مرايا – بقلم: عمر كلاب
يمكن اختصار المشهد الوطني اليوم بعبارة بسيطة قالها صديق مستثمر في اكثر من قطاع دون تعقيد, الشارع الوطني مسكون بأسئلة حائرة, تتكشف بغضب وبعنف لفظي احيانا، فالمعادلة حتى اللحظة لم تدخل دائرة محاولات البحث عن حلول وتوافقات رغم اكتمال منظومة الاصلاح الهيكلي لمسننات الدولة، التي تتطلب جرأة في الطرح,على الحكومة ان تعلن صراحة وبجلاء ماذا لديها من حلول ومشاريع وطلبات، وعلى الشارع الوطني عبر احزابه ومؤسساته المدنية من نقابات مهنية وعمالية وقواه المجتمعية ان يكشف عمّا يريد، ويبدو لمن يتمحص اكثر ان طرفي المعادلة لا ي?شفون ما في جعبتهما, وهذا الاعتراف ان تم فهو خطوة ايجابية, فهو بداية البحث عن حلول لازمات متكلسة, وتحتاج الى مكاشفة حقيقية, اظن الحكومة ورئيسها يملكون الجرأة لكشفها.
فالحكومة تسعى لتمرير اللحظة الراهنة على امل انفراج في الاقليم او استدراج استثمارات او منح تنعكس ايجابا على المشهد الاقتصادي بعد استكمال منظومة الاصلاح الاقتصادي واقرار قانون البيئة الاستثمارية, وبالتالي يراهنان على واقع موضوعي لكنه غير سريع النتائج, القوى السياسية والمجتمعية يرددون كليشيه غير مفهوم ومعلق في الهواء، على شاكلة حكومة انقاذ وطني, او خطط مرسلة غير مضبوطة على الواقع الاقتصادي الوطني والاقليمي, مثل استخراج الثروات وكشف المخزونات النفطية التي تخفيها الحكومة او لا تملك الارادة على استخراجها, والاخط? الحديث عن مكافحة الفساد واسترداد الاموال المنهوبة, دون تحديد لحجم الفساد, بل وهل المقصود الفساد العام ام فساد الحاص من مؤسسات تتربح باسم تطوير المجتمع المدني او المجتمع الديني.
فلا توجد قراءة للازمة العميقة وتوابعها وارتدادتها الداخلية والخارجية لأن الحوار قائم على التجزأة، فالحكومة تختار ان تتحدث عن الازمة الاقليمية والحصار القسري الذي طال حدودنا, ثم العاصفة الوبائية بعد كل ذلك, وهذا فيه بعض الوجاهة ولكن ليس كلها, بالمقابل النشطاء والغاضبون والعاتبون والقوى السياسية يتحدثون عن سوء الادارة الحكومية لكثير من الملفات وانتشار الفساد وتضييع الفرص التي سنحت وعدم ترشيد الانفاق وعدم توجيه الاقتراض للمشاريع الانتاجية حتى لو تجاوزنا سقف الاقتراض المعروف، وهذا ايضا فيه بعض وجاهة ولكن ليس ك?ه, فالمعارضون ان جازت التسمية رغم اختلاف تلاوينهم المقصدية يحاورون انفسهم ويرددون بين بعضهم كل ذلك او على منابر الغضب والحوار الاعلامي, والحكومة تستمع، ولا توجد حتى اللحظة مبادرة جريئة لتجسير المسافة واللقاء الوطني العام على قاعدة » لا طرف يملك الحقيقة والحكمة » ولا فريق قادر على توليد الحلول، وعليه فإن الجميع مدعو لامتلاك الجرأة والجلوس الى طاولة الحوار.
محاولات الحوار ما زالت خجولة ومنتقاة ومجتزأة, ونحتاج الى مظلة واسعة لحوار عام وطني, تجتمع فيه القوى السياسية والنقابية والحكومية والمؤسسات المالية والاقتصادية كلها تحت سقف واحد للخروج بخارطة طريق وطنية, تكسر هذه الحدة السياسية وتخفف هذا الشحن السلبي للمجتمع.
omarkallab@yahoo.com