صدور قانون رقم 10 لسنة 2022 وهو القانون المعدل لقانون العقوبات الذي أصبح ساري المفعول اعتبارا من يوم 24 حزيران/يونيو الماضي، وأتاح للمحكمة استخدام بدائل العقوبات السَّالبة للحرية في الجنايات الواقعة على الأموال ولغير المكرِّرين بالمعنى القانوني بعد أن كانت لا تشمل سابقًا سوى الجُنح.
وأصدرت محكمة جنايات عمَّان قرارها الأربعاء، برئاسة القاضي ناصر السَّلامات وعضوية القاضي محمد الوريكات، حيث قالت في نص قرارها إنَّ الشَّخص المُدان شاب وفي مقتبل العمر ومتزوج ومعيل لأسرته ولم يثبت ارتكابه تكرار الجرائم بالمعنى القانوني، وبالنَّظر إلى تفاهة المسروقات الأمر الذي اعتبرته المحكمة من الأسباب المخفِّفة التَّقديرية والتي بناء عليها قرَّرت المحكمة تخفيض العقوبة المحكوم بها من الوضع بالأشغال المؤقتة لمدة ثلاث سنوات لتصبح الحبس لمدة سنة واحدة والرسوم محسوبة له من تاريخ إلقاء القبض عليه قبل 8 أشهر.
وبينت المحكمة أنَّه وبالنَّظر إلى الحالة الاجتماعية والمعيشية للمُدان فقد قرَّرت إبدال عقوبة الحبس المحكوم بها بإحدى بدائل العقوبات السَّالبة للحرية وذلك بإلزامه بالخدمة الاجتماعية من خلال القيام بعمل غير مدفوع الأجر لخدمة المجتمع لدى إحدى مديريات الزِّراعة للعمل في مشاتلها الحرجية ولمدة 50 ساعة.
وقرَّرت المحكمة الإفراج عن المُدان فورًا ما لم يكن موقوفًا أو مطلوبًا أو محكومًا لداع آخر، قرارا وجاهيًا وقابلًا للاستئناف أمام المحكمة المختصَّة بذلك.
وبينت المحكمة في قرارها أنَّ المُدانين الاثنين أحدهما ما زال فارا من وجه العدالة وتمت محاكمته غيابيا ووضعه بالأشغال المؤقتة لمدة 3 سنوات، قد أقدما على خلع باب محل “كشك”وسرقا 20 كروز دخان مختلفة الأنواع وكرتونة قهوة تحتوي على 5 كيلو غرامات من القهوة وهي أموال منقولة وأنَّ إرادتهما اتجهت للاستيلاء على المسروقات وهي تشكل عناصر وأركان جناية السَّرقة بالاشتراك مما قضى معه تجريمهما بالجرم المسند إليهما.
ووجدت المحكمة من خلال التَّدقيق في ملف الدعوى وتقرير الحالة الاجتماعية الذي قدَّمه الأخصائي الاجتماعي ومرفقاته، أنَّ المُدان الأول يبلغ من العمر 35 سنة ومتزوج ويعمل مزارعًا ولديه أسرة مكونة من زوجة وطفلين، ولا يشير سجله الجرمي المرفق بالدراسة الاجتماعية إلى أنَّه مكرِّر لارتكاب الجرائم بالمعنى القانوني وأبدى موافقة خطية على بدائل العقوبات السَّالبة للحرية.
وتنص المادة 404 من قانون العقوبات على أنَّه يعاقب بالأشغال الشَّاقة المؤقتة على السَّرقات التي تحصل في أماكن مقفلة مصانة الجدران مأهولة كانت أم لم تكن، ومتصلة بمكان مأهول أم لا، وذلك بنقب حائطها أو بتسلقه أو بكسر بابها أو شباكها أو بفتحهما بآلة مخصوصة أو باستعمال مفاتيح مصطنعة أو بكسر أبواب الغرف أو الصناديق الحديدية أو الخزائن المقفلة الموجودة في مكان مأهول أو غير مأهول.
وقامت المحكمة بإبلاغ المُدان الثَّاني خلال المحاكمة وعن طريق صحيفتين يوميتين واسعتي الانتشار إلا أنَّه لم يُسلِّم نفسه للسلطات القضائية، وجرت محاكمته غيابيا عن جناية السَّرقة بالاشتراك، ووضعه بالأشغال الشَّاقة المؤقتة لمدة ثلاث سنوات.
وتشير قواعد الأمم المتحدة النموذجية للتدابير غير الاحتجازية والمعروفة بقواعد طوكيو والمعتمدة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى أنَّه ينبغي للهيئة القضائية وقد توافرت لديها طائفة من التدابير غير الاحتجازية أن تراعي في قرارها حاجة الجاني إلى إعادة التأهيل وحماية المجتمع وكذلك مصلحة المجني عليه.
وقالت المحكمة في قرارها إنَّ التدابير البديلة للعقوبات السَّالبة للحرية تتضمن مجموعة من الالتزامات على مرتكب الفعل الجرمي ولكنها لا تستهدف إيلامه بل إنَّ الغرض منها هو التأهيل وإعادة الإدماج في المجتمع وإبقاء مرتكب الفعل الجرمي في محيطه الأسري متى كانت مناسبة مع جسامة الفعل المرتكب والظروف الشخصية لمرتكب الفعل الجرمي.
ويعتبر هذا الحكم أول حكم قضائي تستخدم به المحكمة بدائل العقوبات السَّالبة للحرية في الجنايات بعد أن جرى تعديل عدَّة مواد من قانون العقوبات وأصبحت سارية المفعول بعد نشرها في الجريدة الرَّسمية.
وللمحكمة في الجنايات غير الواقعة على الأشخاص عدا حالة التكرار عند استخدام الأسباب المخففة والنزول بالعقوبة إلى سنة أن تستبدل العقوبة المقضي بها وبناء على تقرير الخبرة الاجتماعية ببدائل العقوبات السَّالبة للحرية.
يشار إلى أنَّ السياسة الجنائية الحديثة في الأردن تتجه إلى بدائل العقوبات السَّالبة للحرية وذلك لمحاولة تأهيل مرتكب الجريمة ليصبح إنسانًا صالحًا في المجتمع وأن يستمر بإعالة أسرته خاصة لمن لم يكرِّر ارتكاب الجرائم، وحمايته من الاختلاط بالمجرمين ومنحه فرصة لإصلاح نفسه وفق تقارير وضوابط تمَّ تنظيمها وفقًا للقانون.