عمر كلاب
رغم أن بيان رئيس الوزراء كان واضحاً منذ البداية باعتماد التوقيت الصيفي بشكل ثابت طوال العام, إلا أن الجدل يعود مجدداً حول جدوى بقاء الساعة الأردنية متقدمة ثلاث ساعات على توقيت غرينتش, علما ان توقيت المملكة الأردنية الهاشمية الرسمي والمُتوافق مع خط الطول الواقعة عليه هو بزيادة ساعتين عن التوقيت العالمي المُوحد (UTC+2)، وهو المعروف محلياً باسم التوقيت الشتوي, لكن عوامل متعددة افضت الى اعتماد توقيتين في العام احدهما يبدأ مع نهاية آذار من كل عام بزيادة عقارب الساعة ستين دقيقة, والثاني مع نهاية شهر تشرين الاول ?اعادة العقارب الى حالها, وقد استقر الحال الاردني منذ سنوات على هذا الحال, رغم ان بيان رئاسة الوزراء قدّم التوقيت هذا العام شهرا كاملا, اي منذ بداية آذار وليس نهايته.
لماذا الجدل الآن؟ سؤال يبدو مشروعا, فالمجتمع الاردني اعتاد على فتح الملفات متأخرا, او في مواقيتها دون تحضير مسبق, ويبدو ان تسريبات تثبيت التوقيت مؤخرا فتحت الشهية للجدل, والمثير اكثر ان احدا لم يتصدَ لتبرير تثبيت التوقيت او بقاء الصيغة السابقة, او اعتماد التوقيت الاصلي المعروف بالتوقيت الشتوي المتوافق مع خط الطول الواقعة عليه مملكتنا الحبيبة, باستثناء محاولة خجولة من موقع طقس العرب, نُشرت في الاسبوع الاول من شهر شباط من العام الحالي, كشفت الغاية وراء تطبيق التوقيت الصيفي وهو الاستفادة أكثر من ضوء النهار خل?ل ساعات العمل في فصلي الربيع والصيف، وبالتالي يقل استهلاك الطاقة (الطاقة والإضاءة على مستوى الدولة) كون آخر عدة ساعات من النهار تُعتبر ضمن ساعات الذروة, وتُطبق العديد من دول العالم التوقيت الصيفي وخاصة تلك التي يكون ضمن مناخها أربعة فصول واضحة.
بالمقابل ثمة فوائد لاستمرار تطبيق التوقيت الشتوي حتى موعده المناسب، حيث يُوفر على المواطنين كُلفة استخدام الكهرباء بشكل كبير أثناء الصباح، حيثُ يكون موعد شروق الشمس مُناسباً للأردنيين ما يُغنيهم عن استعمال الأضواء في المنزل صباحاً، بغية الاستعداد للذهاب إلى المدارس أو الأعمال وكذلك توفير استخدام وسائل التدفئة فعادة يستمر الطقس البارد في الأردن في شهر آذار، واستخدام التوقيت الشتوي في تلك الفترة يوفر على المواطنين كُلفة استخدام وسائل التدفئة، حيثُ تزداد درجات الحرارة بشكل كبير بعد شروق الشمس، ما يؤدي إلى تقل?ص وقت استخدام وسائل التدفئة.
بدء استخدام التوقيت الصيفي مبكرا يؤدي إلى جعل ذروة حركة السير فجراً وصباحاً، وهو الوقت الامثل لازدياد خطر الصقيع والانجماد والضباب خلال أيام البرد التي تستمر حتى في شهر مارس/ آذار، مما قد يرفع من مُعدل حوادث السير، بينما تقل فرص الصقيع بشكل متسارع بعد 21 آذار, وقد يؤدي استخدام التوقيت الصيفي مبكرا إلى معاناة المواطنين واحساسهم بألم نفسي عند الاستيقاظ والتوجُه للعمل أو المدرسة في الظلام والبرد.
تحسن الطاقة الانتاجية للفرد: الاستمرار باستخدام التوقيت الشتوي حتى الموعد المناسب ينعكس إيجاباً على الطاقة الإنتاجية للفرد في العمل والطاقة الاستيعابية للطُلاب في المدارس شتاءً، فالذهاب إلى المدرسة والعمل والشمس مُشرقة يختلف عنه في الظلام.
قد يكون قرار استخدام التوقيت الصيفي قبل موعده المناسب غير عادل بحق أهالي القُرى والأماكن صاحبة الحظ الأقل، حيثُ يعتمد الكثير من سُكّان القرى على الذهاب إلى المدرسة أو العمل مشياً على الأقدام، مما يضطرهم للاستيقاظ باكر جداً، بُغية اللحاق بوظائفهم أو مدارسهم مشيا على الأقدام أو باستخدام المواصلات الشاقة لوقت طويل في البرد والظلام.
الاستمرار باستعمال التوقيت الشتوي حتى موعده المناسب سيكون مُحاكاة طبيعية لتغيُر أوقات شروق وغروب الشمس، في حين أن التخلي عنه باكرا سيكون مواجهة لظروف طبيعية فُرضت على الأردن بسبب موقعه الجُغرافي بشكل يؤثر على الحياة الاجتماعية سلباً.
هذه مقاربة بين اعتماد نظام الشتوي والصيفي, وهي تقول إن بقاء التوقيتين افضل واذا ما قررت الحكومة استمرار توقيت فالافضل هو التوقيت الطبيعي اي الشتوي, فنحن امام مزاج اردني صعب وبقاء التوقيت الصيفي سيساهم بهذا المزاج, اما وفر الطاقة فلا اظنه حقيقياً, لأن فصل الشتاء بتوقيت صيفي سيضاعف من استهلاك الطاقة.